خبراء البنتاغون: أفضل طريقة لإنهاء الحرب سريعا هي قتل صدام عن طريق الغارات الجوية

TT

مع بداية الحرب الخاطفة التي ينتظر ان تلقى فيها 3 الاف قنبلة على بغداد، يعتقد بعض المخططين العسكريين الاميركيين أن أفضل فرصة لاسقاط الرئيس العراقي صدام حسين هي تدمير الدوائر الامنية المحيطة به عن طريق الغارات الجوية، مما يجعل ظهره مكشوفا أمام أية انتفاضة يقوم بها شعبه. وبالطبع فان كثيرا من المسؤولين بالبنتاغون يأملون ان تصيبه احدى القنابل، مما يمكن ان ينهي الحرب حتى قبل ان تبتدئ، ويحل المشاكل التي يمكن ان تترتب على القاء القبض عليه حيا. ومع ان فرق تحديد الاهداف استغرقت عدة اشهر تنقب في المعلومات الاستخبارية حول العراق لتحدد مواقع القصور الرئاسية والمخابئ وغير ذلك من المواقع التي يمكن لصدام ان يلجأ إليها، فإن سيناريو الحل السحري يعتبر امرا بعيد المنال. ولذلك وكما يقول احد كبار الضباط بسلاح الطيران، فان الحملة الجوية على العراق ستكون نسخة مكثفة من عملية «عاصفة الصحراء» عام 1998، لتدمير صدام حسين. وهذا يعني ان القوات ستوجه نيرانها الثقيلة على الثكنات العسكرية ومراكز القيادة وغيرها من مواقع الاجهزة الامنية المسؤولة مباشرة عن حماية صدام. هذه الضربات المكثفة ستحدث شروخا عميقة في شبكة الحماية التي يحيط بها نفسه، وستخلق الظروف المواتية لعناصر من نظام صدام نفسه للقيام بانقلاب عسكري.

يقول المسؤولون في القوات المسلحة واجهزة المخابرات الاميركية ان صدام مراوغ مدهش وشديد البراعة بحيث ان الولايات المتحدة لم تحظ حتى بلمحات عابرة عن توقيت تحركاته واماكن اختفائه وكيفية تواصله مع الآخرين. وقال احد ضباط الاستخبارات «لا اعتقد ان اي شخص كان يعرف اين يكون في لحظة معينة، او اين سيذهب بعد ذلك. لا اعتقد ان بالامكان الحصول على معلومات حول هذه المسألة». هذا التعليق الذي يتردد على ألسنة الكثيرين، يفسر موقف المخططين العسكريين، بان «اصابة صدام عن طريق غارة جوية امر يستحق ان يجرب، ولكن يجب الا تدور حوله الحملة الجوية كلها».

وسارع المسؤولون بالبنتاغون الى توضيح ان هدف الحرب هو «تغيير النظام» بالعراق وتدمير اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها. وعندما سئل مسؤول كبير بالبنتاغون اول من امس عما اذا كان القصف الجوي سيستهدف الرئيس العراقي ومساعديه، اجاب قائلا: «هذا امر نحب ان نحيطه ببعض الغموض». وقال الجنرال ريتشارد مايرز، رئيس هيئة الاركان المشتركة، للمراسلين قبل فترة قصيرة، ان النصر في الحرب ضد العراق يقاس بنزع اسلحته وليس بقتل صدام. ولكن مسؤولين آخرين، من المستشارين بالبنتاغون وقادة حرب الخليج 1991، يؤكدون ان الولايات المتحدة ستنتهز اية فرصة لوضع نهاية مبكرة للحرب بتوجيه ضربة جوية لصدام حسين شخصيا. وفي الحقيقة فان الولايات المتحدة شنت غارة على شاحنة في حرب الخليج عام 1991 بناء على معلومات استخباراتية بان صدام حسين كان يستخدمها. ولكنها علمت فيما بعد ان اجهزة امن صدام دمرت اسطولا من السيارات المشابهة ولذلك افلت الرئيس العراقي دون خدش. كذلك كان الامل يراود المسؤولين الاميركيين باصابة صدام عام 1998، عندما امر الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون بشن حملة من الغارات الجوية على منشآت ببغداد ولمدة اربعة ايام متتالية، وذلك بعد سحب مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة.

يقول المسؤولون الاستخباريون الحاليون والسابقون، ان الولايات المتحدة لم تتح لها مطلقا فرصة استباق خطوات صدام. وقال احد المسؤولين انه واحد من اكثر الناس «مقدرة على الإفلات» الذين واجهتهم الولايات المتحدة. وقد احاط صدام نفسه بدوائر محكمة ومغلقة من الاجهزة الامنية ويعتقد ان صدام يستخدم مجموعة من الاشباه ليمثلوه في كثير من المناسبات. وهو يخفي تحركاته حتى عن اقرب مستشاريه، كما انه يندر ان يبقى في مكان واحد اكثر من يوم او يومين. كما انفق صدام حسين اموالا طائلة على بناء عشرات القصور الرئاسية وشبكة من الانفاق تحت بغداد، ومخابئ يقال انها غير قابلة للاختراق الا بواسطة القنابل الاميركية الاكثر قوة ومضاء. وربما تكون الفرصة الوحيدة التي استطاعت الولايات المتحدة ان تصل فيها الى الدائرة الداخلية لصدام هي تلك التي حانت اثناء التسعينات، عندما استفادت اجهزة التجسس الاميركية من فرصة وجود المفتشين لزرع اجهزة تحسس والتقاط في مواقع عراقية حساسة. وقال المفتش السابق سكوت ريتر، ان الولايات المتحدة تعلمت الكثير عن كيفية عمل اجهزة المخابرات الخاصة بصدام، ونظم اتصالاتها في تلك الفترة. ولكن تلك الوسائل تضاءلت منذ .1998 وفي خطابه امام الامم المتحدة الشهر الماضي، عرض وزير الخارجية الاميركي كولن باول بعض الاشرطة المسجلة عن اتصالات التقطت بين العسكريين العراقيين. ويقول بعض الخبراء ان تلك المحادثات ما كان يمكن ان تلتقط دون ان تكون هناك اجهزة تنصت داخل العراق. ولكن الاصوات التي ظهرت على الاشرطة كانت لكوادر وسيطة من العسكريين وهي قنوات اتصال يتفادى استخدامها صدام حسين وكبار مساعديه. وإذا كانت فرص اصابة صدام اكبر في هذه الحرب، فان ذلك يرجع اساسا لحجم الذخائر التي يمكن استخدامها ودقتها في إصابة اهدافها.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»