القوات الأميركية تواصل تقدمها نحو بغداد من جنوبيها الشرقي والغربي وتفصلها عن المدينة 30 كيلومترا بعد اجتيازها «الخط الأحمر» الكيماوي

«البنتاغون» يتحدث عن إطلاق نار من مرقد الإمام علي بالنجف ويعلن «تدمير» فرقة للحرس الجمهوري في الكوت

TT

اصبحت طلائع القوات الاميركية الزاحفة صوب بغداد من الجنوب الغربي على بعد 30 كيلومترا فقط من المشارف الجنوبية للعاصمة العراقية وعبرت «الخط الاحمر» الذي يعتقد ان القوات العراقية ستستخدم عنده اسلحة كيماوية ضد القوات الاميركية. وقالت القيادة العسكرية الاميركية ان وحدات متقدمة آتية من الجنوب الشرقي عبر وادي نهر دجلة أصبحت على مبعدة 40 كيلومترا فقط من العاصمة.

وقال البريجادير جنرال فينسنت بروكس في مؤتمر صحافي في مقر القيادة الوسطى الاميركية في قاعدة السيلية (قطر): «لدينا قوات عبرت بالفعل تلك الخطوط الحمراء» حيث يرتدي الجنود الاميركيون الملابس الواقية من الهجمات الكيماوية. وقال بروكس انه في حالة استخدام أسلحة كيماوية «فاننا سنكون مستعدين... هذا يجعلنا نتخذ أوضاعا وقائية لحماية قواتنا مع اقترابها من هذه المنطقة لكنه لن يوقفنا». واضاف ان الوحدات الاميركية «دمرت» فرقة بغداد التابعة للحرس الجمهوري العراقي المتمركزة في منطقة الكوت (150 كيلومترا جنوب شرقي بغداد). وقال «ان الفرقة الاولى من المارينز هاجمت (فرقة بغداد) قرب مدينة الكوت وعبرت نهر دجلة». وتابع «تم تدمير (فرقة بغداد)». وردا على سؤال حول مصير الفرق الاخرى التابعة للحرس الجمهوري قال «انها في وضع سيئ وتتعرض حاليا لهجمات كبيرة (من القوات الاميركية)». وحول ما يعنيه بـ«تدمير» فرقة بغداد قال الجنرال بروكس «هذا يعني ان قيادتها قد انفرطت، وان قسما من تجهيزاتها دمر، واننا قتلنا او اسرنا عددا من عناصرها». وكان مسؤول آخر في القيادة الوسطى قد اعلن صباح امس ان القوات الاميركية شنت امس هجمات على اربع فرق للحرس الجمهوري العراقي تدافع عن بغداد. واضاف هذا المسؤول طالبا عدم الكشف عن اسمه ان القوات البرية والمحمولة جوا هاجمت فرق بغداد والمدينة ونبوخذنصر المنتشرة على شكل قوس في جنوب بغداد، كما هوجمت الفرقة «عدنان» المنتشرة الى الشمال من الجو. وفي وقت سابق اكد ضابط اميركي كبير في ميدان العمليات ان «المارينز» عبروا امس نهر دجلة بالقرب من الكوت وقاموا بعزل فرقة «بغداد» التابعة للحرس الجمهوري. واضاف الضابط الذي طلب عدم ذكر اسمه ان «الدفع الاخير نحو بغداد جار الآن». وقال ان «الفرقتين الثالثة والرابعة في الجيش العراقي باتتا في قبضة اليد». وزعم الضابط ان الجنود العراقيين لا يبدون مقاومة كما انهم يفرون امام تقدم القوات الاميركية. وتابع ان قواته سيطرت على معبر رئيسي فوق نهر دجلة في وسط العراق امس وسيطرت على الطريق السريع الرئيسي من الكوت الى بغداد. ومضى يقول «هذا هو آخر جسر رئيسي نحتاجه» في التقدم صوب بغداد «هذه هي الخطة وهي ناجحة... تحرك اليوم تحرك رئيسي. ما زالت هناك معركة دبابات مستمرة». ولم يتضح اي جسر عبره مشاة البحرية الا انه يبدو انه ليس في الكوت ذاتها. وهناك جسر رئيسي يقع على بعد نحو 45 كيلومترا غرب الكوت قرب النعمانية. وقال الضابط «ليست هناك خسائر تذكر في صفوفنا».

من ناحية ثانية، قال مسؤول بمقر القيادة الوسطى الاميركية في قطر ان العراقيين أطلقوا النار على القوات المتحالفة من داخل مرقد الامام علي بمدينة النجف (160 كيلومترا جنوب بغداد) امس، لكن الاميركيين امتنعوا عن الرد باطلاق النار. ولم يتسن التأكد من التقرير على الفور. وقال المسؤول الاميركي «ان استخدام النظام العراقي لمسجد الإمام علي لأغراض عسكرية هو أحدث مثال لاستراتيجية النظام المستمرة في تعريض أماكن مقدسة بالعراق للخطر». وكانت القوات الاميركية قد هاجمت امس مواقع «فدائيي صدام» في المدينة وقصفت مقر حزب البعث فيها. وشاركت في الهجوم طائرات من طراز «ايه/10» وحلقت خلاله فوق النجف على ارتفاع منخفض وفتحت النار على مقاتلين يعتقد انهم من «فدائيي صدام» الذين يبدون مقاومة قوية للغزو الاميركي. وقال اللفتنانت كولونيل كريس هولدن من الفرقة 101 المحمولة جوا ان المدينة مركز لـ«فدائيي صدام» وان «الهدف هو تدمير وحدات الفدائيين وكل من يحاول تعطيل خطوط اتصالاتنا... سندمرهم».

ومع تقدم الفرقة 101 المحمولة جوا من الجنوب الى داخل النجف واصلت الطائرات الاميركية والبريطانية مهاجمتها جوا.

وتصاعدت اعمدة الدخان من المدينة بعد ان اسقطت طائرات تورنيدو البريطانية ست قنابل زنة كل منها 450 كيلوغراما على مقر حزب البعث، وقال مسؤولون انه دمر تماما. وذكروا ان الهجوم سيتضمن ايضا هجمات بطائرات هليكوبتر «اباتشي» وان المواقع المشتبه فيها لفدائيي صدام قصفت بأسلحة «مضادة للدبابات» قادرة على اختراق الجدران.

الى ذلك، قال الجيش الاميركي ان قاذفات أميركية من طراز بي/52 أسقطت امس ست قنابل عنقودية موجهة جديدة زنة كل منها 454 كيلوغراما اسقطت لاول مرة امس على طابور دبابات عراقي لمنعه «من مواصلة طريقه» باتجاه القوات الاميركية التي تقاتل الحرس الجمهوري العراقي. ولم تقدم القيادة أي تقييم لحجم الاضرار الناجمة عن اسقاط هذه القنابل بوسط العراق ولم توضح أين سقطت على وجه التحديد. وينشر هذا النوع من القنابل عددا من القنابل الاصغر المدمرة للمدرعات، وقد طور من نوع أقدم من القنابل بحيث يصيب الهدف على نحو أكثر دقة في أحوال الطقس المختلفة.

وتواصلت الغارات على بغداد امس واستهدفت من بين اهداف اخرى القصر الجمهوري مجددا. وورد ايضا تعرض مستشفى للتوليد تابع للهلال الاحمر العراقي للقصف مما ادى الى مقتل عدد من المدنيين واصابة 215 مواطنا على الاقل بجروح، حسب قناة «الجزيرة» الفضائية. كما تعرض احد مباني مجمع القصر الجمهوري في وسط بغداد الى القصف بصاروخ او «قنبلة ذكية» وتصاعد من المجمع الواقع على ضفة نهر دجلة غبار ابيض، غير ان هذا القصف لم يؤثر على حركة السير الكثيفة وسط العاصمة العراقية. وكان المجمع ذاته قد استهدف الليلة قبل الماضية.

من جهة اخرى، اكد وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف ان 24 عراقيا قتلوا وجرح حوالي 200 منذ اول من امس في القصف الاميركي ـ البريطاني على بغداد. وافاد بأن عمليات القصف على بغداد اوقعت عشرة قتلى وحوالي تسعين جريحا منذ مؤتمره الصحافي السابق قبل 24 ساعة. واضاف ان 14 عراقيا قتلوا ومائة اخرين جرحوا من جراء القصف العراقي في محافظات اخرى ولا سيما نينوى (شمال) وبابل والمثنى (جنوب). واتهم الصحاف ايضا القوات الاميركية والبريطانية بقصف اماكن دينية في النجف وكربلاء، موضحا ان هذه الهجمات انطلقت من صحراء النجف. واضاف «ان طائراتهم تحلق على علو منخفض فوق اضرحة الامام علي والامامين الحسين والعباس».

من ناحية ثانية، نفى الصحاف ان تكون القوات الاميركية تقدمت نحو بغداد انطلاقا من مواقعها في الجنوب حسب ما اعلنت القيادة الاميركية. وقال ردا على سؤال بهذا الشأن «انا لن ادخل في التفاصيل لكنني اؤكد ان هؤلاء الاوغاد سيكتشفون في الوقت المناسب في المستقبل ان ما كانوا يتظاهرون به غير صحيح». وردا على سؤال حول تأثير القصف الاميركي ـ البريطاني على المناطق الواقعة جنوب العاصمة قال الصحاف «ان تأثير هذا القصف ضئيل».

الى ذلك، نفى ناطق عسكري عراقي امس تدمير فرقة بغداد التابعة للحرس الجمهوري كما سبق ان اعلنت القيادة الوسطى الاميركية في قطر. وقال الناطق «لا اساس لهذه الادعاءات من الصحة وما هي الا جزء من حملة معادية»، مضيفا «بل على العكس فرقة بغداد متماسكة وبمعنويات عالية وهي جاهزة لملاقاة العدو وتدميره ولم تتكبد اي خسائر».