عمرو موسى: دول عربية أرادت الحرب ولست مهتما بأن تبقى الجامعة العربية أو لا تبقى

أمين عام الجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط»: أعذر المرارة الشديدة في الكويت لكن أرى أنهم يجب ألا يساعدوا على غزو العراق

TT

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، ان فرصة وقف الحرب في العراق ضئيلة جداً لكنها لم تضع كلية. واضاف أن وقف الحرب هو الواجب السياسي علينا جميعاً الآن بعد الدمار الذي نراه في الأراضي العراقية. وأشار الى أنه رغم المقاومة الشرسة للعراقيين الذين واجهوا وفاجأوا القوات الأميركية ـ البريطانية الا أن الحرب ما زالت هي الخيار المطروح والممارس.

وقال موسى في حوار مع «الشرق الأوسط»: «لو كان للعرب موقف واحد مما يجري لما وقعت الحرب، كما كان يمكن وقفها في أول يوم اندلاعها لو أن العرب وقفوا على قلب رجل واحد». وأكد موسى، بصراحته المعهودة، أن هناك انقساماً عربياً تجاه الحرب. وأشار في نفس الوقت الى أن اخفاء هذا الانقسام غير مطلوب وغير صحي وغير أمين.

* هل ما زالت هناك فرصة لوقف الحرب في العراق؟

ـ الفرصة ضئيلة لكنها لم تضع كلية، لكن الحرب لا منطق لها، ووصلت الآن الى مرحلة فيها شد وجذب.. غزو ومقاومة ومعارضة كبيرة جدا، لكن في نفس الوقت هناك اصرار بان الحرب ما زالت هي الخيار المطروح والممارس، انما من ناحية ثانية يجب ألا نتوقف عن المطالبة بوقفها، فالعمل على وقفها ضروري، لان وقف الحرب هو الواجب السياسي علينا جميعا، وخصوصا في ضوء الدمار والخراب اللذين نراهما، وكذلك بالنسبة للاميركان، فالصورة التي كانت في ذهنهم ليست هي على ارض الواقع، فقد واجهوا، أو فوجئوا بوضع مختلف تماما عما كان في ذهنهم، وكذلك ان قوة وقسوة الضرب شيء مهول يجعلنا في كل الاحوال نعمل على استغلال اي فجوة أو نقطة نستطيع ان نستغلها لوقف الحرب. وقد ذهبنا الى مجلس الامن فعلا بناء على قرار وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الاخير، انما القرار لم يتخذ لظروف معينة وحسابات معينة ورأينا ان نذهب الى الجمعية العامة.

* ما هي الادوات التي ما زال العرب يملكونها فرادى أو كجامعة عربية في محاولة الوصول الى وقف الحرب؟

ـ لو اتخذ العرب كلهم موقفا واحدا لما قامت الحرب، ولو قاموا بتوحيد مواقفهم اول يوم لتوقفت الحرب، انما العرب ليسوا على موقف واحد «مفيش كلام»، واخفاء ذلك الآن مسألة غير مطلوبة وغير صحية وغير أمينة ايضا، العرب ليسوا على قلب رجل واحد.. نعم الشعوب كلها على قلب رجل واحد، يرفض الحرب، انما ما نراه يصعب الموقف العربي اكثر ويصعب على الجامعة العربية القيام بدورها.

* وهل معنى ذلك ان هناك دولا عربية ارادت الحرب؟

ـ قطعا هناك دول عربية ارادت الحرب، وهناك من قام بالتحضير للحرب وافترض نهايتها بشكل محدد، انما اعتقد ان المقاومة العراقية الشرسة للغزو تساعد على قلب الحسابات وتحديد مواقف، ما زالت في مرحلة التكوين، ولكن العرب ليسوا على قلب رجل واحد، ومن هنا يصعب دور الجامعة العربية.

* مرحلة التكوين التي تتحدث عنها.. ايهما سيكون أسبق نهاية الحرب أم المواقف الجديدة؟

ـ الحسابات كلها والتصورات والتحليلات تقول ان الحرب ستكون ضارية، ومع طول الحرب وشدة المقاومة سيتغير الموقف العربي أو المواقف العربية، ومواقف كثيرة عشناها، كما يجب ان نرصد هذا ونعمل على تشكيله، في اللحظة التي يحصل فيها موقف عربي جماعي أو الغالبية العظمى رسميا وليس فقط شعبيا، ثق بانه سيكون للعرب موقف فاعل على غير ما هو جار اليوم.

* تقصد على غير ما جرت العادة؟

ـ العادة التي نحاول تغييرها.

* الشارع العربي يعاني حالة من حالات الاحباط غير الطبيعية، وهناك اصوات تتحدث عن وفاة العرب ونهاية العرب ووفاة الجامعة العربية، ما هو تفسيرك وتقييمك لمثل هذه الدعوات وما مدى صحتها؟

ـ تقييمي ان العرب فعلا في حالة ضعف كبير، ضعف في لحظة تاريخية، تكشف الضعف اكثر واكثر و تضخم من صورته مع الاسف. وبالنسبة للجامعة العربية طالما بقي الجسد العربي ضعيفا لا يمكن العمل، الا انه مع ذلك هناك من يحاولون، وانا منهم، علاج الموقف واستثمار الفرص الكثيرة. وطالما الموقف العربي بهذا الضعف فانه ينعكس على الجامعة العربية ومستقبل الكيان العربي.

* هل تعتقد ان اعادة النظر في وضع الجامعة العربية يستلزم الانتظار حتى تنتهي هذه المرحلة؟ وهل هذا هو التوقيت المناسب لمناقشة وضع الجامعة؟

ـ التوقيت المناسب ليس الآن، فالعرب أو الدول العربية في حالة تعبئة سياسية، وانتظار وتركيز على الموقف العراقي، ومحاولة لم الصفوف وتهدئة اوضاع أو مواقف عربية معينة، انما ننظر في اعادة النظام العربي نفسه، وهذه مسألة تحتاج «ناس» تقعد وتقول ماذا ترى وماذا حدث، واحنا وصلنا للمرحلة كذا ولا بد من عمل كذا، لا بد، المسألة ليست مسألة قرار في يوم، يعني لا بد من طرح الموضوع كله، هذا ما حدث، وهذه نتيجته ونتيجة الضعف، الجامعة العربية لن تستطيع ان تستمر بهذا الشكل، ولا بد من اعادة النظر في النظام العربي كله، وهذا يقتضي طرحا وشرحا وتوافقا في الآراء، أو قرارات تتخذ في حالة الفشل، انما اليوم والحرب قائمة غير ممكن.

* العرب ضد العرب

* هل تعتقد ان هناك قوى عربية موجودة سواء دول أو قوى عربية تعوق مسألة تطوير وتفعيل الجامعة العربية؟ هل لمست ذلك خلال الفترة الماضية؟

ـ هناك قوى عربية لا تريد تفعيل الجامعة بلا شك، أو ضد تفعيلها بدرجة عالية، لكن ليس عندهم مانع من تفعيلها بدرجة بسيطة، وليس بالدرجة التي تجعل الجامعة العربية صوتا اساسيا في العالم العربي، انما الموضوع ليس جعل الجامعة العربية فعالة أو غير فعالة، انما الجامعة نفسها بعد هذا الانقسام الخطير، هل ستظل تمثل العرب، أم لا بد من اعادة النظر في النظام العربي والمنظومة العربية ودور الجامعة العربية أو غيرها؟ هذا بات ضرورة اليوم. بعد ما رأينا لا يمكن الكلام على اعادة هيكلة الجامعة العربية، والعمل العربي المشترك في اكبر الازمات لم يكن مشتركا.

* ماذا تقصد بدور الجامعة أو غير الجامعة هل تعتقد ان هناك شكلا آخر يمكن ان يكون موجودا؟

ـ ممكن جدا، فكما كانت الحرب العالمية الثانية ايذانا بانتهاء «عصبة الامم» وبداية الامم المتحدة، قد تكون الحرب العراقية أو الفشل في الناحيتين العراقية والفلسطينية ايذانا بأن نجتمع ونبحث عن حل، انما المهم ان نبحث، ولا بد ان نفكر في هذا.

انا كأمين عام للجامعة العربية لست مهتما بأن تبقى الجامعة العربية أو لا تبقى، انما اهتم بالمصلحة العربية أو المصلحة الاقليمية والمصلحة الاستراتيجية للدول العربية، وكيف تعيد ترتيبها وتحاول بقدر الامكان اعادة اقامتها، كيف يكون ذلك هل بالابقاء على الجامعة؟.. «مفيش مانع» اذا كان هذا صحيحا هل بتنظيم آخر أو منظمة اخرى بوضع نظام جديد ممكن، انما الآن نحن نفكر في مستقبل العالم العربي بعد الهزتين الكبيرتين اللتين اصابتا النظام، أي فلسطين والفشل الجاري فيها، والعراق والاحداث الدامية هناك.

* هل بدأتم وضع سيناريوهات مختلفة لهذا المستقبل؟ وهل بدأتم التفكير فيه؟

ـ ليس بعد، الكثير من الحديث سيتوقف على نتائج الاحداث الحالية. الموضوع ان الجامعة العربية ليست الخيار كأساس، ولا هي الخيار الضروري او الاوحد، هناك خيارات كثيرة بما في ذلك بقاء الجامعة وتفعيلها باعادة النظر في ميثاقها.

* الى أي مدى لمستم قدرا من الالتزام من الدول العربية، سواء بقرارات قمة شرم الشيخ أو بقرارات وزراء الخارجية العرب، خاصة فيما يتعلق بمسألة التسهيلات أو المساهمة في العمل العسكري ضد العراق؟

ـ موضوع التسهيلات والمشاركة لم يؤثر كثيرا، لان التسهيلات قائمة مسبقا، ولكن اثرت امور اخرى، فالحركة العربية نشطت. على كل حال كانت هناك حركة بناء على قرارات شرم الشيخ والجامعة العربية.. قرار شرم الشيخ كان بتشكيل الموقف العربي المصر على رفض الحرب، وقرار مجلس وزراء الخارجية العرب كان بتصنيف الحرب وتعريفها بأنها عدوان، وهذا موقف مهم جدا، المسألة ليست ان هناك خجلا أو خوفا من ان تسمى الاشياء بمسمياتها، على الاقل مجلس وزراء الخارجية سمى الاشياء بمسمياتها، وقال هذا اعتداء على دولة عربية، وليس «حربا صديقة»، وقرار الذهاب الى مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة تم تنفيذه، وهذا يعني ان امورا جرت بناء على قرارت شرم الشيخ ومجلس وزراء الخارجية.

وأحب ان اقول ان قرار قمة بيروت ايضا كان مهما جدا، لانه وضع الاساس للموقف ضد ضرب العراق.

* الموقف الكويتي

* ما تفسيرك للموقف الكويتي؟ هل هو موقف مبدئي عقائدي وسياسي أم هو موقف دولة في ازمة؟

ـ انا تابعت الموقف الكويتي جيدا، كما تابعت الموقف العراقي، ويمكن في تاريخ الجامعة العربية الاهتمام والمتابعة الفعالة في قضية ما لم يحدث كما حدث للجامعة العربية في السنتين الاخيرتين، فقد فرض دور الجامعة العربية فرضا، وكان مؤثرا في تحويل الاحداث، وتعلم ان القرار 1441 اشار الى هذا، اي الى دور الجامعة العربية في محاولة تجنب العراق الحرب، لاننا مهما كان الخلاف بين دول عربية وبين العراق لا نريد ضرب العراق، فما بالك بتدمير بغداد، بغداد هي اسم مهم جدا في تاريخ العرب، وليست مجرد مدينة يتم تدميرها، انها بغداد ذات التاريخ العريق في اذهان ونفوس العرب، بغداد اسم كبير. وبالنسبة للكويت حين تتخذ مثل هذا الموقف، يجب ان تعود الى 12 سنة مضت، ونعترف ان هناك مرارة شديدة جدا بداية من عام 1990، هذه المرارة هي المسؤولة عن هذا الموقف. ولذلك حين عملت في موضوع العراق باصرار، وكانت الكويت أو الاعلام الكويتي أو بعض الاقلام في الصحافة الكويتية تتناولني، لم احاول أن أرد عليها، لكن تأثرت بها لانني اعذر المرارة الشديدة، ومهما كان هناك الاعتداء العراقي الذي وقع عليهم سنة 1990، الا انني أرى انهم يجب ألا يصلوا الى تمرير أو المساعدة على غزو العراق.

* بعد بداية الحرب هل هناك اتصالات تمت بين الجامعة العربية وبين الدولتين الغازيتين للعراق؟

ـ بعد الحرب لم يحدث الا العمل الدبلوماسي العادي والمتابعة العادية، ولم تحدث اتصالات مع اميركا وبريطانيا انما حدث اتصال مع الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي.

* تتحدث الاطراف العربية والعالمية جميعها عن مرحلة ما بعد سقوط النظام العراقي ومرحلة اعادة اعمار العراق، هل فكرتم في مرحلة ما بعد سقوط النظام في بغداد؟ وما هي طبيعة التعامل مع أي نظام سيكون موجودا؟ وهل هناك سيناريوهات في هذا الاطار؟

ـ هناك سيناريوهات كثيرة، وطبعا لا بد ان نفكر في مستقبل العراق، لكن المرحلة القصيرة القادمة سوف تحددها طبيعة العمليات العسكرية وطبيعة المقاومة، ولا بد ان يكون بحثنا في هذا بحثا ديناميكيا، بمعنى ألا تتخذ موقفا الآن ونلتزم به، لان الامور قد لا تحدث مثلما يتصور البعض، وبالتالي نحن نتابع الموقف ساعة بساعة، ومع الامم المتحدة وقراراتها وقرار مجلس الامن الأخير، نبحث كيف يمكن ان تفيد الجامعة العربية العراق في مستقبل الأيام، وفي أي من الاوضاع ستكون، أنا لا افترض وضعا معينا لان الامر فيه حركة كبيرة جدا، وتصورات كبيرة جدا والامور لا تسير طبعا للتصور الذي كان موجودا لدى الناس قبل المعارك.

* طه ياسين رمضان وجه انتقادات قوية للنظام العربي والدول العربية.. الى أي مدى تتفق معه أو ما هو تقييمك لهذه الانتقادات؟

ـ الناس تحت ظروف صعبة جدا.. وظروف الاعتداء القاسي، وينتظرون الكثير، ولن يقنعوا بالكلام، ومن هنا تأتي انتقادات الأخ طه ياسين رمضان اني أقول ان قرار مجلس الوزراء العرب كان قويا ومهما ومطلوبا، وهو القرار الأول الذي يعرف الوضع على ما هو عليه وهذا ليس بسيطا.

* ما هي الحلول التي يمكن ان تصل اليها الدول العربية في مسألة دعم العراق في هذه المرحلة؟

ـ لا بد من تقديم كل انواع الدعم للعراق.

* ماذا تعني بكل أنواع الدعم؟

ـ دعم سياسي لمعارضة الحرب، ويجب الدعم بالادوية والطعام، وانما واضح ان العراقيين لن ينتظروا أحدا.. قالوا اننا سنقاوم.

* هل تعتقد ان الفجوة بين الانظمة العربية وبين الشعوب قد اتسعت في هذه المرحلة؟

ـ لا.. اعتقد انها ضاقت، انني اعلم ان حديث الانظمة لا يختلف عن الحديث العادي كثيرا، قد يكون لديهم حسابات مختلفة، انما الكل شاعر بالحرب على العراق، هناك تصورات سطحية مغشوشة غير مدروسة. مجمل الموقف العربي كما قلت لك ضعيف.

* خريطة الطريق

* هل تعتقد ان تلويح واشنطن بخريطة الطريق خطوة جديدة على طريق التسوية؟

ـ أرى انه تلويح لا قيمة له، لان مجرد نشر ورقة لن يغير من الأمر شيئا، والعرب ليسوا «هبل» الى هذه الدرجة، يعني انهم يعتبرون العرب مجموعة من السخفاء الذين يجرون وراء ورقة، ويعتبرون ان هذا اختراق عظيم.. اعلان الورقة ليس اختراقا، ولا يشكل أي تأثير على السياسة العربية. الذي يغير الموقف هو وقف المستوطنات واعلان هذه الورقة ومعها جدول زمني محدد، وضمانات من الدول العظمى ومجلس الأمن بالضرورة، ان الذي سيخرج عن التنفيذ سوف يعاقب بما في ذلك اسرائيل، انما وضع اسرائيل الحالي وضع متميز، وتتمتع بحصانة دولية وقوة معينة، وبالتالي موضوع خريطة الطريق ليس هو البلسم الشافي، هي بذاتها وبدون جدول زمني لا تساوي شيئا.

* ما تقييمك لاختيار رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)؟ هل سيكون خطوة ايجابية على الطريق؟

ـ ولماذا نشغل أنفسنا بأنه خطوة ايجابية أو غير ايجابية دعنا نتمنى له النجاح.

* الى اي مدى أوفت الدول العربية بالتزاماتها في المرحلة الحالية والسابقة تجاه الجامعة العربية؟

ـ ليست كل الدول العربية ملتزمة.. انما بعد الحرب سنعلن من التزم ومن لم يلتزم.

* ستعلنون ذلك؟

ـ طبعا.. طالما عرف ان هناك انقسامات في العالم العربي، لماذا في مؤتمرات القمة يكون الكثير من الكلام علنا، لماذا لا نعلن ان هناك دولا لم تدفع حصصها الآن، تدفع للأمم المتحدة أو لغيرها. ولن تتعرض الجامعة العربية للضغط طول ما أنا أمينها العام، لن يضغطوا عليها، الخط السياسي سيكون هو الخط العربي.

* سمعت لك تصريحا منذ يومين في الـ«بي. بي. سي» قلت فيه انك تشعر في النهاية بأنك غير سعيد بوجودك في منصب الأمين العام؟

ـ طبعا غير سعيد في مثل هذا الموقف الذي، بالتأكيد، لا يسر أحدا..

* بالنسبة لمستقبل العراق، من الواضح ان اميركا وبريطانيا مستمرتان في خطهما، وواضح ان اسقاط النظام هدف سوف يتحقق، كيف ستتعاملون مع النظام الجديد؟ ـ ليس هذا الوقت الذي نتكلم فيه عن هذا الموضوع، الآن الحديث عن الحرب، أما موضوعات المستقبل فمن حق الكل ان يدرسها، ويتحسب لها، ولكن لا اعتقد انه من السليم ان نعلق على هذا الآن ونتحدث عنه في الوقت الحاضر.

* فيما يتعلق بمسألة العلاقات الدولية، الكتاب في بريطانيا واميركا وفي الغرب عموما يتحدثون عن انه بات هناك شكل من اشكال الطلاق البائن بين اميركا وبين الاتحاد الاوروبي، هل تعتقد ان هناك خريطة جديدة في العلاقات الدولية سوف يتم تشكيلها في المرحلة القادمة؟

ـ اعتقد ان هناك خريطة جديدة سيتم تشكيلها، ولكني اشك في الطلاق البائن، بمعنى ان هناك انفصالا جسديا من أي نوع، هناك نزاع بينهما قد يصل الى مرحلة طلاق غير بائن، ولكن المؤكد لدي ان خريطة العلاقات الدولية سوف تتغير بسبب مواقف وسياسة الولايات المتحدة التي تقول انا وحدي صاحبة القرار، وبسبب رفض الدول الاوروبية الكبرى، وبسبب ثبوت ان ذهاب السياسة الاميركية وحدها في أي مجال لن يكون سهلا، وما يحدث في العراق اليوم هو أحد العناصر الرئيسية التي ستفرض تغييرا على اسلوب اتباع سياسات معينة في النظام الدولي الجديد، لان هناك عنصرا يعود الى الرأي العام العالمي، الذي يكاد يكون قوة عظمى وحده، له تأثيره وله فعله ورد فعله، كل هذا سيؤدي الى تغيير ما كان موجودا من سياسات وخطط، ونظام دولي مقترح لدى البعض، خصوصا في الولايات المتحدة، وبالتحديد في الدوائر اليمينية المحافظة فيها، لا اعتقد انه سيستمر الآن، فالرأي العام العالمي يقف في مواجهة هذه السياسة، بالاضافة الى دول اوروبية كبيرة ودول كثيرة في العالم، ثم ان تطبيق هذه السياسة عسكريا ثبت انه لا أحد يخاف منه، وهناك مقاومة، بل مقاومة شديدة. كل هذا سيؤدي الى تشكيل خريطة جديدة، النظام الدولي الموجود قبل ثلاثة أشهر من الآن لن يكون موجودا بعد الحرب في العراق.

* فيما يتعلق بالامم المتحدة ومجلس الامن، هل تعتقد ان ذات المنظمة بنفس الشكل قابلة للاستمرار في مرحلة ما بعد الحرب؟

ـ الى مرحلة معينة نعم، ولكن تعرضت لحرب بقوة، ومجلس الامن مشلول، وهذا معناه ان مصداقيته هبطت. مصداقية مجلس الأمن ارتفعت عندما رفض ان يسير وراء سياسة دولة واحدة، لكن حينما تندلع الحرب في نفس الوقت الذي يكون فيه المجلس مسؤولا عن حفظ الأمن والسلم الدوليين ولا يتحرك، ستتراجع مصداقيته.

* هل استمعت الى أغنية شعبان عبد الرحيم الأخيرة «الضرب في العراق»؟

ـ طبعا.. أغنية ممتعة وانبسطت منها جداً.