جين ماير لـ «الشرق الأوسط»: غطيت سقوط جدار برلين وتفجير ثكنات المارينز في بيروت وحرب الخليج

من محررة في صحيفة أسبوعية صغيرة في «فيرمونت» إحدى أصغر الولايات الأميركية إلى كبيرة محرري «نيويوركر»

جين ماير
TT

التحقت جين ماير خبيرة الصحافة الاستقصائية بالعمل كاتبة في «نيويوركر» في مارس (آذار) عام 1995، وتكتب الصحافية المقيمة في واشنطن العاصمة في الشؤون السياسية في المجلة، وكانت مسؤولة عن تغطية الحرب على الإرهاب، وكتبت كثيرا من القصص من على الخط الأمامي للنزاعات في أفغانستان وباكستان والعراق، وحرب الخليج، وكانت شاهدا بقلمها وكاميرتها على سقوط جدار برلين. وقبل انضمامها إلى «نيويوركر» عملت ماير لمدة 12 سنة مراسلة لـ«وول ستريت جورنال». وفي عام 1984، أصبحت أول امرأة تعينها الجريدة مراسلة في البيت الأبيض. كما عملت أيضا مراسلة حرب وشؤون خارجية في الجريدة ذاتها. ومن بين المواضيع التي قامت بتغطيتها إعلاميا، تفجير الثكنات الأميركية في بيروت، وحرب الخليج، وسقوط سور برلين، والأيام الأخيرة من عهد الشيوعية في الاتحاد السوفياتي.

وحازت ماير جائزة جون تشانسلور للتميُّز في الصحافة، وزمالة مؤسسة غوغنهايم عام 2008، وجائزة إدوارد فاينتال من جامعة جورج تاون، وجائزة رايدن أور للكتاب. وكانت مرشحة للحصول على عدة جوائز من بينها جائزة «لوس أنجليس تايمز» للكتاب في عام 2008. كما رشحتها «وول ستريت جورنال» مرتين للحصول على جائزة بوليتزر في كتابة المواضيع المطولة. وتكتب ماير في عدد من الإصدارات الأخرى منها «واشنطن بوست»، «لوس أنجليس تايمز»، «ذا نيويورك ريفيو أوف بوكس». وجاء الحوار مع جين ماير كبيرة محرري «نيويوركر» على النحو التالي:

* كيف بدأت عملك في الصحافة؟

- عندما كنت فتاة صغيرة كنت أرغب كثيرا أن أكون صحافية، كنت أصنع تصاريح صحافية من الكروت الشخصية التي يتركها العمال في منزلنا. وكانت تراودني أحلام في يقظتي بأنني في يوم ما سوف أغطي أحداثا مهمة، ولكن أول عمل تمكنت من الالتحاق به في الصحافة كان في صحيفة أسبوعية صغيرة في واحدة من أصغر الولايات، فيرمونت. كنت أكتب أثناء عملي الصيفي هناك أخبارا محلية صغيرة وساعدت على إخراج الصحيفة من البداية إلى النهاية ثم توصيلها إلى المنازل في سيارة جيب قديمة.

* متى تأكدت أنك اخترت المهنة المناسبة؟

- ربما تكون من أكثر اللحظات المؤثرة والمؤكِّدة بالنسبة لي عندما شاهدت سقوط سور برلين. كنت أعمل مراسلة لصحيفة «وول ستريت جورنال» وأكتب مواضيع لـ«نيويورك سيتي»، وكنت أتابع بفضول المعارضة العلنية المتزايدة للدولة الشيوعية في ألمانيا الشرقية. فكرت في أن الأمر جدير بالبحث، فسافرت إلى برلين. وبعد ثلاثة أيام، كنت أقف حرفيا أمام نقطة تفتيش تشارلي عند سور برلين عندما تم السماح لأول مجموعة من سكان ألمانيا الشرقية بالعبور. إن وقوع مثل هذه الأحداث التاريخية أمام ناظريك، والمشاركة في نقل الخبر شيء مذهل.

* ما أول موضوع تكتبينه؟ ومتى نُشر؟ وما أكثر عمل تستمتعين به: أن تكوني مراسلة حرب أم كاتبة في السياسة الخارجية أم صحافية تقارير استقصائية؟

- من الصعب تذكر أول موضوع، فقد كتبت الكثير من المواضيع القصيرة التي لا أذكرها في عملي. ومن حسن الحظ أنه لم يقرأها سوى عدد قليل للغاية لأنها لم تكن جيدة جدا، وكان علي تعلم الكثير في مساري المهني. كنت أغطي أخبار الشرطة والجرائم والحرائق وحوادث السيارات. وقد تعلمت الكثير بشأن نقل الحقائق كما هي، والتحقق من كل شيء جيدا.

في الفترة الحالية، أفضل البحث بعمق في الأخبار في محاولة لنقل ما وراء العناوين، حيث أعتقد أنه في عالم تويتر، يحتاج الناس بالفعل إلى أكثر مما يحصلون عليه. وغالبا ما تكون أكثر المواضيع التي تثير اهتمامي من النوع الذي يحمل مساءلة للأشخاص في السلطة. أعتقد أن هذا من أهم الأدوار الأساسية التي تقوم بها الصحافة. فمسؤوليتنا أن نقول الحق مع أهل السلطة، وأنا أتخذها على محمل الجدية.

* يعد كتابك «الجانب المظلم» من أبرز الكتب التي تناولت الحرب على الإرهاب، وكان له صدى كبير في العالم العربي. عندما ذكرت أن ثلث معتقلي غوانتانامو مسجونون بطريق الخطأ، هل كان هناك رد فعل عكسي أو غضب من جهة السلطات الأميركية؟

- نعم. كان كثير من المعتقلين الذين حاولت نقل قصصهم غير مقبولين في أميركا في ذلك الوقت، لذلك كانت معركة شاقة أن أجعل أي شخص يهتم بشأنهم. ولكن كانت مجلتي «نيويوركر» استثنائية. يقدم مسؤولو التحرير لدينا نموذجا ذهبيا للصحافة؛ إذ ساعدونا على الحديث عن الموضوع بلا خوف. على سبيل المثال عندما طلبت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أن نحذف أسماء الضباط غير السريين، وقيل إنهم قد يتعرضون للخطر إذا تم الكشف عن أعمالهم أمام العالم، صممت المجلة على نشر الأسماء على أي حال، لأن مسؤولي التحرير شعروا كما شعرت بأنه من المهم في دولة ديمقراطية إخضاع من يتولون السلطة للمساءلة.

* وهل أثرت الاكتشافات التي توصلت إليها على قناعاتك في السياسة الخارجية فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب؟

- نعم.. كانت دهشتي كبيرة لأن أجد مسؤولي حكومتنا ينحدرون إلى هذا المستوى لتنفيذ برنامج تعذيب. لم أكن أتوقع منهم انتهاك القيم الأميركية بهذه الوحشية. في الوقت ذاته، أثار إعجابي وشد من عزمي الشجاعة التي أبداها الكثير من المعارضين، داخل وخارج الحكومة، من أصحاب القناعات السياسية المختلفة، الذين خاضوا مخاطرات كثيرة للإفصاح عن الحقيقة. لذلك كانت التجربة كاشفة للحقيقة وفي الوقت نفسه تزيدنا تأكيدا.

* هل كان لكتابك «الجانب المظلم» أثر على المعاملة التي كنت تلقينها في الأوساط السياسية أو الصحافية؟

- ظننت أنني سأكون مكروهة في بعض أوساط الصقور المتشددين، ولكن في الحقيقة في أميركا تزيد نسبة الأشخاص الذي يعارضون التعذيب والوحشية كثيرا عمن يؤيدونها، وذلك في صفوف الجمهوريين والديمقراطيين معا. لذلك لم يكن هناك ما يضرني سياسيا بالمعنى التقليدي.

أحاول عندما أكتب ألا أفكر في التداعيات السياسية. أحاول أن أكتب للقراء وليكن ما يكون بعد ذلك.

* حصلت على كثير من الجوائز الرفيعة عن أعمالك، ولكن ما أكثر جائزة تفتخرين بها؟

- أشعر بالفخر بها جميعا. لا أستطيع أن أحدد ما هي أكثر جائزة تبعث على الفخر، ولكن من أكثر اللحظات التي شعرت فيها بالفخر هي تلك الليلة التي لم أحصل فيها على جائزة رغم وصولي إلى قائمة المرشحين النهائيين، وجاءت إلي ابنتي التي كانت في سن المراهقة حينها وقالت لي: «أمي أنا أحبك، وأجد أنك الأفضل». كان فخري بتربيتي لابنة ذات قلب كبير وعطوف أكبر من شيء آخر.

* أنت أول سيدة تعمل مراسلة لـ«وول ستريت جورنال» في البيت الأبيض؟ هل هناك سبب ما وراء كل هذا التأخير في تعيين امرأة في هذه المهمة؟

- نعم، يرجع السبب إلى بداية الثمانينات، عندما كانت هناك تفرقة بين الجنسيين. وحتى عندما كنت أغطي أخبار البيت الأبيض لـ«وول ستريت جورنال»، قيل لي إنني لا أستطيع تغطية اجتماعات القمة التي تناقش الحد من انتشار الأسلحة، لأن الاعتقاد السائد في ذلك الوقت هو المرأة لا يمكنها استيعاب تفاصيل الرياضيات والعلوم التي تتعلق بالصواريخ النووية. كان ما يقال في ذلك الحين «إن المرأة لا تستطيع أن تحسب وزن الرؤوس النووية». لذلك عندما كان هناك اجتماع قمة مهم مع الاتحاد السوفياتي بشأن الحد من انتشار السلاح، طُلب مني المكوث في المنزل والكتابة عن مصمم الأزياء المفضل لنانسي ريغان.

* هل واجهت معوقات أو صعوبات إضافية كمحررة تحقيقات بسبب كونك امرأة، أو صعب ذلك مهمتك في بعض المواقف؟

- لا أدري بالفعل إذا كان الأمر سيكون مختلفا، لذلك من الصعب علي أن أحدد. ولكني أفترض أنه ليس سيئا أن يتعرض المرء للاستخفاف، وغالبا ما تتعرض السيدات لذلك.

* مر علينا الآن أكثر من ثلاثة أعوام منذ اندلاع الحرب في سوريا، وتتصدر أخبار الحرب الصفحات الأولى وعناوين الأخبار منذ البداية: فهل يمكن أن تصاب وسائل الإعلام بالملل؟

- لم تعد القضية الخطيرة في هذه البلاد هي إصابة الإعلام بالملل، بل انتشار الشعور بالملل من الحرب. أرى أن الشعب الأميركي يرغب كثيرا في أن تركز حكومتنا على مشكلاتنا الداخلية وأن تقلل التركيز على الصراعات في الخارج. لقد كان العقد الماضي عصيبا بداية من أحداث 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، لذلك على الرغم من كرمهم وتعاطفهم مع بقية العالم أصبح كثيرون في الشعب الأميركي يشعرون بالملل.

* كيف تصنفين تغطية «ذا نيويوركر» لأحداث الربيع العربي؟

- لدينا عدد كبير من المراسلين والمحررين الأكثر مهارة ووعيا في العمل الصحافي اليوم، وأرى أننا نعرض مختلف وجهات النظر مما يضفي ثراء استثنائيا على تقاريرنا.

* تتسم تغطية أخبار القضية الفلسطينية بالتحيز الملحوظ، سواء التحيز لإسرائيل في الغرب أو لفلسطين في العالم العربي.. فهل توافقين على هذه المقولة؟ وماذا يمكن فعله لمعالجة ذلك؟

- هذا موضوع ليست لدي خبرة كبيرة به، لذلك لا أشعر أنني مؤهلة تماما لتقييمه. أنا شخصيا نصفي يهودي ونصفي مسيحي، وأحترم الديانتين بالإضافة إلى الديانات الأخرى، لذلك لا أشعر بتحيز شخصي في هذه القضية فيما عدا رغبتي في تحقيق السلام والعدل والتعايش، والشعور بالإحباط لأن الدين يقسم الناس إلى هذه الدرجة.

* من الصحافي المفضل لديك - على المستويين المحلي والدولي، ولماذا؟

- لا أستطيع أن أجيب عن ذلك. هناك كثيرون. وتدهشني المواهب التي يملكها زملائي يوميا.

* كم عدد الساعات التي تعملين فيها أسبوعيا؟ هل يتبقى لك كثير من الوقت الخاص؟

- قد أعمل على مدار ستة أيام في الأسبوع، وفي اللحظة الراهنة، لا أشعر أنها تكفي مطلقا. أعكف على تأليف كتاب في الوقت الحالي، ودائما ما أشعر بالتأخير. تدرس ابنتي الآن في الجامعة، لذلك أصبح لدي مزيد الوقت للعمل على عكس الفترة التي كانت فيها أصغر سنا. وما زلت أعد العشاء لزوجي ولي في معظم الأيام، وأقوم بجولات التسوق والشؤون المنزلية الكثيرة، وأشعر بمتعة فعلية في ذلك. كما أحب عملي بالفعل، لذلك لا أشعر بالعبء إذا قمت بعملي كل يوم تقريبا، بل يبدو فرصة لي للانغماس في أكثر شيء أستمتع به.

* ما رأيك في الخلاف القائم حول الإعلام المطبوع مقابل الإعلام الرقمي؟ وهل تعتقدين أن الأشكال الجديدة للإعلام سوف تقضي على الأشكال القديمة؟

- مرت مجلة «نيويوركر»، التي تتفوق في الصحافة المطولة المطبوعة، بعام من أنجح أعوامها على الإطلاق. ويشير هذا إلى وجود سوق مستمرة للصحافة التقليدية، إذا تميزت بالذكاء والتجدد الكافي. كما أن للمجلة موقعا إلكترونيا يمتلئ بالمواضيع القصيرة المثيرة للاهتمام، لذلك لا أرى أن المنافسة محصلتها صفر بالضرورة، على الأقل في المكان الذي أعمل به. أرى أن ما يغيب عن كثير من الإعلام الإلكتروني هو المواضيع الطويلة. يمكنك أن تجد مقالات الرأي، الفكاهة، نشرات الأخبار القصيرة وأخبار النميمة. ولكن بالنسبة للمواضيع، التي أعتقد أن الجنس البشري يسعى إليها، يجب أن يكون لديك الوقت والمكان لتطور الشخصيات وتوضيح الخلافات المعقدة والتعمق في القضايا. من الصعب علي أن أصدق أنه بعد أن كانت القصص تروى منذ فجر التاريخ، سوف ينتقل البشر إلى تويتر إلى الأبد.

* ما المدونة أو الموقع الإخباري المفضل لديك؟

- أتابع بعضا منها في أحيان كثيرة. ولكن تحتاج المتابعة إلى كثير من الوقت، من بين المواقع التي أثارت اهتمامي، بالإضافة إلى «نيويوركر»، موقع أندرو سوليفان، وبوليتيكو، وذا ابشوت، وثينك بروغرس، وريد ستيت، وسليت، وصالون، وهافينغتون بوست، وناشونال ريفيو كورنر، وديلي كولر. كما أتابع أيضا عددا من المدافعين عن حقوق الإنسان وخبراء السياسة الخارجية.

* بم تنصحين الصحافيين الشباب الذين يوشكون على البدء في مهنة الصحافة؟ ومن مثلك الأعلى في الصحافة؟

- نصيحتي هي الإسراع في البدء والسعي إلى وسيلة للبدء في الكتابة والعمل ولو على أقل مستوى. فقط أن يبدأوا، هذه أفضل طريقة للتحسن في المجال. كل ما عليكم هو البدء في مكان ما. بالنسبة لي، كان أهم تحفيز هو إيجاد مواضيع أهتم بها بشغف. كان عملي أفضل ما يكون عندما أشعر أنني أكتب في مواضيع ذات أهمية، وأن القارئ يريد بالفعل أن يعرفها. يحول هذا الشعور العمل من مجرد مهنة إلى دعوة.

* ما الصفات التي ترين أنها يجب أن تتوفر في الصحافي الناجح؟

- الصدق.

* ما النصيحة التي تقدمينها للصحافيين العرب الشباب؟

- اجتهدوا من أجل تقديم جميع جوانب الموضوع حتى تكونوا عادلين. من الصعب في بعض الأحيان الحديث مع أشخاص تخالفهم الرأي وأن تعبر عن آرائهم بدقة، ولكن إذا فعلت ذلك سوف يصبح عملك أقوى وليس أضعف، وسوف تساهم في العملية الديمقراطية.

* جين ماير في سطور

* التحقت جين ماير بالعمل كاتبة في «نيويوركر» في مارس (آذار) عام 1995. تكتب الصحافية المقيمة في واشنطن العاصمة في الشؤون السياسية في المجلة، وكانت مسؤولة عن تغطية الحرب على الإرهاب.

قبل انضمامها إلى «نيويوركر» عملت ماير لمدة 12 عاما مراسلة لـ«وول ستريت جورنال». وفي عام 1984، أصبحت أول امرأة تعينها الجريدة مراسلة في البيت الأبيض. كما عملت أيضا مراسلة حرب وشؤون خارجية في الجريدة ذاتها. ومن بين المواضيع التي قامت بتغطيتها إعلاميا، تفجير الثكنات الأميركية في بيروت، وحرب الخليج، وسقوط سور برلين، والأيام الأخيرة من عهد الشيوعية في الاتحاد السوفياتي.

حازت ماير على جائزة جون تشانسلور للتميُّز في الصحافة، وزمالة مؤسسة غوغنهايم عام 2008، وجائزة إدوارد فاينتال مكن جامعة جورج تاون، وجائزة رايدن أور للكتاب. كانت مرشحة للحصول على عدة جوائز من بينها جائزة لوس أنجليس تايمز للكتاب في عام 2008. كما رشحتها «وول ستريت جورنال» مرتين للحصول على جائزة بوليتزر في كتابة المواضيع المطولة. ألفت ماير كتاب «الجانب المظلم: القصة الداخلية لكيفية تحول الحرب على الإرهاب إلى حرب على القيم الأميركية»، الذي حقق أعلى مبيعات في عام 2008، واختارته «نيويورك تايمز» كواحد من أفضل عشرة كتب في ذلك العام. ووصفته «الإيكونومست»، و«صالون»، و«سليت» و«بلومبرغ» بأفضل كتاب في العام. وتكشف ماير في الكتاب تفاصيل تقرير سرّي أعدته هيئة الصليب الأحمر الدولي، العام الماضي، وفيه تحذّر إدارة بوش، من أن معاملة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للسجناء، تشكّل تعذيبا دون أي شك، ويمكن أن تجعل موظفي إدارة بوش الذين وافقوا على استخدام أساليب التعذيب، مذنبين بارتكاب جرائم حرب. كما تكشف ماير أيضا، إلى جانب أمور كثيرة أخرى، أن إدارة بوش قد تجاهلت تحذيرات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، التي ذكرت قبل ست سنين، أن نحو ثلث السجناء المحتجزين في سجن خليج غوانتانامو، قد سُجنوا خطأ. وتروي المؤلفة بأسلوب نابض بالحياة، تفاصيل وسمات الحرب على الإرهاب، وهي تفاصيل غاية في الفظاعة، ولكن إدارة بوش اعتادت أن تطلق عليها أسماء ملطفة، ومنها تسليم السجناء إلى دول عريقة في التعذيب، من خلال رحلات جوية في طائرات لا تحمل أي سمات، وإنشاء السجون السرية المبثوثة في بقاع الأرض في دول نائية، والتفنن في استخدام أساليب التعذيب المختلفة أثناء استجواب السجناء، وإعادة السجناء الذين يحالفهم الحظ بإثبات براءتهم، حيث يتركهم عملاء المخابرات الأميركية مثل الفضلات، معصوبي الأعين، عند الحدود في نقاط نائية، إلى أن يعثر عليهم من يعيدهم إلى دولهم.