إمدادات المياه والكهرباء ما زالت متوفرة بالبصرة وأسر قتلت خلال الاشتباكات بين القوات البريطانية والعراقية

TT

استمر الحصار المضروب على البصرة أمس، مع استمرار القصف المدفعي من قبل الوحدات الاميركية والبريطانية باتجاه المناطق المدنية مما أدى إلى مقتل وجرح سبعة أشخاص وكان ذلك نتيجة لانتشار وحدات عسكرية عراقية داخل بيوت المدنيين وفي ضواحي مناطق سكنهم.

وبعد أن بدت البصرة كأنها مدينة هادئة لعدة ساعات تحول الوضع فيها بسرعة لتسكنها الفوضى بعد أن راحت القذائف تهزها بعنف. ومن كل أطراف المدينة كان ممكنا سماع الطائرات المقاتلة متبوعة بسيل من الانفجارات في المنطقة الصناعية المتميزة بما تتركه من أعمدة دخان سوداء.

ولم تكن الانفجارات التي سبَّبتها الرشاشات الاوتوماتيكية بعيدة عن طريق حافل بالمسافرين بأكثر من 50 مترا، ومع زيادة عدد الانفجارات وتجدد عمليات القتل عاد الناس الذين سُمح لهم بالدخول إلى البصرة عند توقف القتال ثانية هاربين من المدينة. لكنهم في هذا المرة أوقفوا من قبل الدبابات البريطانية وهذا ما جعلهم يجدون أنفسهم واقعين في منطقة خطيرة.

وحينما حاولتُ الهروب من المدينة مُنعت بواسطة دبابة بريطانية حركت برجها القتالي بشكل متعامد مع الشارع على الرغم من وجود إشارة الإعلام فوق سيارتي.

وكان ممكنا مشاهدة رجال شرطة عراقيين بملابس رسمية على بعد أربعة كيلومترات داخل البصرة وكانوا يحملون بنادق من نوع أيه كاي 47 ويوجهون حركة النقل، وهذا يدل على أن السلطات العراقية ما زالت تسيطر على الوضع. وحينما حاولت سيارتان تحملان سبعة صحافيين إيطاليين الخروج من المدينة أوقفهم رجال الشرطة وطلبوا من السائقين ان يديرا سيارتيهما ويعودا من حيث جاءا ولم يسمع أي شيء عن هؤلاء الصحافيين.

وتعتبر أجزاء من البصرة آمنة حاليا مثل نقطة التفتيش التي تديرها القوات البريطانية على الجسر الرئيسي الذي يقود إلى مركز المدينة، لكن حدث إطلاق نار مفاجئ على تلك النقطة من قبل الجنود العراقيين.

وكان هناك مصور من قناة «تي. في. 2» الفرنسية عند أول نقطة تفتيش حينما انفجرت قذيفة هاون على بعد عشرين مترا من موقعه مما أدى إلى إصابة ساقيه بالجروح وقام الطاقم المرافق من صحافيين بنقله تحت حماية البريطانيين.

وعلى العكس مما جرى في ام قصر، فإن إمدادات المياه والكهرباء لا تزال متوفرة في البصرة، كما شوهدت طوابير السيارات أمام محطة للتزود بالوقود. وقبل ان يبدأ القتال العنيف بدت مدينة البصرة مكانا عاديا، اذ ان بعض سكان المدينة كانوا يتجولون في الشوارع بل ان بعض المحال التجارية فتحت ابوابها. الاطفال ايضا كانوا يمشون في الشارع وكان بعضهم يلعب كرة القدم، بل ان بعض الشباب كان يباشر بعض الاعمال الزراعية في هذه المنطقة المعروفة بنشاطها الزراعي.

الشهود الذين سمح لهم في نهاية الامر بمغادرة المدينة مشيا عقب اندلاع القتال قالوا ان اسرا لقيت مصرعها خلال تبادل إطلاق النار بين الجنود العراقيين وجنود تابعين للقوات الاميركية والبريطانية التي تسعى للسيطرة على احياء في مدينة البصرة.

اقتاد رجل ابناءه الثلاثة الذين يعملون جنودا في الجيش العراقي الى نقطة تفتيش للقوات البريطانية وامرهم بتسليم انفسهم، وعندما سئل عن السبب في إقدامه على ذلك رد قائلا ان هذه المعركة ميؤوس منها كما يظهر ذلك كل ساعة. واضاف قائلا: «معنويات الجنود العراقيين متدهورة وذخيرتهم بدأت تنفد وليس هناك وجه مقارنة بينهم والاميركيين، ولا يعني ذلك سوى انهم سيموتون في النهاية وانا لا اريد ذلك. افضل ان يبقوا احياء كأسرى حرب».

ولدى سؤال الجنود الاشقاء الثلاثة عما اذا كانوا قد قاتلوا الاميركيين بضراوة داخل البصرة، نفوا ذلك نفيا قاطعا، وأوضح احدهم انهم فروا من الجيش وسلموا انفسهم للبريطانيين لأنهم لا يريدون القتال، مؤكدين انهم يرغبون في حماية قوات التحالف لهم لأنهم سيقتلون بواسطة الجيش العراقي اذا رفضوا القتال.

وفي الطريق خارج المدينة سألني عراقي عما اذا كنت اتحدث العربية، ولدى اجابة المراسل بالنفي رد العراقي قائلا: «انك عربي، وعندما تنتهي هذه الحرب سترى ما سنفعله بالعرب. سنقتل العرب، انهم أوغاد».