الحكومة الباكستانية تستهدف الصحافيين الأجانب

إسلام آباد ليس لديها أي صحافي في الهند التي تعد عدوها الأكبر

ديكلان والش مراسل صحيفة «نيويورك تايمز» قبل طرده من باكستان عشية الانتخابات الوطنية بحجة قيامه بأنشطة «غير مقبولة» («الشرق الأوسط»)
TT

بعدما قضى الصحافي الهندي حسن عسكر عامين ونصف العام في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، أخبرته السلطات الباكستانية في شهر يونيو (حزيران) الماضي بأنه لم يعد مرحبا به في البلاد، ولذا يتعين عليه أن يحزم حقائبه ويرحل في غضون أسبوعين. وتلقى حسن، الذي كان ينتظر تجديد التأشيرة الخاصة به، إخطارا في الثالث عشر من يونيو يطلب منه مغادرة البلاد بحلول الثالث والعشرين من نفس الشهر.

وشعر الصحافي الهندي بالذعر لأنه لم يكن لديه تأشيرة في ذلك الوقت، ولذا لم يكن بإمكانه مغادرة البلاد. وبعد جهود مضنية والقيام بمحادثات هاتفية والقيام بعدة زيارات، حصل حسن على تأشيرة جديدة في الخامس والعشرين من يونيو تمكنه من البقاء في البلاد حتى التاسع والعشرين من نفس الشهر.

ويعكس هذا توتر العلاقات بين الهند وباكستان، حيث تسمح كل دولة بوجود صحافيين اثنين فقط من الجانب الأخر، ولكن الشيء الغريب هو أن باكستان ليس لديها أي صحافي في الهند التي تعد عدوها الأكبر.

وحسب التقاليد الباكستانية، يتم السماح للصحافي المنتهية ولايته بالبقاء لفترة مع الصحافي الذي يأتي بدلا منه حتى تتم عملية الانتقال بصورة سلسلة، ولكن هذا لم يحدث هذه المرة، حيث لم يتم السماح لحسن وزميلته الهندية أنيتا جوشوا بالبقاء لحين استقبال الصحافيين الجديدين. وجاء قرار ترحيل حسن بعد وقت قصير من رحيل جوشوا عقب الانتخابات (ولكن قبل تولي الحكومة الجديدة)، كما تم ترحيل صحافي «نيويورك تايمز» ديكلان والش.

وبات هناك حالة من الجدل الشديد تسيطر على وسائل الإعلام الباكستانية إزاء ما يحدث، حيث قالت صحيفة «الفجر» الباكستانية في مقالها الافتتاحي: «قصة هؤلاء الثلاثة تثبت أن باكستان تتحول بسرعة لتصبح أخطر بلدان العالم على الصحافيين، ليس هذا فحسب ولكنها أيضا أصبحت أكثر البلدان عدم ترحيبا بالصحافيين. ما الذي يمكننا أن نطلقه على هذه الدولة التي تقوم بطرد صحافيين يعملون منذ سنوات ومطالبتها إياهم بمغادرة البلاد في غضون أيام قليلة».

يذكر أن وكالة «برس ترست» الهندية وصحيفة «ذي هندو» لديهما مراسلون في إسلام آباد. وعندما قام الجيش الباكستاني بنقل الصحافية الهندية آنيتا جوشوا إلى منطقة سياتشن، قال المتحدث العسكري السابق أطهر عباس إن ذلك يعد «جزءا من حملة الجيش للانفتاح»، مضيفا «ربما نكون أكثر إيمانا بقضيتنا من الهنود».

وعندما بدأت السلطات الباكستانية في إنهاء عمل الصحافيين الهنود، قالت إحدى الصحف الباكستانية: «هل نفترض الآن أن الباكستانيين لم يعودوا واثقين من قضيتهم؟».

وقال صحافيون باكستانيون رافضون لتلك الخطوة إن غياب حكومة ديمقراطية يجعل الجيش ووكالات الاستخبارات تؤكد على أنها تعمل بنشاط أكبر، وتستغل ذلك لطرد العناصر «غير المرغوب فيها» من باكستان.

وهذا هو ما حدث بالضبط في قضية ديكلان والش، مراسل صحيفة «نيويورك تايمز»، الذي تم طرده من باكستان عشية الانتخابات الوطنية، بحجة قيامه بأنشطة «غير مقبولة». وقالت تقارير إخبارية إن والش، الذي يعمل مراسلا صحافيا في باكستان منذ شهر يناير (كانون الثاني) 2012، قد تسلم خطابا من جملتين يوم الثلاثاء الماضي يطالبه بالرحيل من باكستان، حيث قال الخطاب: «نود إخباركم بإنهاء التأشيرة الخاصة بكم في ضوء قيامكم بأنشطة غير مرغوب فيها. وبناء على ذلك، ننصحكم بمغادرة البلاد في غضون 72 ساعة».

من جانبها، بعثت جيل ابرامسون، وهي المحرر التنفيذي لصحيفة «نيويورك تايمز»، برسالة احتجاج إلى وزير الداخلية الباكستاني مالك حبيب خان تقوله فيها: «نطالبكم بكل احترام بإلغاء هذا القرار والسماح لوالش بالبقاء في باكستان». وأضافت الرسالة أن الاتهام الموجه لوالش «غامض وغير معتمد»، وأن والش لم يحصل على أي تفسير لارتكاب أي مخالفات مزعومة». ومع عودة نواز شريف لرئاسة الوزراء، طالبه الكثير من الصحافيين بإيقاف هذه الحملة التي تهدف لطرد الصحافيين من باكستان.