شركة نشر رقمية صغيرة تعيد إصدار النسخة الورقية من «نيوزويك» مجددا

دفعة معنوية كبيرة عقب تزايد الزيارات لموقع المجلة على الإنترنت ثلاثة أضعاف

TT

استسلمت عائلة غراهام مالكة دار النشر العتيدة، وباعت المجلة مقابل دولار واحد. وأنفق إمبراطور الإعلام باري ديلر عشرات الملايين من الدولارات في محاولة لإعادة العلامة التجارية المعروفة إلى سابق عهدها، إلا أن المحاول باءت بالفشل، حتى إن رئيسة التحرير اللامعة تينا براون لم تتمكن من الحيلولة دون وقف طباعتها.

وعلى الرغم من إخفاق العمالقة، فإن شركة «آي بي تي ميديا»، شركة نشر رقمي صغيرة، ترى أن الطريق ممهد أمام عودة «نيوزويك»، المجلة الإخبارية الأسبوعية المتعثرة التي اشترتها مقابل مبلغ زهيد الصيف الماضي.

ظن إيتين يوزاك (30 عاما) وجوناثان ديفيز (31 عاما) مؤسسا شركة «آي بي تي» أن بمقدورهما إعادة «نيوزويك» مجددا كمجلة قوية ومربحة على الإنترنت فقط. لكن تضاعف الزيارات إلى موقع المجلة على الإنترنت إلى ثلاثة أضعاف، دفعهم للتخطيط لإعادة النسخة الورقية مجددا. ويتوقع صدور النسخ الورقية من المجلة يوم الجمعة. وظهر عنوان عريض على أحد الإعلانات على الموقع تقول: «(نيوزويك) عادت من الموت».

وصرح جيم إيمبوكو، رئيس تحرير مجلة «نيوزويك»، خلال مقابلة أجريت معه أخيرا في مقر الشركة في جنوب مانهاتن: «لم تكن لدينا النية لإعادتها كنسخة ورقية».

لكن يوزاك أشار إلى أن القراء هم من شجعوهم على إعادة النسخة الورقية، وقال: «سمعت أنها لن تتمكن من الاستمرار، لكني فكرت في الأمر، وتوصلت إلى أننا سنتمكن من بيع بعض النسخ تفوق تكلفة طباعتها».

لكن طموحات طباعة «نيوزويك» لا تزال متواضعة، حيث تخطط الشركة لطباعة 70 ألف نسخة (بلغت نسبة التوزيع في ذروة تألقها قبل عشر سنوات، 3.3 مليون نسخة)، وبيع النسخة الواحدة مقابل 7.99 دولار، وسوف يتوفر المحتوى الإلكتروني على الموقع بسعر أقل.

وأضاف يوزاك: «ستدفع لشراء النسخة الورقية إن كنت لا ترغب في قراءة أي شيء على خلفية الشاشة. فسوف تكون منتجا ترفيهيا». ويؤكد ستيفن كوهين رئيس تحرير البريد الإخباري في شركة «ميديا إنداستري»، أن قرار «نيوزويك» بإعادة طبع المجلة تعطي انطباعا جيدا عن العمل.

وقال كوهين: «المجلة المطبوعة نوع من الدعامات التي تعطي الشبكة مظهرا أفضل. فظهور الكثير المطبوع من (نيوزويك) يحظى بكثير من المميزات. فسوف تكون أحد ضيوف برنامج (واجه الصحافة)، أضف إلى ذلك ولع السياسيين والمشاهير بالظهور على أغلفة المجلات في أكشاك الصحف. وقد قلصوا التكلفة بشكل كبير. ولذا ماذا عليهم أن يخسروا؟».

لكن عودة «نيوزويك» إلى الطبع مجددا تأتي في لحظة مشحونة تواجهها هذه الصناعة، فقد استغنت شركة «تايم» (الشركة الأم لمجلة «تايم»، المنافسة العتيدة لمجلة «نيوزويك»، ومجلتي «سبورتس إلاستراتد» و«فورشن»)، عن نحو 500 شخص لخفض النفقات.

كانت صناعة النشر قد شهدت انخفاض مبيعات المجلات بنسبة 11 في المائة في النصف الثاني من عام 2013 عن الفترة ذاتها في العام السابق. وانخفضت نسبة الاشتراكات المدفوعة بنسبة 1.2 في المائة، بحسب أحدث بيانات تحالف التدقيق الإعلامي. وقال كين دوكتور، المحلل الإعلامي في شركة «نيوز أونوميكس»: «إنهم يسيرون في طريق صعب بالفعل لإعادة إحياء العلامة التجارية التي توارت عن الأنظار. إنهم يبحثون عن الأسعار العالية في سوق يواجهون فيها منافسين كبارا».

لا تحمل «نيوزويك» اليوم شبها كبيرا بالمجلة في ذروة تألقها. كانت المجلة قد أسست في عام 1933 على يد أفراد عائلات أستور وميلون. ثم استحوذت شركة «واشنطن بوست»، التي يملكها عائلة غراهام على مجلة «نيوزويك» عام 1961، شهدت المجلة بعدها انتعاشة لعشر سنوات، لكنها شهدت حالة من التعثر في حقبة الإنترنت نظرا لتضاؤل حجم القراءة ومبيعات الإعلانات.

وفي عام 2010 اشترى رجل الأعمال سيدني هارمان «نيوزويك» مقابل دولار واحد، وديون تقدر بنحو 40 مليون دولار. كون هارمان شراكة مع ديلر واستثمرا بكثافة في المجلة، في محاولة فاشلة لإعادة إحيائها مرة أخرى، وقاما بتكليف براون بالمسؤولية، حيث قامت بالاستعانة بكتّاب معروفين، وبعثت بهم في جولات حول العالم.

مالكا «نيوزويك» الحاليان هما الشابان يوزاك وديفيز اللذان التقيا بعد الجامعة في مخيم الزمالة المسيحي. وإنشاء موقع «إنترناشيونال بيزنس تايم» في عام 2006، وقاموا بجمع المال من العائلة والأصدقاء. وقام يوزاك ببيع الإعلانات، بينما كان ديفيز يتهم بأمر البرمجة وكتابة المقالات. وتحاشا المالكان الجديدان الاستعانة بمستثمرين أجانب، وأدارا سفينة توشك على الغرق وقاموا بتوسيع الشركة ببطء. وبحلول عام 2010 كانت «آي بي تي» تضم عشرة موظفين، وتدر دخلا يقدر بنحو مليوني دولار.

في تلك الفترة، بدأت «آي بي تي» تستخدم المقاييس الجديدة للمساعدة في تقديم التغطية الخبرية التي ترضي اهتمام القراء.

وقد أسهم هذا النوع من التحليل في زيادة عدد مرات الزيارة للموقع بنحو 1200 في المائة في عام 2010. واليوم تضم «آي بي تي» 240 موظفا، ويتابعها نحو 40 مليون شخص شهريا عبر عشر علامات تجارية. وأشار ديفيز إلى أن الشركة الخاصة نشرت عائدات تقدر بنحو 21 مليون دولار العام الماضي، من الإعلانات الرقمية، وتمكنت من تحقيق ربح بنحو 500 ألف دولار.

احتل رئيس تحرير «نيوزويك» الحالي، إيمبوكو، كثيرا من المناصب التحريرية الكبيرة في صحف «نيويورك تايمز» و«بورتفوليو» ووكالة «رويترز». وستضم المجلة عددا من الكتاب المعروفين مثل كيرت إيكنوالد، المراسل المالي السابق، وكتابا مشاركين مثل ماثيو كوبر المراسل السابق في مجلة «تايم»، ولم يجرِ الاحتفاظ سوى بخمسة موظفين فقط من إدارة براون السابقة، وغالبية الصحافيين الحاليين هم من الشباب نوعا ما، وليسوا من الأسماء اللامعة.

وعندما اشترت «آي بي تي» الـ«نيوزويك»، خضع ديفيز لانتقادات شديدة لروابطهما الدينية، وقد نشر مقال على موقع «كريستيان توداي» يربط مالكي المجلة بالقس الكوري ديفيد جانغ، ووصف غانغ بأنه شخصية مسيحية يهودية مثيرة للجدل.

وأبدى ديفيز ويوزاك انزعاجهما من تحول دينهما إلى قضية جدلية. وأشار الرجلان إلى أنهما يحملان إعجابا بشخصية جانغ واعترفوا بأن زوجة ديفيز تعمل في الجامعة التي أنشأها جانغ. وأنه لا يحمل أي أسهم مالية أو تأثيرا على «آي بي تي»، وأن الاعتقاد بأنهم يرونه مسيحيا ليس سوى محض افتراء. ويقول يوزاك: «ديني أمر يخصني وحدي، أما العمل فيمكننا النقاش بشأنه. لأن رئاسة التحرير مستقلة مائة في المائة». وأشار إيمبوكو إلى أنه لم يلحظ أي أجندة دينية أو محافظة.

وقال: «منذ أن وطئت قدماي المجلة لم أشهد أي قدر من التدخل، عدا التدخلات التي تتشابه مع ما لقيته في أماكن العمل الأخرى. وقد كتبنا عن الإلحاد أكثر من أي ديانة أخرى». وفي الوقت الذي ستطرح فيه «نيوزويك» في أكشاك البيع، بدأت مجلة «تايم» في إعادة تصميم موقعها ومواقع الهواتف الجوالة ليلة الأربعاء، في محاولة للسير على خطوات «سي إن إن» و«هافينغتون بوست» و«نيويورك تايمز».

وسيقدم الموقع الجديد وحدات إعلانية محلية ضخمة تظهر أثناء تصفح القرار لمقالات الرأي. ومن المتوقع أن يتم تحديث بعشر وحدات العرض التقليدية بإعلانات لسيتي، وسحب العناصر من وحدة الإعلان الأصغر على الجانب الأيسر إلى صندوق ضخم في منتصف الصفحة. ويقول جي هارتمان، المسؤول في «تايم»: «نحن نعيد التفكير في الطريقة التي ينبغي أن تبدو عليها الإعلانات. وسوف تقوم شركات (سيتي) و(سيمنز) و(آدفيل) بتحمل تكلفة إعادة تصميم الموقع».