القوات الأميركية تتوغل شمالا وتتوقف على أطراف الناصرية بعد مواجهة مقاومة عراقية.. ومشاة البحرية البريطانية يتهيأون للانطلاق نحو البصرة بعد استيلائهم على شبه جزيرة الفاو

تقارير عن «استسلام عشرات» الجنود العراقيين وقاذفات «بي 52» توجهت للعراق انطلاقا من بريطانيا في أول مهمة لها

TT

واصلت القوات الاميركية والبريطانية تقدمها امس في جنوب العراق، مؤكدة انها تواجه مقاومة ضعيفة، وبدأت صعودها باتجاه بغداد. ويشارك في هذا الهجوم البري ستون الف جندي من البلدين، حسبما ذكر الكولونيل الاميركي جو دودي. وقد احتلوا عددا من النقاط بعد 24 ساعة من بدء الهجوم. واصبحت وحدات من المارينز وفرقة المشاة الثالثة على عمق 100 كيلومتر داخل الاراضي العراقية وبلغت اطراف الناصرية حيث واجهت مقاومة واوقفت تقدمها مؤقتا بعد ظهر امس.

وفي طريق صعودها شمالا انطلاقا من الحدود الكويتية التي عبرتها مساء الخميس الماضي توجهت دبابات مشاة البحرية الاميركية «المارينز» نحو بغداد بينما توجهت الفرقة الثالثة من المشاة الى الشمال الشرقي، كما اوضح ضابط اميركي رفض كشف هويته. واضاف ان هذه القوات واجهت حتى الان مقاومة بسيطة بينما «تسعى الى تجنب المدن بأي ثمن». وتابع ان ثلاثة عسكريين عراقيين قتلوا اثناء تدمير مركز حدودي عندما دمرت دبابتان من طراز «تي ـ 72»، وهي احدث المعدات لدى الجيش العراقي. وحتى ظهر امس استسلم 25 جنديا عراقيا الى القوات الاميركية بعد دخولها الى العراق، على حد قول ضابط في مشاة البحرية الاميركية (المارينز). وظهر امس عبر ستة الاف عنصر آخر من مشاة البحرية الاميركية الحدود، بحسب ضابط اميركي.

وتشكل فرقة المشاة الثالثة المؤلفة من حوالي 20 الف رجل، رأس الحربة في الهجوم على العاصمة بغداد وتكريت (شمال) مسقط رأس الرئيس العراقي صدام حسين. واستولت القوات امس على مدرج للطائرات في جنوب العراق حيث اسرت اربعة عراقيين. ولم يلق ضباط فرقة المشاة الثالثة في الجيش الاميركي مقاومة حقيقية لدى الاستيلاء على المدرج على بعد نحو 100 كلم شمال الحدود العراقية ـ الكويتية. وقال القائد موريس غوينز من اللواء الاول «لقد سيطرنا على المدرج وسنتولى الامن فيه ونتخلص من الاسلحة غير المستخدمة الموجودة فيه». واضاف انه تم اسر اربعة عراقيين دون ان يحدد ما اذا كانوا جنودا او مدنيين. ورفض تحديد موقع المدرج، مشيرا الى انه سيستخدم قاعدة للطائرات التي تدعم القوات البرية واجلاء الضحايا.

وتشكل مدينة البصرة، التي تتحكم بممرات العبور الى الخليج وتتولى الدفاع عنها فرقة تابعة للحرس الجمهوري العراقي، الهدف الاول للبريطانيين. ويتكتم المسؤولون العسكريون الاميركيون والبريطانيون على الاهداف والعمليات الجارية. لكنهم ما زالوا يعولون على ما يبدو على استسلام وحدات عراقية، وخصوصا فرقتين من الجيش النظامي ستشهدان حسب ضباط اميركيين على ارض المعركة، فرار 60 في المائة من عناصرهما. وقد سيطر البريطانيون في هجوم بري وبحري وجوي الليلة الماضية على «جزء كبير» من شبه جزيرة الفاو. واعلن الكابتن البريطاني آل لوكوود في القيادة الوسطى الاميركية في قطر ان «عناصر من البحرية الملكية قاموا بانزال على شبه جزيرة الفاو واقاموا رأس جسر، والعمليات تتواصل كما هو متوقع». واضاف «واجهنا مقاومة بسيطة. لم تقع خسائر في الجانب البريطاني».

من جهته قال الضابط البريطاني روني ماكورت ان عناصر البحرية «سيطروا على قسم كبير من شبه الجزيرة، ولا املك تفاصيل حول مدينة الفاو» الواقعة على الخليج عند اقصى جنوب شبه الجزيرة. وسئل عما اذا كانوا يعتزمون التقدم في اتجاه البصرة كبرى مدن جنوب العراق شمال شبه جزيرة الفاو، فقال الضابط «ان هذا يبدو الاتجاه الطبيعي». وقالت هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» فى موقعها على شبكة الانترنت ان عشرات الجنود العراقيين استسلموا امس لقوات كوماندوز تابعة لمشاة البحرية البريطانية العاملة في جنوب العراق. وقالت «شاهد مراسل لهيئة الاذاعة البريطانية عشرات وعشرات من الجنود العراقيين وهم يستسلمون لاربعين من رجال الكوماندوز من مشاة البحرية الملكية البريطانية في جنوب العراق».

وبدأت وحدات خاصة من مشاة البحرية الملكية الحرب البرية على العراق قبل فجر امس بهجوم جوي وبحري على الساحل حول شبه جزيرة الفاو وانزلت قوات بطائرات هليكوبتر من البر والبحر لتأمين محطات رئيسية لخط الانابيب النفطي العراقي.

وقال الكولونيل ستيف كوكس قائد قوات الانزال على متن حاملة الطائرات البريطانية «ارك رويال»: «سارت الامور بشكل جيد جدا. ونحن الان نعزز الاهداف». وأضاف «تمت السيطرة على كل الاهداف... اهم شيء الان هو ترتيب الاوضاع في ضوء النهار والتأكد من ان المواقع محمية وتقييم الوضع المحلي». واضاف ان عددا من الجنود العراقيين قتلوا في هجمات جوية وفي اشتباكات متقطعة وان العشرات استسلموا. وقال «لا نعرف بدقة عدد الذين (استسلموا). هناك رجال يظهرون في كل ارجاء المكان وبدأ الهجوم باسقاط طائرات هليكوبتر لقنابل موجهة بالاقمار الصناعية وبوابل مدفعية من بارجة من المياه الكويتية. وتحركت وحدات من القوات الخاصة في البداية ثم تبعها عدد من سرايا مشاة البحرية نقلوا جوا من نقاط انطلاق في الكويت. ونقلت سرية اخرى من مشاة البحرية جوا من على متن حاملة طائرات في ثلاث موجات بطائرات هليكوبتر من طراز «سي كينغ» و«تشينوك» قبل ساعات من شروق الشمس. وجرى رفع الجنود من عنبر الطائرة الى مرسى الطيران ليركبوا الطائرات الهليكوبتر وهم منحنون من ثقل ما يحملونه على ظهورهم وطليت وجوههم بطلاء للتمويه وخوذاتهم مزودة بمعدات للرؤية الليلية. وفي الاسفل جمعت مجموعة اخرى عدتهم في العنبر في ظل ضوء احمر خافت مصمم لتعويدهم على الرؤية الليلية. واظهرت وجوههم المطلية علامات التوتر. وقال احدهم «انه لامر مثير. انه امر غريب. كنت اشاهد الاخبار لاربع ساعات. الان ساصبح جزءا من الاخبار».

وقال وزير الدفاع البريطاني جيف هون ان «القوات العراقية تقاوم في بعض مناطق جنوب العراق»، مشيرا الى ان مقاومة سجلت عند مدخل مدينة ام قصر جنوب البصرة التي رفعت القوات الاميركية على مدخلها العلم الاميركي. واعلن هون، من ناحية ثانية، ان القوات البريطانية شاركت الليلة قبل الماضية في الهجمات على بغداد، مضيفا ان الاهداف تضمنت «مباني مرتبطة بنظام» الرئيس العراقي. واكد ان «الناس في بغداد، العراقيين العاديين، يعرفون ذلك وسيتحققون منه بانفسهم». وقال هون «من المهم ان نظهر اننا نمارس ضغطا هائلا على النظام» العراقي. من جهة اخرى، اقلعت قاذفات اميركية استراتيجية من طراز «بي ـ 52» صباح امس من قاعدة فيرفورد (غرب انجلترا) في طريقها لقصف اهداف في العراق وذلك للمرة الاولى منذ بدء العمليات الحربية.