القوات الأميركية تنهي خطط بناء معسكرات للأسرى العراقيين وتؤكد عدم معاملتهم بقسوة

ستوفر التسهيلات والخدمات الضرورية خوفا من استخدام صدام قضيتهم لإلهاب الرأي العام العربي

TT

توشك كتائب الأشغال والمنشآت التابعة لسلاح البحرية الاميركية على الانتهاء من خطة لبناء مخيمات في العراق تسع الآلاف من سجناء الحرب العراقيين، في محاولة منها للرد مسبقا على اية ادعاءات من نظام صدام حسين بان الاسرى العراقيين يعاملون معاملة سيئة. وستقام المعسكرات بطريقة تحول دون حدوث تمرد من قبل اسرى الحرب على غرار ذلك التمرد الذي حدث وسط سجناء طالبان بالقرب من مزار الشريف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 وتوفي فيه مئات المعتقلين.

واستطاعت قوات «سي بيز» أي نحلات البحر، التابعة للبحرية، مستخدمة الاستطلاعات الجوية وغير ذلك من وسائل التجسس، ان تحدد أماكن يمكن أن تكون ملائمة لاقامة مثل هذه المعسكرات، ولكنها يمكن أن تعدل من خططها اعتمادا على ما سيحدث في الميدان لاحقا. وفي جولة على معسكرات «سي بيز» يوم السبت الماضي، نبه أدميرال المؤخرة تشارلس كيوبيك، قائد قوة الاستطلاع الهندسية، نبه قواته الى أهمية الاسراع في انجاز المهام. ففي عالم الاتصالات اللحظية يمكن للدعاية حول معاملة الجنود العراقيين الاسرى أن تعم العالم كله في دقائق معدودات وربما يكون من شأنها في هذه الحالة الهاب المشاعر وسط الرأي العام العربي المعارض للغزو الاميركي للعراق.

وقال كيوبيك لمجموعة من قوات سي بيز: «لا اريد أن أقضي 48 ساعة في بناء المعسكرات، دون أن نكون قادرين على ايواء السجناء أثناء هذه الفترة». وكان يتكلم بنبرة الآمر الذي لا يتوقع تباطؤا في تنفيذ أوامره.

ستكون المعسكرات الاولى في أماكن معزولة محاطة بأسلاك الكونسرتينا الشائكة ونقاط الحراسة مع المرافق الصحية والتعزيزات الدفاعية. وربما يوضع اصحاب الرتب الأكبر في خيام بلاستيكية وينعمون بأوضاع صحية أفضل، ولكن العناية الطبية ستكون متوفرة للجميع. وتنص اتفاقيات جنيف على توفر الكوادر الطبية لتقديم العناية الصحية للاسرى من جنود العدو. وفي حرب الخليج عام 1991 كان 80% من الحالات التي قدم لها الاطباء الاميركيون علاجا من الجنود العراقيين.

ووعد كيوبيك ان تكون الاجراءات الامنية داخل المعسكرات حازمة لأقصى مدى، وذلك منذ بداية أعمال التشييد التي ستضطلع بها قوات «سي بيز» المزودة بالمعدات الثقيلة. وقال كيوبيك: «بعض هؤلاء الناس سيكون خطرا ونحن لن نتساهل مع أي منهم، خاصة اذا بقي لديه استعداد للقتال. ولكن يجب أن يتذكر الجميع أننا لن نتعامل بقسوة ولن نسيء استخدام القوة في هذا البلد، فنحن نسعى لتحريره. ونحن ليست لدينا اية عداوة مع الشعب العراقي، اننا نعادي نظامهم الحاكم وليس سواه».

ينتاب القادة العسكريين الاميركيين قلق واضح من أن صدام يمكن أن يستخدم قضية الاسرى كمادة للدعاية، خاصة أنه بدأ منذ الآن شن حملة شاملة من التضليل الاعلامي عندما ادعى أن الطائرات الاميركية التي هاجمت مواقع الرادار والدفاعات الجوية العراقية، قتلت بعض المدنيين العراقيين. وأعلنت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) الاسبوع الماضي، ان الجيش العراقي حصل على أزياء عسكرية مطابقة لازياء الجيش الاميركي حتى يتمكن الجنود العراقيون من ارتكاب فظائع بين المدنيين وينسبونها للولايات المتحدة. ويرمي قرار البنتاغون بالسماح للصحافيين بمصاحبة القوات الاميركية الى نفي ادعاءات بغداد من قبل جهات محايدة.

وصرح مسؤول عسكري اميركي موجود بالمنطقة حاليا بأن الولايات المتحدة ستنفذ معاهدات جنيف حول الاعتقال في ما يتعلق بالتغذية، واعادة اسرى الحرب، كما فعلت في حرب الخليج عام 1991، حتى اذا لم تنشأ الحاجة للرد على الادعاءات العراقية.

في احدى اللحظات الحرجة في مقابلة كيوبيك مع جنوده، تساءل احد الجنود البحارة عما سيحدث اذا استخدم العراق الاسلحة الكيماوية أو البيولوجية؟ هل ستتراجع قوات سي بيز؟

وساد الصمت الثقيل وسط القوة، وبدا صوت الريح أكثر ارتفاعا. ولكن اجابة كيوبيك كانت سريعة وحاسمة. قال الجنرال ان قوات سي بيز، بل قوات المارينز الاستطلاعية كلها، لن تتراجع في حالة الهجوم عليها بالاسلحة الكيماوية والبيولوجية. فقد زود كل بحار وجندي بسترة واقية من هذه الاسلحة. قال كيوبيك: «اذا تعرضنا لهذه الاسلحة القذرة، فاننا سنتقدم وسنقاتل. فنحن لا نستطيع ان نتوقف في هذه الحالة لاننا سنكون قد اعترفنا بأن هذه الاسلحة لا تقاوم».

كثير من جنود سي بيز ظلوا بالكويت منذ العام الماضي. وقد قاموا بتشييد الطرق والمهابط الجوية ومستودعات الذخيرة والثكنات التي تؤوي أكثر من 100 ألف من القوات الاميركية. واذا صدرت الاوامر ببدء الهجوم فان قوات «سي بيز» ستقوم ببناء الجسور، وإصلاح الطرق وازاحة الحواجز لتيسير حركة القوات البرية. قال الضابط وليام كلينتون، 37 سنة، من غوشين بولاية كونيتكوت، وهو من المكلفين بتشييد الجسور: «نحن مستعدون جميعا للتحرك شمالا وانجاز المهمة. نحن نعرف أن هذا الرجل، صدام، شرير، وكلنا يعرف ان الطريق الى الوطن يمر من خلال بغداد».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»