بغداد تشعل خنادق النفط للتعتيم على الطيران الحربي والهجوم البري الأميركي ـ البريطاني يتوقف عند مشارف البصرة والناصرية

الهجمات الجوية والصاروخية تدمر مراكز السلطة والقيادة الرئيسية في بغداد والمدن الرئيسية الأخرى * جيوب المقاومة في أم قصر استمرت حتى أمس

TT

بينما لم يحقق الهجوم البري الذي شنته القوات الاميركية والبريطانية على جنوب العراق تقدما كبيرا امس بالمقارنة مع الاندفاعة السريعة التي شهدها اليوم الاول للهجوم اول من امس، لجأت القوات العراقية في بغداد الى الاستعانة بما يفترض انه وسيلة الدفاع الاخير عن العاصمة باشعال حرائق في خنادق مليئة بالنفط في اماكن مختلفة من بغداد وعلى اطرافها في محاولة لحجب الرؤية أمام الطائرات المغيرة بعد هجمات صاروخية وجوية عنيفة ومكثفة بدأت الليلة قبل الماضية وتواصلت امس على مراكز القيادة والسلطة في العاصمة وضواحيها والمدن الرئيسية الاخرى.

وفي البداية نسبت اعمدة الدخان التي تصاعدت في بغداد وحولها امس الى انفجارات وقعت بعد الظهر بعد اطلاق صفارات الانذار بينما شوهدت طائرات مقاتلة تحلق عاليا فوق بغداد.

ودفعت الخشية من حصول قصف الى اجلاء الصحافيين من المركز الاعلامي في وزارة الاعلام العراقية. الا انه تبين للصحافيين الذين توجهوا الى مكان وجود الحرائق ان الامر يتعلق بحرائق تم اشعالها في خنادق محفورة في اماكن مختلفة من المدينة وضواحيها.

ويتسبب النفط المحترق في دخان كثيف يتصاعد باتجاه السماء ولا يقوم احد باطفاء الحرائق التي لا يمكن الا ان تكون متعمدة. وافاد شهود عيان ان القوات العراقية اشعلت النار في خنادق مملوءة بالنفط حول العاصمة بغداد امس في محاولة على ما يبدو لتعتيم الرؤية فوق المدينة وهي هدف لضربات جوية للطائرات الاميركية والبريطانية.

وشاهد المراسلون ما لا يقل عن 20 حريقا مشتعلا حول بغداد ترسل سحابة كثيفة من الدخان الى السماء، وكان بالامكان شم رائحة النفط المحترق في المدينة.

وقد تعرضت مواقع عسكرية ومبان حكومية في عدة ضواح من بغداد امس لغارات جوية، حيث هزت الانفجارات الضواحي الجنوبية والغربية والشمالية من العاصمة العراقية وارتفعت اعمدة الدخان. وكان بين الاهداف التي تعرضت للغارات مجمع الرشيد العسكري الصناعي.

وكانت العاصمة بغداد ومدن رئيسية اخرى كالبصرة والموصل وكركوك قد شهدت الليلة قبل الماضية موجات من القصف العنيف شكل بداية الحملة الجوية الاميركية ـ البريطانية على العراق.

وقالت القيادة الاميركية ان 320 من الصواريخ العابرة اطلقت على بغداد. وافادت ايضا بان الطائرات الاميركية والبريطانية قامت بــ1000 طلعة واطلقت 1000 صاروخ عابر على العراق. وافادت المعلومات المستقاة من شهود عيان ومراسلين صحافيين بأن نحو 20 من مراكز القيادة العراقية في بغداد قد دمرت تماما، وبينها قصور رئاسية ومقار للمخابرات والاستخبارات العسكرية والامن العام والقوة الجوية ومعسكرات للحرس الجمهوري ومشآت للصناعة العسكرية.

واعلن وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف في مؤتمر صحافي صباح امس ان قصف الليلة قبل الماضية في بغداد اسفر عن جرح 207 مدنيين معظمهم من النساء والاطفال.

وقال وزير الصحة العراقي اوميد مدحت مبارك ان ثلاثة اشخاص قتلوا في المدينة ليلا. من جهته اعلن هوشيار زيباري المسؤول في الحزب الديمقراطي الكردستاني في اربيل امس ان القصف الاميركي اصاب القاعدة الجوية العسكرية الرئيسية في كركوك وقصرا للرئيس صدام حسين في الموصل (شمال).

وكانت القوات البرية الاميركية والبريطانية قد اعلنت عن سلسلة انتصارات اول من امس في ام قصر وفي شبه جزيرة الفاو اقصى جنوب البلاد. لكن متحدثين اميركيين وبريطانييين اعترفوا صباح امس بوجود «مقاومة في بعض انحاء ام قصر». وقال متحدث عسكري بريطاني ان القوات الاميركية والبريطانية سيطرت امس على الجزء الاكبر من ميناء ام قصر وان عسكريين عراقيين يقاومون في بعض المواقع.

واعلن متحدث اميركي ان «آلاف» الجنود العراقيين اسروا الليلة قبل الماضية قرب الفرات بينما تحدثت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) عن استسلام الفرقة الواحدة والخمسين العراقية المتمركزة في البصرة. لكن بغداد نفت ذلك رسميا.

وقال الصحاف ايضا ان الجيش العراقي الحق «خسائر فادحة» بالقوات الاميركية والبريطانية ونجح في صد عدة هجمات في جنوب العراق، مؤكدا ان القوات العراقية «ثابتة في مواقعها» في ام قصر.

من جهة اخرى، اعلن الناطق البريطاني الكابتن الآن مساي ان ستة عسكريين بريطانيين وجنديا في مشاة البحرية الاميركية قتلوا في اصطدام مروحيتين بريطانيتين فوق المياه الدولية في الخليج. وكان ثمانية عسكريين بريطانيين واربعة اميركيين قد قتلوا يوم الجمعة في حادث تحطم مروحية في شمال الكويت.

وفي شمال العراق، تحدث مراسلون عن عمليات قصف واطلاق المدفعية المضادة للطيران في مدينتي الموصل وكركوك. وتحدث رئيس اركان الجيوش البريطانية الادميرال مايكل بويس عن عناصر متقدمة لقوات التحالف تتمركز منذ الليلة قبل الماضية عند ابواب البصرة ثاني مدن العراق والواقعة على شط العرب.

واكد وزير الدفاع البريطاني جيف هون ان وحدات من الجيش العراقي «انسحبت من البصرة على ما يبدو» والقوات الحليفة باتت «قريبة» منها.

وصرح رئيس هيئة اركان الجيوش الاميركية الجنرال ريتشارد مايرز بأن القوات الاميركية والبريطانية سيطرت على حوالي الف من آبار النفط في المنطقة. واعلن ان وحدات من القوات الخاصة سيطرت ايضا على مهبط للطائرات في غرب العراق وان البحرية استولت على ثلاث سفن حربية عراقية.

وبالتزامن مع الهجوم على البصرة واصلت دبابات مشاة البحرية الاميركية (المارينز) تقدمها باتجاه وسط البلاد. وقال مايرز ان طلائع القوات البرية تقدمت 160 كيلومترا داخل الاراضي العراقية في منطقة الناصرية واحكمت السيطرة على طريق رئيسي يتجه شمالا.

وقال احد القادة الميدانيين يرافق هذه القوات ان «الامور تجري طبقا للخطة المرسومة. لقد انجزنا جميع المهمات في المهل المحددة».

وكانت قد دارت في الليلة قبل الماضية معارك بين فرقة مشاة البحرية الثالثة في الجيش الاميركي والقوات العراقية في المنطقة، وحسب ضابط اميركي فان قواته اسرت «آلاف» الجنود العراقيين.

وقال الكابتن اندرو فالز الناطق باسم اللواء الاول في فرقة مشاة البحرية الثالثة ان جنود الفرقة الـ51 المؤللة في الجيش العراقي استسلموا بعد ذلك الاشتباك قرب الفرات.