تشاك تود مذيع قناة «إن بي سي»: من مهام الصحافي اليوم أن يغرد كل ساعة

أكد في حواره مع «الشرق الأوسط» أن قدرة الصحافي باتت أكبر من أي وقت مضى

تشاك تود
TT

«لو كنت أعمل في (تويتر) لعملت على تخفيف الانطباع السلبي الذي بدأ يتشكل عن الموقع. (تويتر) مليء جدا بالآراء السلبية الساخطة، لذا فإن الموقع لا يعكس رأيا متوازنا. من المهم أن تستمع إلى الإيجابي والسلبي، ولكن أن يطغى السلبي فالموقع، أي موقع، يفقد موثوقيته».. هكذا تحدث الصحافي تشاك تود مراسل قناة «إن بي سي» في البيت الأبيض، والمذيع بقناة «إم إس إن بي سي» الشهيرة ذات النزعة الليبرالية القوية، في مؤتمر حضرته «الشرق الأوسط» عقد في كلية الاتصالات والصحافة في جامعة جورج ميسن الأميركية.

يقول تود إنه قرر في البداية أنه لن يقوم بحجب أي متابع له في حسابه على «تويتر»، ولكن «بعد أن خرج النقاش عن الإطار اللائق في الحوار اضطررت لحجب عدد من الأسماء». ويضيف «من المهم أن يتم الحوار بطريقة متحضرة، وإلا ما الفائدة؟!».

وفي ما يتعلق بالجانب الصحافي، قال تود، الذي أمضى ما يقارب عقدين في عالم الصحافة، إن عالم الإعلام اليوم مختلف جدا عما شهده في اليوم. ويضيف «اليوم أتابع بحرص مواقع شهيرة مثل (buzzfeed) أو (politico) لم تكن موجودة حتى قبل سنة واحدة. ماذا يعني هذا؟ يعني أننا نعيش في عالم اليوم حيث أصبح من السهولة البالغة أن يقوم صحافيون بابتكار موقع أو صحيفة إلكترونية يصبح لها تأثير كبير جدا خلال وقت قصير. باتت قدرة الصحافي أكبر من أي وقت مضى، ولكن لا ننسى أن هذا يتطلب مهارات صحافية مميزة».

وتطرق تود إلى تغير معايير العمل الصحافي خلال الأعوام الأخيرة، حيث أشار إلى أنه «كان على الصحافي سابقا أن يعرف كيف يكتب تقريره أو مقاله، ولكن الآن لن نستطيع توظيف أحد في محطة الـ(إن بي سي) إلا إذا كانت يتقن مهارات تحريرية وتلفزيونية وإلكترونية متعددة»، ويضيف ساخرا «و يجب أن يقوم بالتغريد كل ساعة!».

ووجه الصحافي الأميركي انتقادات حادة للإعلام الأميركي خصوصا المتمركز في المدن الكبيرة مثل نيويورك وواشنطن، بسبب تدميره للإعلام المحلي نتيجة تركيزها الدائم على الأخبار الكبيرة، الأمر الذي دفع الكثير من الصحافيين «للسعي لأن يكونوا صحافيين على مستوى قومي». وأضاف «الصحافية المحلية تعاني بشدة بسبب هذه الموجة الجديدة. لا توجد صحف محلية في المدن الصغيرة تغطي بشكل دقيق ما يحدث هناك. كلما غابت الصحافة الجادة انتشر الفساد، وفي هذه المدن لا يوجد إلا مراسل واحد يعمل في إحدى الصحف الكبيرة. بالتأكيد فإن الأعمال غير القانونية ستزدهر. أقول دائما إن الكونغرس هو أقل المؤسسات الحكومية الأميركية فسادا، والسبب لأن هناك مئات الصحافيين الذين يتابعون أخباره يوما بيوم ويسلطون الضوء عليه بشكل مستمر، لذا من الصعب أن ترتكب فيه الأعمال المشبوهة. لكن في المقاطعات والمدن المختلفة فإن الصحافيين غائبون، والرقابة غائبة».

وتحدث تود عن عملية الاستقطاب الذي يعيشها الإعلام الأميركي بين الجمهوريين والديمقراطيين، الليبراليين والمحافظين، مشيرا إلى أن المشكلة تنحصر «في أن هذا الوضع تحول إلى النمط الناجح على المستوى المادي والجماهيري، وهذا لم يكن الحال قبل سنوات قليلة». وأضاف «من الصعب أن تكسر هذا النمط الناجح لأن الكل يحاول تقليده بحثا عن المال والشهرة. أنا لا أرى أي نموذج جديد مختلف في الأفق يغير من هذه المعادلة. نرى الشيء نفسه في الجانب السياسي، فالأكثر تشددا يحصل على أكبر قدر من الشعبية والجماهيرية، أما الشخصيات في الوسط فلا تحظى آراؤها ومواقفها بالاهتمام الكافي. ولهذا السبب يتشدد السياسيون. الحقيقة أن الساسة يستغلون مثل هذا الاستقطاب الإعلامي الحاد من أجل مكاسبهم الخاصة. الإعلام ذو البعدين هو الإعلام صاحب السيطرة الآن، بل وتأكيد هذا أمر ليس جيدا للناس».

وقال تود إن المفارقة اليوم هي أن الجماهير هي الأكثر قدرة على الحصول المعلومات، لكنها الأكثر استقطابا وتمسكا بآرائها، معللا السبب في أن هذا الانفتاح الإعلامي منحها الفرصة لكي تحصل على المجموعات التي تتفق وتدعم مواقفها بشكل مسبوق. ويضيف ساخرا «في السابق، المهووسون بنظرية المؤامرة مثلا كانوا متفرقين، لكنهم الآن قادرون على تجميع أنفسهم. رغم الانفتاح المعلوماتي فأكثر المتابعين أصبحوا راغبين في الانتماء لفريق أو مجموعة تعزز مواقفهم».

وبخصوص إغلاق الحكومة الأميركية الأخير بسبب الخلافات على سقف الدين العام قال تود «الأسابيع الماضية هي أسوأ أسابيع مسيرتي المهنية، بسبب التردي الشديد الذي وصلت له أحوال السياسة في واشنطن».