واشنطن تريد نقل سلطة الإشراف على الإمدادات الغذائية من بغداد إلى الأمم المتحدة

TT

من اجل الاستعداد مسبقا لكارثة انسانية في العراق، تعتزم ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش ان تقترح على مجلس الامن نقل الاشراف على الامدادات الغذائية من بغداد الى الامم المتحدة وذلك بصرف النظر عما اذا كان المجلس يؤيد غزو العراق او يعارضه. وترغب الادارة، التي تتوق الى يوم لا يكون فيه صدام حسين حاكما للعراق، ان تكون لدى الامم المتحدة سلطات تمكنها من شراء الاغذية بسرعة في حالة نشوب الحرب. ويبدي بعض المسؤولين الاميركيين كثيرا من القلق خوفا من ان يتسبب رفض الحرب في عرقلة اعمال الاغاثة خاصة اذا رفض مجلس الامن تغيير الاجراءات التي تسمح للعراق بالتصرف في مبيعاته النفطية.

وما يزال الدور الذي ستلعبه الامم المتحدة في ادارة العراق واعادة إعمارها مجهولا حتى اليوم. ومع ان مسؤولين اميركيين ذهبوا الى نيويورك هذا الاسبوع لتنوير المسؤولين بالمنظمة العالمية، ولكنهم كانوا عاجزين عن تحديد الجهة التي ستقود العراق في فترة ما بعد الحرب. وقال احد المسؤولين الاميركيين: «يريدون ان يعرفوا بصورة رسمية، ومن أعلى المستويات في الحكومة الاميركية، ما هو تصورنا لدورهم هناك. والاجابة الوحيدة التي نملكها حاليا، هي أننا لا نعرف. كل ما نعرفه أننا في مجال الإغاثة نتصور دورا كبيرا للامم المتحدة».

وقال مسؤول كبير بالامم المتحدة ان معنى موقفهم هذا هو «نحن نخطط ولكننا ننتظر».

وإذا ذهبنا أبعد من سلطة إدارة أعمال الإغاثة إبان الحرب، لوجدنا ان المخططين الاميركيين ما زالوا في المراحل الاولى من الحوار حول قرار أكثر طموحا يصدره مجلس الامن حول كيفية حكم العراق. ويقول المسؤولون الاميركيون ان هذا القرار لو اتخذ فانه سيشمل بعض القضايا الحساسة مثل ادارة صناعات العراق.

وقال مارك مالوك براون، مدير برنامج الامم المتحدة للتنمية، ان تدخل مجلس الأمن يعتبر مسألة حيوية. وقال ان الحرب في كوسوفو تم خوضها دون تفويض من الامم المتحدة، ولكن المنظمة اتخذت قرارا بعد نهاية الحرب بتأسيس سلطة شرعية تشرف على استتباب الامن وترسيخ السلام. وقال مالوك براون:

«يجب ان يتخذ مثل هذا القرار. وبمقتضى اتفاقيات جنيف فان القوة الغازية من حقها تسيير الامور اليومية وادارة شؤون البلاد، ولكن ليس من حقها إعادة تنظيم وصياغة مؤسسات البلاد السياسية ونظامه القانوني».

وتقول ادارة بوش انها ترغب في ادارة العراق بالتعاون مع شركاء أجانب ووكالات اجنبية ووزراء عراقيين بعد سقوط صدام حسين. وهناك انقسامات بين صناع القرار الاميركيين حول من يتسلم قيادة العراق، لان الوضع بعد صدام يتسم بدرجة كبيرة من الغموض. ويقول المسؤولون الاميركيون ان خطط توفير المواد الاغاثية بلغت مستوى اكثر تقدما من خطط اعادة تعمير العراق. وتعمل الوكالات الحكومية والمدنية حاليا على وضع خطط توزيع المواد الغذائية والمياه والمواد الطبية مفترضة ان البنيات التحتية القائمة حاليا ربما تدمر كلها خلال الحرب. وقد شرعت الولايات المتحدة في مناقشة دور يمكن ان يضطلع به برنامج الامم المتحدة للغذاء.

وسعيا من جانبهم لتفادي الاختناقات، يحاول المسؤولون الاميركيون والبريطانيون نقل سلطات التصرف في أموال النفط العراقية الى الامم المتحدة، مما يعني التصرف فيما قيمته 2.5 مليار دولار من الاغذية في طريقها الآن الى العراق، بالاضافة الى اموال النفط التي تحصل عليها البلاد في اطار البرنامج الحالي المسمى النفط مقابل الغذاء. وقال مسؤول اميركي ان البرنامج الإغاثي الذي يعدونه مع زملائهم البريطانيين لا يحوي «أي أمر مثير للجدل». انه سيقتصر فقط على الاجراءات المالية، وفتح مزيد من المعابر الحدودية التي يمكن استخدامها في نقل الاغذية، وتخفيف اجراءات الرقابة التي تفرضها الامم المتحدة، وما شابه من القضايا.

وتنبأ احد مسؤولي الإغاثة الاميركيين بان مجلس الامن المنقسم حاليا يمكن ان يتوحد لمنع كارثة انسانية إذا قرر البيت الابيض خوض الحرب. وقال ان الاعتبارات السياسية ستخضع حينها للرغبة في تخفيض الاضرار التي يمكن ان يتعرض لها العراقيون. وقد وافق على هذا الاستنتاج عدد من الدبلوماسيين، وقالوا ان قرارا لاحقا يمكن ان ينقذ المجلس من الصراعات المريرة التي دارت حول استخدام العنف. وقال مسؤول الاغاثة الاميركي: «لا اعتقد ان الامم المتحدة ستسمح بموت الناس جوعا».

* خدمة واشنطن بوست ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»