تغريدة واحدة يمكن أن تحرك الأسواق

بعد أن طرحت أسهم «تويتر» للاكتتاب العام

TT

بينما كان الجميع يتساءل خلال الأسبوع الماضي عن القيمة التي يساويها موقع «تويتر» بعد كشف النقاب عن طرح أسهمه للاكتتاب العام الأولي، فقد قضيت بعض الوقت في عملية حسابية مختلفة بعض الشيء. ما القيمة التي يمكن أن تساويها تغريدة واحدة منشورة على «تويتر»؟

ما رأيك إذا كانت القيمة تبلغ مليار دولار أميركي؟ أو ربما 6 مليارات دولار؟ إذا كانت التغريدة منشورة بأنامل كارل إيكان، مدير صندوق التحوط النشط، يمكن أن تكون الحجة متمثلة في وجود ذهب بين أحرف هذه التغريدة المنشورة البالغ عددها 140 حرفا.

سنسهل حساب سلسلة القيمة هذه في دقيقة واحدة. دعنا نضع شرطا أولا بأنه إذا لم تكن تاجرا يبرم صفقات يومية، فإن الكثير من الأخبار التجارية في الوقت الحالي مملة. وتدور الأخبار في نطاق وجود تدفق صفقات محدود جدا وإلغاء اندماج الشركاء القدامى ومنح أو أخذ العرض الطارئ لطرح أسهم «تويتر» في الاكتتاب العام الأولي أو إغلاق الحكومة. فليس هناك الكثير للتحدث عنه ما لم يكن الخبر يشير إلى فضيحة الليبور أو التسهيل الكمي.

ويعني ذلك أن التركيز والانتباه ينصب على الأشخاص الذين يحدثون إثارة وتهييجا أو الأشخاص المقيمين بعيدا عن مقار عملهم والذين ينشرون أخبارا تجارية وأرقاما تقفز على صفحاتهم وشاشاتهم. ويمكن أن يكون ذلك هو السبب وراء استمرار الظهور الجنوني لجيم كريمير على قناة «سي إن بي سي».

وكان ذلك هو السبب أيضا وراء إمكانية صنع إيكان - البالغ من العمر 77 عاما والذي يصل صافي ثروته إلى 20 مليار دولار أميركي - أخبارا مثيرة، عندما ينشر تغريدة أو ثلاث تغريدات بشأن شركة «أبل». وما زال بإمكان إيكان قلب الأوضاع وتحريك السوق في ضوء نطاق الانتشار الواسع الذي لا يمكن تصوره لمواقع التواصل الاجتماعي، مثل «تويتر» أو المتابعة الواسعة لقناة تلفزيونية مثل «سي إن بي سي».

وهنا يأتي التأريخ. فبالرجوع إلى شهر أغسطس (آب)، أعلن إيكان في تغريديتن منفصلتين أنه كان يشتري أسهم «أبل»، كما أنه خطط لسداد توزيعات أرباح كبيرة للمستثمرين.

ووفقا لما أوضحته مجلة «فورشن»، ففي غضون ساعة من نشره لتغريداته على «تويتر»، ارتفعت سوق رأس المال لشركة «أبل» بقيمة 17 مليار دولار أميركي.

بعدها، في يوم الاثنين الماضي، تناول إيكان وجبة العشاء مع تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، وفي صباح يوم الثلاثاء، نشر إيكان التغريدة التالية:

«تناولنا عشاء وديا في الليلة الماضية، وقد شجعته على عملية إعادة الشراء مقابل 150 مليار دولار، وقررنا الاستمرار في هذا الحوار لمدة نحو ثلاثة أسابيع».

ثم أمسك إيكان بمكبر الصوت على قناة «سي إن بي سي» في يوم الثلاثاء، واقترح مجددا أن شركة «أبل» تحتاج لاقتراض 150 مليار لتمويل عملية إعادة الشراء. يعد هذا الرقم طلبا خياليا، حيث إنه مبلغ كبير من الدين لشركة تمتلك مبلغا ضخما من النقد في متناول يدها. ولا تحتاج «أبل» - من بين الشركات الأخرى - إلى المال.

«لدي شعور قوي للغاية بشأن هذا الأمر»، وفقا لما ذكره إيكان في برنامج «Fast Money» على قناة «سي إن بي سي». وأضاف إيكان «ليس بإمكاني أن أعدكم بارتفاع الأسهم وأنهم سيقومون بإعادة الشراء. ولكن يمكنني أن أعدكم أنني لن أنصرف عن هذا الأمر حتى يسمعوا مني الكثير بخصوص هذه الصفقة». ومع إغلاق التداول بحلول مساء الثلاثاء، ارتفع رأس مال السوق الخاص بشركة «أبل» بمقدار مليار دولار أميركي، ليصل إلى 443 مليار دولار، مع الصعود الكبير بعد تغريدة إيكان التي نشرها على «تويتر» وتعليقاته على قناة «سي إن بي سي».

لقد تحققت مكاسب بقيمة 18 مليار دولار أميركي بسبب ثلاث تغريدات، أو ما يعادل 6 مليارات دولار لكل تغريدة مع منح أو أخذ القليل من الدولارات بالنسبة لمدى تأثير الظهور على قناة «سي إن بي سي».

وربما يجب على كوك تناول العشاء مع إيكان مرات أكثر وأكثر.

وعلى الرغم من أن إيكان ليس حتى من بين أكبر 20 حامل أسهم بشركة «أبل» - حيث تقدر الأرصدة بملياري دولار - فإنه يمتلك 0.5 في المائة من الشركة، ولذلك يعير الناس سمعهم وتركيزهم لمتابعة أخباره.

وذلك لأنه فيما قد يكون إيكان كبيرا في السن، فإنه يمتلك بعض الحيل الجديدة، بما في ذلك استخدام ونشر تغريدات استراتيجية لتحقيق الإثارة. لقد صار «تويتر» منحة بالنسبة لإيكان - فلديه 90,000 متابع - ويرجع السبب وراء ذلك جزئيا إلى عدم احتواء «تويتر» على فلترة وكذلك إلى عدم وجود فلترة لدى إيكان أيضا. وبالنسبة لقناة «سي إن بي سي»، فإن إمساك إيكان لمكبر الصوت بيده يعد أمرا واضح المعالم، حتى على الرغم من أن تصوراته بشأن «أبل» بعيدة الاحتمال. وبوجه عام، يتعين على قناة «سي إن بي سي» أن تتبنى في جميع أساليبها وجود المسؤولين التنفيذيين المهدئين الذين لا يفصحون عن أي شيء بشأن الأمور كافة.

يولي الناس والمؤسسات الإخبارية اهتمامهم نحو إيكان لأن الشركات التي تتجاهله - مثل «موتورولا» و«ياهو» - تفعل ذلك على نحو يجعلها عرضة للخطر. لا تشغل بالك على الإطلاق باحتمالية عدم معرفة إيكان الفارق بين هاتف «آي فون» وهاتف «غالاكسي إس4». ففي العالم الذي تقوده السوق، تعد أسعار الأسهم هي كل شيء، بل الشيء الوحيد. ولا يمتلك إيكان أسهما في شركة تسمى «أبل»، بيد أنه يمتلك قائمة أسهم تسمى AAPL.

إن إيكان يشبه العم المجنون لكل شخص والذي يجب عدم الاستماع إليه. وباستثناء ما يفعله الجميع، فغالبا ما تكتشف أنه على صواب. إن السبب وراء فوزه ونجاحه يرجع جزئيا إلى معرفته بالجانب الخارجي للعبة الإعلامية بشكل جيد للغاية. وفي ضوء استخدام منافذ الأخبار التجارية ومواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي، يمتلك إيكان القدرة على زلزلة مجلس إدارة أي مؤسسة وجعل المديرين التنفيذيين يرتعدون خوفا بسبب معرفتهم أنه سيصرح بأي شيء، وغالبا ما يفعل إيكان ذلك.

وعادة ما يوجه إيكان كل اهتمامه نحو الشركات المتعسرة، ولكن في هذه الحالة فإنه يشير ساخرا إلى أنها واحدة من أنجح الشركات في العالم - شركة أعلنت بالفعل عن خطط بقيمة 100 مليار دولار في صورة حصص الأرباح وعمليات إعادة الشراء - ويجب أن تقترض الشركة 150 مليار دولار، مع البدء في التحرك على أرض الواقع. ويعد ذلك المبلغ دينا فعليا على الرغم من امتلاك الشركة 147 مليار دولار نقدا في متناول يدها. (توجد معظم الأموال النقدية لشركة «أبل» في الخارج ولا يمكن استخدامها لإغراء المستثمرين).

ومن المحتمل أن لا تبتلع «أبل» طعم «تويتر». ولقد حلت الشركة محل «كوك» كأكثر الأسماء التجارية المعترف بها على مستوى العالم، بسلسلة مطردة من المنتجات الناجحة. والسؤال إذن: هل تحتاج الشركة فعلا إلى نصيحة إيكان؟

ومع الوضع في الاعتبار أن إيكان قد حقق - من خلال التغريدات الثلاث - نحو 18 مليار دولار في صورة قيمة سوقية لشركة «أبل»، فلا عجب إذن من تحمس الناس بشأن طرح أسهم «تويتر» للاكتتاب العام الأولي. وفي حال ثبت صواب تلك الخطوة، يمكن أن يكون «تويتر» آلة سحرية لجمع الثروات، في حين يتم تشغيل تلك الآلة غالبا من خلال هراء لا معنى له.

* خدمة «نيويورك تايمز»