احتجاجات الحرب: 4 قتلى في اليمن ومواجهات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة في القاهرة وعمان

العرب والحرب: دعوات في الجزائر لوقفة حداد وحماس والجهاد تطالبان بتنفيذ عمليات انتحارية وشيخ الأزهر يعتبر من يقتل في العراق شهيدا

TT

قتل امس ثلاثة متظاهرين يمنيين وشرطي، واصيب عشرات اخرون بجروح في مواجهات عنيفة في محيط السفارة الاميركية في صنعاء، لدى اصطدام قوات الامن بآلاف المتظاهرين المحتجين على الحرب الاميركية على العراق، الا ان مصدرا مسؤولا بوزارة الداخلية اليمنية قال: «قتل متظاهران واصيب 23 آخرون منهم 13 شرطيا ثلاثة منهم جراحهم خطيرة». واضاف: «قبض على بعض الاشخاص الذين اطلقوا النار، وقاموا باعمال شغب والاعتداء على ممتلكات المواطنين». وخرج المتظاهرون من مساجد صنعاء بعد صلاة الجمعة صوب السفارة الاميركية بشرق المدينة، وحاولوا اقتحامها. وقالت الشرطة ان بعض المتظاهرين كانوا يحملون اسلحة نارية «مما اضطرها الى اطلاق النار».

وقال شاهد عيان: «استطاع المتظاهرون تجاوز بعض الحواجز الامنية، مما دفع قوات الامن الى استخدام خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع، ثم تطورت الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين الى استخدام الاسلحة النارية».

وفي الوقت نفسه شهدت معظم المدن المصرية أمس مظاهرات حاشدة خرجت من المساجد عقب صلاة الجمعة لاعلان الرفض الشعبي المصري الحرب على العراق، واصيب 40 متظاهرا باصابات متفرقة في مصادمات مع الشرطة بميدان التحرير، حيث احتشد نحو 50 ألف متظاهر على بعد أمتار قليلة من السفارة الاميركية.

واطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين مما أدى الى اصابة نحو 40 متظاهراً فيما تم توقيف نحو 100 شخص، وأطلقت الشرطة خراطيم المياه على مقر الحزب الناصري في وسط القاهرة، وعطلت مكبرات للصوت كانت تبث الأغاني والأناشيد الوطنية، واشعل المتظاهرون النار في سيارة إطفاء وحافلة تابعة للشرطة أمام المقر الرئيسي للحزب الوطني الحاكم بالقاهرة. وامرت وزارة الداخلية بحظر أي مظاهرات لا تحصل على ترخيص. وقال مصدر أمني مصري رفيع ان الشرطة «ستتعامل بسياسة حازمة تجاه أي تجاوز للشرعية دون الاخلال بالدستور وسيادة القانون والحريات العامة».

وفي المنامة اطلقت قوات مكافحة الشغب العشرات من قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق حوالي 2500 شخص كانوا يحاولون التظاهر قرب السفارة الاميركية، وتواصلت المناوشات بين قوات مكافحة الشغب البحرينية ومئات المتظاهرين الشبان قرب السفارة الاميركية جنوب العاصمة حتى المساء.

وتجمع المشاركون في الاعتصام السلمي الذي دعت اليه ست من الجمعيات السياسية الرئيسية في البحرين حاملين لافتات تدين الهجوم الاميركي مثل «اوقفوا آلة حرب بوش» و«القدس وبغداد شقيقتان تواجهان عدوانا واحدا» و«لا دم من اجل النفط». وقال رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي عبد الرحمن النعيمي في كلمة القاها في التجمع نيابة عن الجمعيات الست ان «الادارة الاميركية تتصرف بعقلية الكاوبوي وبعقلية من يريد السيطرة الكلية على ثروات العالم» و«بعقلية الوصي على شعوب العالم» على حد تعبيره.

وفي الخرطوم انطلق آلاف المصلين بعد صلاة الجمعة الى الشوارع منددين بالحرب الاميركية، وطالبوا الحكومة فتح ابواب التطوع والجهاد للذهاب الى العراق. وفي غزة، سار نحو 5 آلاف فلسطيني في شوارعها، حاملين أعلام العراق. ودعا الشيخ احمد ياسين مؤسس حركة حماس، الذي تقدم المظاهرة، «المجاهدين العراقيين نساء ورجالا إلى استخدام العبوات الناسفة والعمليات الاستشهادية ضد القوات الاميركية الغازية».

وشهدت الرباط تظاهر مئات الاشخاص في وسطها. وجاءت المظاهرة بدعوة من الجمعية المغربية «مبادرة لدعم العراق». كما شهد لبنان سلسلة مظاهرات امس في عدد من مدنه. وفي بيروت تظاهر اللبنانيون امام السفارات الاميركية والبريطانية والكويتية والقطرية، وجرت مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين قرب السفارة الاميركية.

وفي الولايات المتحدة اعتقلت الشرطة اكثر من الف محتج في سان فرانسيسكو وحدها اول من امس، حيث تظاهر الالاف في انحاء البلاد احتجاجا على الحرب. واحتجز المعتقلون لمدة يوم كامل لاول مرة منذ عشرات السنين في المدينة. وفي ماديسون بولاية ويسكونسن تحقق الشرطة في اعمال تخريب تعرض لها مقر الحزب الجمهوري بالولاية، كما خيمت الحرب ايضا على احتفالات جوائز الاوسكار الوشيكة، وكلف حاكم ولاية كاليفورنيا الحرس الوطني بحماية الحفل الذي يقام غدا.

وفي الوقت نفسه نزل الاف الاشخاص الى الشوارع في المدن الكندية الكبرى. ففي اوتاوا، تظاهر المئات امام القنصلية الاميركية ثم توجهوا الى مقر البرلمان في وقت تبنى اعضاؤه مذكرة تطالب الحكومة بعدم المشاركة في الحرب، داعمين بذلك الموقف الذي كان اتخذه رئيس الوزراء جان كريتيان.

وفي شتوتغارت (المانيا) فرقت الشرطة الالمانية نحو خمسين ناشطا مناهضا للحرب قاموا باعتصام امس عند مقر القوات الاميركية في اوروبا. وقالت الشرطة انها حملت العديد من المحتجين بعيدا عن البوابة الرئيسية للمقر. وخرج نحو 200 الف الماني الى الشوارع في انحاء البلاد اول من امس للاحتجاج على اندلاع الحرب. وقالت جماعة مناهضة للحرب ان سبعة الاف وقعوا على طلبات للاشتراك في نشاطات اخرى تتعلق بالعصيان المدني. كما شهد محيط السفارة الاميركية فى باريس مساء اول من امس مظاهرة حاشدة، كما عمت المظاهرات عدداً من من المدن الفرنسية ومنها مرسيليا وليون.

وتظاهر عشرات الالاف امس في اسيا ودول المحيط الهادئ وخصوصا في طوكيو بمشاركة 50 الف متظاهر، وملبورن بمشاركة 25 الف متظاهر لليوم الثاني على التوالي. حيث طالبوا بانهاء الهجوم على العراق وداعين السكان الى مقاطعة البضائع الاميركية. وعرضت لائحة تضم شركات اميركية كبيرة مثل فورد ونايك وستارباكس وماكدونالدز.

وفي كوالالمبور منعت السلطات الماليزية تنظيم اي مظاهرة حيال العراق اذا لم تكن رسمية. وقال رئيس الشرطة نوريان ماي ان اي تجمعات قرب السفارات الاميركية او البريطانية او الاسترالية او الكويتية او العراقية سيتم تفريقها. واستخدمت قوات الشرطة في سريناجار العاصمة الصيفية لولاية كشمير الهندية ذات الاغلبية المسلمة امس العصي والغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المتظاهرين. وفي اندونيسيا اكبر دولة اسلامية في العالم من حيث عدد السكان، تظاهر مئات الاشخاص امس في عدة مدن بعد انتهاء صلاة الجمعة. وفي بكين تظاهر نحو 50 اجنبياً بهدوء قرب مقر السفارة الاميركية. وفي مانيلا تظاهر نحو مائة فلبيني مسلم خارج اكبر مسجد في العاصمة الفلبينية.

وفي اسلام اباد تظاهر آلاف الباكستانيين ضد الحرب لليوم الثاني. واخترق مئات يرتدون شارات سوداء على اذرعهم شوارع مدينة مولتان بوسط البلاد، واحرقوا العلم الاميركي. وفشل اضراب عام مناهض للحرب دعا اليه تحالف اسلامي رئيسي معارض وسارت الحياة على طبيعتها في العاصمة.

وفي اسطنبول جرت صدامات بين متظاهرين وقوات الشرطة التركية بعد صلاة الجمعة قرب جامع بايزيد الكبير. وتجمع نحو 5 الاف شخص بعد صلاة الجمعة امام الجامع، الذي يقع وسط المدينة وهم يهتفون «لعن الله اميركا» و«تركيا ليست اسرائيل».

وتواصلت ردود الفعل العربية على الحرب الاميركية البريطانية ضد العراق، ودعت الجزائر الى وقفة حداد، وطالبت البحرين وسورية ببذل الجهود لايقافها، وحذرت منظمة الثقافة العربية (ايسسكو) من التعرض للتراث العراقي، وطالبت منظمات اصولية العراقيين بتنفيذ «عمليات استشهادية» ضد الاميركيين. ودعت الحكومة الجزائرية في بيان المواطنين الى الوقوف دقيقة صمت في اماكن العمل والاماكن العامة في كافة انحاء البلاد اليوم «تضامنا مع الشعب العراقي ورفضا للعدوان». ودعت في اعقاب اجتماع لكبار المسؤولين في الدولة مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى «الوقف الفوري لاعمال الحرب والعودة الى الوسائل السلمية في حل النزاعات». ووصفت سورية الحرب بأنها «ظالمة»، مؤكدة ان «الولايات المتحدة تريد فرض سيطرتها على العالم اجمع»، ورأت ان «واشنطن ذهبت الى الحرب تحت غطاء وشعارات لا تقنع حتى الاطفال». وقالت ان اميركا تريد السيطرة على ثروات العراق. وأصدر مجلس النواب البحريني امس بيانا دعا فيه الى «وقف الحملة العسكرية على العراق، وتطبيق قرارات الامم المتحدة على الجميع ونزع اسلحة الدمار الشامل من جميع دول المنطقة بما فيها اسرائيل»، وطالب بتفعيل كل القرارات التي من شأنها حماية المدنيين الفلسطينيين والقدس الشريف من الهجمة الاسرائيلية. واكد مجلس النواب البحريني ايضا اهمية سلامة اراضي ووحدة دولة الكويت ورفضه كل انواع التهديدات التي مورست وتمارس ضدها.

وأعربت سلطنة عمان عن قلقها من العمليات العسكرية على العراق داعية الى انهائها بأسرع مايمكن وبأقل الخسائر البشرية الممكنة، وجاء في بيان رسمي امس ان حكومة سلطنة عمان تابعت «بقلق» العمليات العسكرية وتؤكد مواقفها الثابتة ضد الحرب كوسيلة لحل النزاعات بين الامم. وتدعو الى الحفاظ على سيادة العراق ووحدة أراضيه. ومن جهته ادان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية قصف العراق للكويت، معتبرا ذلك «عدوانا عراقيا ضد دولة عربية وخرقا لقرارات القمة العربية ومجلس الامن الدولي وميثاق الامم المتحدة ايضا». وشدد العطية على ضرورة «مطالبة العراق بالكف عن مثل هذه الاعمال التي من شأنها ان تؤدي الى مزيد من الخسائر والتدهور في المنطقة».

ودعت حركتا حماس والجهاد الاسلامي امس العراقيين الى القيام بـ«عمليات استشهادية» ضد الجنود الاميركيين والبريطانيين الذين يهاجمون العراق. وقال عبد العزيز الرنتيسي القيادي البارز في حركة حماس «ان الواجب الديني يحتم الدفاع عن الاوطان والمقدسات والحرص على بذل الارواح من اجل الوطن». واستنكر «الواقع العربي والصمت الذي يخفي وراءه تعاونا مع العدو». ووجهت حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين نداء مماثلا للعراقيين ناشدتهم «بالتقدم صوب القوات الغازية باحزمتهم الناسفة ليفجروا اجسادهم المباركة في قوات العدوان الصليبي الجديد لنصنع جيلا جديدا من الاستشهاديين في العراق». ودعت الحركة الى فتح الحدود «لقوافل المجاهدين والاستشهاديين ومدهم بالسلاح والعتاد» للقيام بمهامهم.

ودعا شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي امس الى الوقوف الى جانب الشعب العراقي والدفاع عنه قائلا ان «كل من يدافع عن الشعب العراقي فيقتل فهو شهيد». واضاف «الشعب العراقي قطعة منا ونحن قطعة منه»، ووصف ما يمر به الشعب العراقي حاليا بأنه ظلم يتعين رفعه. ودعا البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية و23 من بطاركة وممثلي الكنائس الشرقية الى مساعدة الشعب العراقي «ووقف العدوان ضده» واكد انهم يقومون بمساع لتقليص المدى الزمني والجغرافي للحرب الاميركية ضد العراق لا سيما فى استهداف المدنيين الابرياء، وناشد في بيان الحكومات والمنظمات الدولية التي تعني بالصحة والاغاثة والتنمية ان تسارع الى مساعدة المتضررين من هذه الحرب بدرء الاخطار عنهم.