غضب «جمهوري» بسبب اختيار كولبير خلفا لديفيد ليترمان

جدل حول موهبته العالية في السخرية من المؤسسة السياسية الأميركية

المعلق الساخر ستيفن كولبير(«الشرق الأوسط»)
TT

من المعروف لمتابعي المعلق الساخر ديفيد ليترمان ميوله الليبرالية الواضحة التي لا يخيفها الأمر الذي جعل من المحافظين والجمهوريين الأكثر عرضة لنقده وتعليقاته الساخرة في حلقات برنامجه الذي قدمه لسنوات طويلة.

لكن المثير في الأمر أن رحيل لتيرمان الذي أعلن أنه سيجري العام القادم لم يسعد المحافظين، ورجال السياسة الجمهوريين، بل ربما على العكس من ذلك، الشخص الذي قرر أن يخلفه هو المعلق الساخر ستيفن كولبير الذي حقق شهرته من خلال برنامجه الشهير «تقرير كولبير». في برنامجه هذا لا يقوم كولبير إلا بشيء واحد وهو التهكم الساخر وأحيانا الجارح للجمهوريين والمحافظين معرضا بقيمهم وخطابهم الديني والسياسي بشكل متواصل.

ففي هذا البرنامج يظهر كولبير بشخصية الأميركي المحافظ والشديد الوطنية والكاره لليبراليين والتطور العلمي والمحتقر لكل الأمم الأخرى - خصوصا فرنسا - والذي لا يعرف في العالم سوى الولايات المتحدة. هذا الشخصية تلبسها كولبير طوال الوقت خلال حلقات البرنامج الذي يحظى بمشاهدة مترفعة حتى بدا للبعض صعبا فصلها عن شخصيته الحقيقية.

هذا ما دعا المعلق الجمهوري الشهير بيل أورايلي ليقول في برنامجه على قناة «فوكس» إن «اختيار كولبير كان خطأ من محطة (سي بي إس) لأنه لن يقوم باجتذاب الجمهوريين الذين سينفرون من نزعته اليسارية العالية والمستفزة وسيذهبون لمتابعة برامج أخرى».

وبرر أورايلي موقفه بالقول إنه من الصعب على كولبير اليساري أن يجد المعجبين المحافظين، وأضاف بأنه «لا يفهم سبب غضب الإعلام الليبرالي من تصريحاته لأنه لم يقل إلا الحقيقة». ويضيف «كولبير اكتسب رزقه بالتهكم على اليمين ولديه المادة لذلك ولكن ليست كافية للتفوق على جيمي فالون أو جيمي كاميل الأذكياء. يجب أن يكون أفضل منهم ليتجاوزهم بمعدل المشاهدة».

على الرغم من أن أورايلي يوصف بالشديد المحافظة سياسيا إلا أنه يضع يده على نقطة مهمة، كما أشار بعض المعلقين. فكولبير يختلف عن بقية المعلقين الساخرين الذين لا يعتبرون القضايا السياسية إلا جانبا واحدا من برامجهم التي تتناول الفن والرياضة والميديا وجوانب أخرى تجذب عددا أكبر من المشاهدين الذين لا ينجذبون لمواضيع السياسة ولكنهم متابعون لأسرار هوليوود وفضائح نجومها .

من جانبه وصف المعلق المحافظ الشهير راش لميبو اختيار محطة «سي بي إس» كولبير كبديل لديفيد ليترمان بأنه «إعلان حرب من قبل المحطة على أميركا. لن تكون هناك كوميديا وهي تعني الإساءة للتقاليد الأميركية والقيم المحافظة. هذا الاختيار سيعيد تعريف ما هو مضحك وما هو كوميدي. لقد فجروا الصيغة الكوميدية التي تبدأ عند الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا تحت ذريعة أن العالم تغير والناس لا يريدون النمط الكوميدي الذي قدمه كارسون في السابق ولا حتى ليترمان». هذا الغضب الجمهوري الشديد من اختيار كولبير يكشف عند مدى النقمة الشديدة عليه بين مناصري التيار اليميني الذي لم يتوقف المذيع من الهجوم عليه منذ أن عرف اسمه وذاع صيته. فليبرمان على الرغم من ليبراليته إلا أن برنامجه يحوي مواضيع متعددة ولم يعرف نفسه كيساري أو ليبرالي متصلب، هذا على العكس من كولبير الذي يبدو واضحا أن اهتمامه بالسياسة وقضاياها الساخنة يطغى على شخصيته أكثر من أي شيء آخر. بالإضافة إلى أن شخصية كولبير استقطابية ولا تعرف الحلول الوسط حيث من المتوقع أن يكون أكثر معلق مسيس في تاريخ نجوم برامج التوك شو، كما يشير المعلقون. ولكن من جهة أخرى، هناك من يرى أن اختيار كولبير يعد اختيارا موفقا وجاء في وقته، بسبب موهبته العالية بالسخرية من المؤسسة السياسية الأميركية التي سيشن عليها حربا أكبر وأكثر شراسة من غيره في برنامجه الجديد الذي سيتابعه الملايين خمس مرات في الأسبوع الأمر الذي سيرعب الساسة في الكونغرس أو البيت الأبيض الذين سيكون عرضة لسهامه التي لا تعرف الرحمة.