فرقة المشاة الأميركية تعبر الثغرة الاستراتيجية بين كربلاء وبحيرة الرزازة

TT

شقت أرتال مدرعة من فرقة المشاة الثالثة الاميركية طريقها وسط «ثغرة كربلاء» فجر امس متجاوزة عقبة رئيسية كانت تقف في طريقها إلى بغداد. وساند عبور القوات الثغرة بين المدينة وبحيرة الرزازة الى غربها اسناد جوي ومدفعي كثيف وتقدم اللواء الأول من هذه الفرقة عابرا قناة الحسينية، التي تستقي مياهها من البحيرة. وقال الميجر موريس غوينز لجنوده وهم يتهيأون للتقدم إلى بغداد في الساعة السادسة صباحا «هذا هو التقدم الأخير».

وهاجمت إحدى كتائب اللواء الأول الضواحي الجنوبية لكربلاء الأمر الذي جعل المدينة نفسها مهددة. وكان قادة الوحدات يأملون أن تفاجئ الخدعة التي اتبعوها في التقدم القوات العراقية. ويبدو أن التكتيك قد نجح، إذ تمكنت ثلاثة ألوية من اجتياز الثغرة بين المدينة وبحيرة الرزازة ومواجهة ما اعتبره قائد اللواء الكولونيل وليام غريمسلي «مقاومة عراقية غير منظمة». ولم يتم الإبلاغ عن وقوع أية خسائر في صفوف الأميركيين على الرغم من أن مدرعات برادلي تواجهت مع أعداد صغيرة من المقاتلين العراقيين الذين قدموا من المدينة وحاولوا قطع الطريق على الوحدات المتقدمة. ومع شروق الشمس كان هناك ما يقرب من ست عربات معظمها شاحنات تحترق بجانب بيوت مبنية من الطين ووراءها امتدت مجازات رملية ضيقة أمام سد ترابي طويل يشكل بحيرة الرزازة.

وظلت «ثغرة كربلاء» واحدا من العوائق التي كان يواجهها القادة العسكريون الأميركيون. وفي بعض المواقع لا يتجاوز عرض الثغرة ميلين فقط. وكان قادة الوحدات العسكرية يتخوفون من أن تركز فرق الحرس الجمهوري دفاعاتها في هذه الثغرة أو أن تقوم القوات العراقية بتدمير السد لإغراق المنطقة او تستخدم أسلحة كيماوية إذا تقدمت القوات الأميركية وراء السد. وفي المواجهات الأولية كانت هناك تقارير تقول ان ارتالا من الدبابات العراقية تتقدم باتجاه القوات الأميركية لكن لم يظهر أي منها. كما ورد أن هناك مقاتلين في شاحنات شبيهة بتلك التي واجهتها القوات الأميركية سابقا في طريقها الى المنطقة. وحاولت القوات العراقية أن تنصب على الأقل حاجزا واحدا وزرع مجموعة من الألغام المضادة للدبابات فوق ممر واحد لكنها لم تتمكن من القيام بالكثير لعرقلة التقدم الأميركي. وكان معظم القوات العراقية في وحدات صغيرة احتلت مواقع في مخابئ مؤقتة وفي المنطقة الواقعة تحت السد والتي هي حاليا في حالة جفاف. ولم ترد اي تقارير عن الخسائر البشرية العراقية لكن هناك ما لا يقل عن 15 أسيرا وهناك تقارير عن استسلام وحدات عسكرية أخرى. وكانت هناك مجموعة من الرجال يزيد عددهم عن العشرة ويجلسون في دائرة بدون حراسة تحت أسلاك الكهرباء.

وبدأ الهجوم حوالي منتصف الليل بصواريخ وقصف مدفعي باتجاه مواقع المدفعية العراقية ونقطة مراقبة تقع فوق أرض مرتفعة إلى الشمال من السد. كذلك كانت هناك هجمات قامت بها عشرات من طائرات الأباتشي. وفي الساعة الواحدة والأربعين دقيقة خمدت أضواء مدينة كربلاء لتعود بعد دقائق قليلة، ثم انطفأت الأضواء ثانية بعد ساعة وعادت مرة أخرى لكنها انطفأت تماما حوالي الساعة الثالثة صباحا. وقال غريمسلي صباح أمس ان التقدم تم بشكل جيد. وأضاف: «نحن الآن أقل قلقا بعد تمكننا من عبور الثغرة».

من جانب آخر قال المسؤولون الأميركيون إن الهجوم وقع في وقت تبدو فيه القيادة والسيطرة العراقية مفككة. فالكثير من الإجراءات العراقية خارج بغداد حسب رأيهم تبدو كأنها تعكس حسابات قادة عسكريين معزولين أو مجموعات منفردة من عراقيين وهي لا تعكس أية استراتيجية متناسقة على المستوى الوطني. وجرت الهجمات خلال الفترة الأكثر عتمة في الشهر وهذا ما سمح للقوات الأميركية باستغلال أجهزة الرؤية الليلية ضد العراقيين غير المزودين بأجهزة مناسبة. وقال قادة الوحدات الأميركيون إنه حينما غزت قوات التحالف العراق أولا كانت تتوقع وصول بغداد خلال الفترة التي لا يكون فيها القمر ظاهرا وهذا ما يجعل الليل معتما بشكل خاص.

وبعد ان امنت القوات الاميركية جميع مخارج كربلاء الرئيسية واصلت تقدمها شمالا وغربا. وكان قادة القوات الاميركية قد توقعوا معركة تستمر طوال النهار للاستيلاء على محيط المدينة الواقعة على مبعدة 110 كيلومترات جنوب غربي بغداد. لكن في النهاية اكتملت العملية في غضون ثلاث ساعات. وقبل الهجوم قال ضباط اميركيون ان لواء عراقيا كاملا يتألف من حوالي ستة آلاف جندي بدباباتهم ومدفعيتهم اتخذ مواقع حول كربلاء. وربما يكون كثيرون من هؤلاء الجنود قد تراجعوا الى داخل المدينة لكن الجيش الاميركي قال انه لا يريد الدخول في معارك شوارع في هذه المرحلة.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»