صواريخ «سكود» العراقية تضرب الكويت واستنفار أمني غير مسبوق للتعامل مع «الطابور الخامس»

TT

اكد الناطق باسم الجيش الكويتي العقيد يوسف الملا امس ان العراق أطلق صاروخين من طراز «سكود« في اتجاه الكويت، تم التصدي لأحدهما بصواريخ من طراز «باتريوت»، في حين سقط الصاروخ الاخر في مناطق صحراوية غير مأهولة في الشمال. وأوضح أن صافرات الانذار أطلقت لتحذير المواطنين والمقيمين في الكويت بالتنسيق مع ادارة الدفاع المدني في الوقت المناسب ومن ثم أطلقت الصافرات التي تؤكد زوال الخطر بعد أن تم التعامل مع الصاروخ المؤثر بنجاح.

وطمأن العقيد الملا المواطنين والمقيمين في الكويت أنه حين تدمير الصواريخ تنتج طاقة تفجيرية هائلة تصاحبها هالة توهج نتيجة للحرارة الكبيرة الناجمة عن تصادم الصاروخين وهي كفيلة بتدمير كل ما يحمله الصاروخ المدمر. وقال انه تطلب للتصدي للصاروخ العراقي اطلاق ثلاثة صواريخ باتريوت وكانت اصابتها للهدف دقيقة جدا، مضيفا أن هناك فرقا متخصصة لمتابعة الصواريخ ورصدها في حينه والتعامل معها على أكبر درجة من الدقة والكفاءة.

ودعا العقيد الملا الى الالتزام بالتعليمات التي تصدرها الاجهزة الامنية والعسكرية الكويتية واستقاء المعلومات والتعليمات من اجهزة الاعلام الكويتية الرسمية.

واعلن في وقت لاحق عن اطلاق موجة ثالثة من صافرات الانذار، لكن لم يسجل سقوط اي صواريخ «سكود» جديدة.

وكان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الكويتي قد اعلن ان صاروخين عراقيين سقطا امس في منطقة بر المطلاع الصحراوية وأكدت الهيئة العامة للبيئة خلو الاجواء والمياه الكويتية من اي مواد كيماوية او بيولوجية وكانت الكويت قد احتجت لدى الجامعة العربية على تعرضها لصواريخ «سكود» العراقية بالرغم من عدم انطلاق طلقة واحدة ضده من ارض الكويت، وطالبتها بادانة هذا «العدوان» وتنفيذ قرارات القمة العربية المتعلقة برفض العدوان على اي دولة عربية.

وأعلن مصدر امني مسؤول ان الوضع «مطمئن ولا يستدعي الهلع من المواطنين»، مشيرا الى «ان ما قامت به قوات رئيس النظام العراقي من اطلاق صواريخ باتجاه الكويت هو امر متوقع». وبين ان الامن الداخلي مستتب ولم ترد لوزارة الداخلية اي ملاحظات حول وجود اي حوادث امنية تذكر حتى الان. واشار الى ان نقاط التفتيش منتشرة في مختلف مناطق البلاد لضمان وحماية المواطنين والمقيمين مناشدا الجميع التقيد بتعليمات وزارة الداخلية التي تبثها عن طريق وائل الاعلام الرسمية وعدم الالتفات الى الاشاعات التي تهدف الى زعزعة الامن الداخلي.

وأكد مصدر أمني موثوق لـ«الشرق الأوسط» أمس «أن السلطات الأمنية تعيش حاليا حالة استنفار غير مسبوق يشمل جميع القطاعات للتعامل السريع مع أي حدث طارئ وملاحقة كل من تسول له نفسه بالعبث بأمن الكويت مستغلا ظروف الحرب»، في اشارة الى «الطابور الخامس» وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته أن وزارة الداخلية رصدت أكثر من سبعين نقطة تفتيش موزعة على كافة محافظات الدولة الخمس لرصد أي تحركات غير طبيعية يمكن أن تحدث في البلاد، مشيرا الى ان الأمن مستتب حتى الآن والأمور تسير بشكل طبيعي ولم نشهد أي تحركات غير أعتيادية حتى الآن وأكد المصدر أن ادارة أمن الدولة «تعمل على قدم وساق لمنع البعض من ذوي النفوس الضعيفة من استغلال الوضع الحالي للقيام بأعمال قد تؤثر على أمن الدولة»، مشددا على «ان الوضع العام تحت السيطرة الكاملة... فجميع المخافر وحرس الحدود وخفر السواحل تعمل بكامل طاقتها لتوفير الأمن الكامل.

وبعد حوالي ست ساعات من اطلاق القذائف الاولى ضد العراق، انطلقت في الكويت امس صفارات إلانذار للمرة الاولى لتحدث معها حالة من القلق والارتباك، زادها تدافع الناس الى منازلهم خوفا من الصواريخ العراقية التي كانت بدأت بالتساقط في الصباح. وبدلاً من اندفاع المواطنين والمقيمين إلى الملاجئ تبادل الناس النظرات وأكملوا حركتهم العادية، الا ان الصافرة الثانية التي انطلقت في الواحدة والنصف بتوقيت الكويت كان لها الاثر الكبير لا سيما انها ترافقت مع الدعوات عبر الاذاعة والتلفزيون لمغادرة العمل والعودة الى المنازل، وبالفعل هرع عدد قليل لمنازلهم، وغادر العديد أماكن عملهم. واحتمى البعض في سراديب الفلل، إلا أن الملاجئ العامة التي أعدتها الدولة لم تسجل حضوراً، فما زال سكان الكويت متأثرين بالتصريحات التي تطمئنهم على أمنهم، أو انهم غير معتادين على مثل هذه الحالات. اما عندما انطلقت صافرات الانذار للمرة الثالثة بعد الظهر فقد كان معظم الناس في منازلهم يتحلقون حول التلفزيونات.

والملاحظ ان البنوك أغلقت ابوابها بشكل مؤقت خلال لحظات انطلاق صفارات الإنذار، وأعلنت أنها ستواصل عملها في دوامها العادي كل يوم ما لم تصدر تعليمات رسمية بحظر التجول.

وعن وضع تجار الذهب في الكويت، وهم عادة يكونون مع البنوك الأكثر حرصاً في ظروف الحرب، فقد أبلغ رئيس شركة مجوهرات الزمردة القابضة محمود حاجي حيدر «الشرق الأوسط» أن تجار الذهب قلصوا حجم معروضاتهم الذهبية في المحلات، ووضعوا حوالي نصف موجوداتهم الذهبية في خزائن البنوك وهو المكان الأكثر أمناً. وقال محمود حيدر ان حركة الشراء على الذهب كانت خلال الأيام القليلة الماضية عادية جداً، ولم يتم تسجيل إقبال ما يختلف عن الأيام العادية.

أما عمليات تخزين المواد الغذائية في المنازل، فيقول مسؤول في جمعية السالمية التعاونية ان عمليات شراء كبيرة تركزت منذ بضعة أيام، واشتدت اول من امس وأمس على المياه المعدنية والخبز، وان حجم مبيعات الجمعية من المياه المعبأة تضاعفت هذه الأيام بمقدار 40 مرة عن معدل مبيعاتها في الأيام العادية، في حين زادت الجمعية كميات الخبز على رفوفها لتلبية الطلب، واكتفت شركة مخابز الكويت ببيع خمسة أكياس من الخبز لكل فرد.

وعلى صعيد متصل صدرت تعليمات رسمية بوقف التدريس في الجامعات والمعاهد والمدارس الكويتية لمدة اسبوع ابتداء من يوم غد. كما صدرت تعليمات أخرى بحظر الإبحار في المياه الإقليمية الكويتية.

واعلن رئيس ديوان الخدمة المدنية عبد العزيز الزبن انه يسمح للنساء بعدم الحضور لاماكن العمل الحكومي اعتبارا من يوم غد ولمدة اسبوع. وابلغ الزبن وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان هذا القرار لا ينطبق على النساء العاملات في وظائف الطوارئ.

يذكر ان الزبن كان قد صرح في وقت سابق ان الجهاز الاداري في الدولة مستمر في عمله وان وزارات ومؤسسات الدولة ستعمل وفقا لحاجتها سواء كانت بحاجة الى عمل كامل او عمل جزئي مؤكدا انه لا توجد عطلة لوزارات ومؤسسات الدولة وانه في حال تطلب الامر ذلك فانه سيعلن في حينه.

وفي المنازل تحول أغلب الناس في الكويت عن المحطات الفضائية العربية، وعكفوا على متابعة محطتي تلفزيون وإذاعة الكويت لمتابعة آخر الأخبار التي تهم الجمهور، خصوصا الييانات والتوجيهات والتعليمات اللازمة لحمايتهم في هذه الظروف.