مهمة صعبة لنانسي غيبز على قمة « تايم» في عصر الإنترنت

على خطى تالبوت في عهد كلينتون

نانسي غيبز
TT

قبل 20 سنة، اختار الرئيس بيل كلينتون ستروب تالبوت، كبير صحافي مجلة «تايم»، وصديقه، وزميله في جامعة أكسفورد، نائبا لوزير الخارجية وارين كريستوفر. كان ذلك في أول سنة لكلينتون في البيت الأبيض. ورأي كلينتون، بالإضافة إلى كريستوفر الدبلوماسي والمحامي العريق، أنه يحتاج إلى «نوع جديد»، ليس محاميا، وليس دبلوماسيا، ولكنه صحافي. وأيضا، صديق.

قضى تالبوت خمس سنوات في منصبه. ونجح، ولم ينجح نجح بسبب تخصصه: العلاقات الأميركية الروسية. كان عمل مراسلا لمجلة «تايم» في روسيا. ويجيد اللغة الروسية. وترجم مذكرات نيكيتا خروتشوف، الزعيم الروسي. ولم ينجح لأنه انتقد، خصوصا من جانب دبلوماسيين في الخارجية الأميركية بأنه، طبعا، «ليس دبلوماسيا». ولم يخل النقد من حسد، والحسد قديم عند الرجال. ولفترة، تعرقل عمله بسبب اتهامات بأنه، عندما كان مراسلا في موسكو، كانت له علاقات «مريبة» مع الاستخبارات الروسية. هو قال إنه كان يجمع الأخبار من أي مصدر عنده أخبار، ونفى تهمة التجسس نفيا قويا، ومقنعا. ولكن، قضى وقتا في مكتبه في الخارجية يدافع عن نفسه.

الآن، تالبوت مدير معهد «بروكنغز» في واشنطن، وهو ربما أهم خبير أميركي في الشؤون الروسية.

في الأسبوع الماضي، وعلى خطى تالبوت، اختار الرئيس باراك أوباما رتشارد ستينغل، مدير تحرير مجلة «تايم» التنفيذي، مساعدا لوزير الخارجية للدبلوماسية العامة. وطبعا، الوقت مبكر للحكم على صحافي آخر مرموق يحتل منصبا دبلوماسيا مرموقا. لكن، لا يبدو أن الطبيعة تغيرت: نفور دبلوماسيين من غير بني جلدتهم.

وإذا يتخصص تالبوت في روسيا، يتخصص ستينغل في أفريقيا. وإذا ترجم تالبوت مذكرات خروتشوف، ساهم ستينغل في كتابة مذكرات نيلسون مانديلا، الزعيم الجنوب أفريقي.

وربما ليس اختيار ستينغل صدفة في عهد أول رئيس أميركي أسود.

يبلغ ستينغل من العمر 58 عاما، إذ ولد في عام 1955، في نيويورك، حيث تربى. ودرس في جامعة برينستون (ولاية نيوجيرسي). ثم نال منحة «رودس» الأميركية، ليدرس في جامعة أكسفورد، بعد 10 سنوات من كلينتون وتالبوت. وانضم إلى مجلة «تايم» عام 1981، بعد عشر سنوات من تالبوت.

بالإضافة إلى تخصصه في الشؤون الأفريقية، غطى ستينغل عددا من الحملات الانتخابية. وكتب عن حملة أوباما عام 2008، ويعتقد أن الرجلين تعارفا أول مرة في ذلك الوقت. وأن أوباما اهتم بتخصص ستينغل في الشؤون الأفريقية. ربما بسبب قلة الصحافيين البيض الكبار الذين يفعلون ذلك.

في الأسبوع الماضي، مع إعلان انتقال ستينغل إلى وزارة الخارجية، أعلنت «تايم» أن كبيرة الصحافيين في المجلة، نانسي غيبز (عمرها 53 سنة) ستحل محله. وتتخصص في السياسة الأميركية، مع اهتمام خاص بدور الدين في السياسة. ومن أشهر الكتب التي كتبتها «واعظ الرؤساء: القس بيلي غراهام».

مثل سلفها، ولدت وتربت في نيويورك. ومثله، درست في جامعة برنستون (ولاية نيوجيرسي). ومثله، ومثل تالبوت وكلينتون، حصلت على منحة دراسية ودرست في جامعة أكسفورد.

وانضمت إلى «تايم» عام 1985، بعد أربع سنوات من سلفها.

ومنذ البداية، تخصصت في الكتابة التحريرية في رئاسة «تايم» (بالمقارنة مع العمل مراسلة). وصار لها أسلوب مميز، يخلط بين المعلومات الصعبة والعبارات السهلة. وحتى الآن، كتبت أكثر من 100 موضوع غلاف. وعن هذا، قالت صحيفة «شيكاغو تريبيون»: «نانسي غيبز واحدة من أفضل 10 كتاب مجلات في الولايات المتحدة». ومن الجوائز التي نالتها، جائزة أفضل كاتبة صحافية عام 2004، من جامعتها، جامعة برنستون.

ولعدة سنوات، عملت أستاذة للكتابة في نفس الجامعة.

وها هي تصير أول مديرة تحرير تنفيذية لمجلة «تايم».

في الأسبوع الماضي، بعد إعلان الخبر، كتبت صحيفة «كابيتول» الصغيرة في واشنطن (تركز على أخبار الكونغرس): «ربما ليست صدفة أن يترك ستينغل منصبه في هذا الوقت بالذات». وأشارت إلى المشكلات المالية التي تواجهها المجلة (مثل غيرها من المجلات والصحف المكتوبة في الولايات المتحدة، بسبب منافسة الإنترنت، ومجلات الإنترنت).

وقال صحافي سابق في «تايم»: «أعتقد أنه (ستينغل) يبحث عن شيء طازج يفعله. وأعتقد أن المجلة تبحث عن قيادات طازجة».

على الأقل، لم يقل «شابة»، لأن نانسي غيبز ليست شابة. ولا يعرف إذا ستساعدها تجربتها الصحافية خلال قرابة ثلاثين سنة في منافسة عصر الإنترنت، وصحافة الإنترنت.

مع قراء المجلة المطبوعة والمجلة الرقمية الذين يزيد عددهم على ثلاثة مليون شخص، ترتيب «تايم» هو العاشرة وسط المجلات الأميركية من المجلات التي تتفوق عليها «بيبول»، التي تصدرها نفس شركة «تايم».

لكن، قبل سبعة أعوام، كان توزيع «تايم» أكثر من أربعة ملايين نسخة مطبوعة. تلك سنة تولى ستينغل منصبه كمدير تحرير تنفيذي. وطبعا، ليس هذا سجل توزيع طيب. لكن، طبعا، واجه الرجل ما يواجه كل المسؤولين عن الصحف والمجلات المطبوعة.

وواجه مشكلة أخرى ذات صلة: انخفاض الإعلانات. إلى 160 مليون دولار خلال النصف الأول من هذا العام، بالمقارنة مع 300 خلال نفس الفترة عام 2006، عام تولي ستينغل منصبه الصحافي.

وأخيرا، قد يواجه الرجل وخليفته نفس التحدي: هل ينجح الصحافي وسط الدبلوماسيين؟ وهل تنجح الصحافية العريقة وسط صحافيي الإنترنت الشباب؟