خلاف الخمسة الكبار حول حل الأزمة العراقية يخلق أزمة فريدة للأمم المتحدة ويهدد بانهيارها

TT

في كلمته أمام مجلس الأمن أول من أمس قال وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف «من الواضح أن الطريقة التي سيتم بها حل هذه المشكلة (الأزمة العراقية) لن تحدد مستقبل العراق وحده».

وبدا وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن في الاجتماع الذي عقد بعد يوم واحد من خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش الذي هدف إلى إعداد الشعب الأميركي للحرب، انهم يقاتلون من أجل الحفاظ على وحدة المجلس مثلما يتقاتلون على العراق.

وقال وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر «إن مجلس الأمن، وفي الواقع، نحن جميعا نواجه قرارا مهما ربما يصبح نقطة تحول تاريخية».

لا شك أن التاريخ سيتشكل بالاستناد إلى ما يفعله مجلس الأمن الآن سواء بالبقاء موحدا كهيئة دولية أو الانشقاق بسبب الخلاف حول خطط الحرب الأميركية بخصوص العراق.

وإذا لم يتمكن مجلس الأمن من القيام بالدور الأساسي في تقرير ما يحدث في العراق، فربما يؤدي ذلك إلى إسقاط النظام الدولي خارج إطار التوازن القائم في محاولته لمنع شبه القارة الكورية من التحول إلى منطقة تهديد ومنافسات نووية.

ثم تأتي إيران حيث يزيد القلق الدولي بخصوص برنامج سري للأسلحة النووية، في الوقت الذي توسعت فيه صناعاتها النووية المدنية بمساعدات كبيرة من روسيا.

وعلى أية حل فإن أميركا أظهرت اهتماما أمنيا بالتهديدات المحتملة. وبالتالي فإن نتائج حل أزمة العراق تنتشر على عدة اتجاهات.

وذكر بعض الدبلوماسيين أنه بعد انتهاء كل من هانس بليكس والدكتور محمد البرادعي من تقديم تقريرهما، وبعد مناقشات استمرت ساعتين وتعليقات من وزراء الخارجية سيطر إدراك متزن على المجلس. فقد توصلوا إلى قناعة بأن الأميركيين على ثقة بأن الرئيس العراقي صدام حسين لن يغير أبدا طريقته، وسيظل يمثل تهديدا دائما. ولذا فإن واشنطن تبدو غير راغبة في الانتظار، وغير راغبة في التفاوض أكثر من عدة أيام أو حتى التفكير في الجيوش المحتشدة لضرب العراق كأداة دبلوماسية يمكن أن تؤدي إلى نتائج تبعد شبح الحرب.

وقد استمع العديد من الدبلوماسيين إلى إشاعات، هم يؤمنون بها، انطلقت بعد زيارة الجنرال تومي فرانكس قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط إلى البيت الأبيض، وأفادت أن بوش أبلغه قرار الحرب، وأن الحرب ستقع خلال أيام وليس بعد أسابيع. وإذا كانت تلك الإشاعات حقيقية فإنها ربما تشرح قرار واشنطن ولندن ومدريد بمنح صدام مهلة حتى 17 الشهر الحالي.

كما أن زيارة وفد يمثل الجامعة العربية إلى بغداد، تمثل جهدا أخيرا لإظهار أن قادة الدول العربية بذلوا كل ما في وسعهم لتجنب الحرب. ويضاف إلى ذلك أن وزير الخارجية الأميركي كولن باول الذي كان يدافع منذ شهور عن العمل العسكري، قضى على كل أمل بوجود أي مرونة في ما يتعلق بتوقيت الحرب.

وقال سفير أوروبي في الأمم المتحدة إن «الأغلبية العظمى تشعر أن قرار دخول الحرب» بدون موافقة مجلس الأمن «سيؤثر تأثيرا كبيرا على النظام المتعدد الحالي لا سيما على نظام الأمم المتحدة». وتساءل عما سيحدث عندما تجتمع 15 دولة في الأسبوع المقبل إذا فشلت واشنطن في الحصول على 9 أصوات لتمرير القرار؟

وأضاف «لا أحد يمكنه التكهن بالعواقب السياسية لموقف تتصرف فيه واشنطن ضد إرادة مجلس الأمن إذا فشل الصويت».

وتجدر الإشارة إلى أنه، بعد الاتفاق المميز عندما تبنى المجلس القرار 1441 بالإجماع، لم يكن أحد من أعضاء مجلس الأمن يتوقع أن يصبحوا في ما هم عليه اليوم. فعندما قرر بوش الضغط من أجل قرار أخير بالحرب، لم يكن هناك من يشك في أن أميركا يمكن أن تضغط على مجلس الأمن لمصلحتها.

وفي البداية كان الدبلوماسيون الأميركيون يضغطون للتصويت من أجل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أقوى حلفاء أميركا، الذي يتعرض لضغوط شديدة داخليا من الجماعات التي تعارض الحرب. ولكن الدبلوماسيين البريطانيين يبدون الآن في حالة من القلق أكثر من بعض المسؤولين في إدارة بوش.

ويتوقع البريطانيون أن الثمن السياسي الذي سيدفعونه داخليا وفي علاقتهم بباقي دول أوروبا للتصرف ضد رغبة مجلس الأمن، إذا تم ذلك يمكن أن يكون غاليا.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»