سكان بغداد سمعوا هدير الطائرات المغيرة قبل انطلاق صافرات الإنذار.. والسلطات تلتزم تكتيك «امتصاص الصدمة»

TT

في الساعة الخامسة والنصف فجرا بتوقيت بغداد (الثانية والنصف بتوقيت غرينيتش) انطلقت صافرات الانذار، بينما كان المواطنون العراقيون يؤدون صلاة الفجر.

وارتفعت مع دوي انفجارات القنابل واصداء المضادات الارضية عيار 57 ملم، تكبيرات المصلين مع الدعاء لشعب العراق بأن يجتاز المحنة.

وسمع سكان بغداد هدير الطائرات قبل انطلاق صافرات الانذار بحوالي ربع ساعة.

وأكد العراق على لسان اكثر من مسؤول عسكري وسياسي، ان استراتيجيته في مقاومة الهجوم الاميركي ـ البريطاني تقوم على محورين أساسيين، هما «امتصاص الصدمة الاولى» و«حرب المدن» او «حرب الشوارع».

وقبيل ساعات من انتهاء مدة الانذار الاميركي، الليلة قبل الماضية، عاشت بغداد والمدن العراقية الاخرى ليلة مشدودة الاعصاب.. وانتقل الجهاز الحزبي والاجهزة الاخرى، الى الشوارع، وخلف اكياس الرمل، في حين انتشرت المقاومات الجوية في معظم المناطق وهي ليست مقاومات فعالة بقياس مداها البسيط، وكونها غير موجهة.

وحسب ما تسرب من معلومات عن الخطة الدفاعية العراقية، فان اسناد مهمة الاشراف على عمل صواريخ ارض ـ ارض، وارض ـ جو، الى الرئيس صدام حسين، يهدف الى الحد من استخدامها، وعدم (التبذير) فيها، لقلة اعدادها، ولمداها المتواضع، الذي لا يصل الى اكثر من 25 كيلومترا، أي انها لا تصيب الطائرات المغيرة على ارتفاعات عالية، التي تطلق نيرانها من بعيد.

والغرض من هذه العملية ـ حسب محللين عسكريين في العراق ـ هو استخدام هذه الصواريخ عندما تبدأ حرب المدن، ويكون الطيران المقابل منخفضا، وخاصة بالنسبة لطائرات الهليكوبتر.

وحسب مصادر «الشرق الأوسط» فان امتصاص «الصدمة» لا يعني عدم مقاومتها اطلاقا، لأن الاسلحة المضادة للجو (الرباعية) وعيار 57 ملم (الانفلاقية) يمكن ان تعترض صواريخ كروز التي تطير على ارتفاع منخفض او صواريخ توماهوك، وذلك من خلال تأسيس شبكة نارية متقاطعة، وبذلك لا ينفجر الصاروخ في المكان المحدد له ويتجاهل (امتصاص الصدمة) التدمير الذي تسببه القاذفات الثقيلة، بحيث تبدو القوات العراقية وكأنها لا تمتلك مقاومات ضد الجو حتى يحين وقت «معارك المدن»، ويفقد العراق الكثير من منشآته الحساسة والمهمة.

ويلعب مقاتلو (امتصاص الصدمة) دور اعاقة الاسلحة المنخفضة، اضافة الى التهيئة للمرحلة المقبلة.

وكذلك يأتي دور صواريخ (ارض ـ ارض) عندما تتقدم القوات نحو المدن، وخاصة بغداد وتكريت.

الا ان هناك من يشكك في جدوى ادخار السلاح الفعال نسبيا للمراحل اللاحقة، لأن الطرف المقابل هو الذي خطط لاستراتيجية (الصدمة)، مما قد يلحق الاذى بمعنويات العسكريين العراقيين.

اما على صعيد الشارع، فان العراق يعتمد الدور التعبوي، لا سيما من خلال الانتشار الكبير لاصحاب البدلات العسكرية في الشوارع والساحات، الذين سيطلقون النار على الطائرات والصواريخ بعيدة المدى، لغرض التشويش.