القوات الأميركية تخوض معارك ضارية وسط بغداد وتحتل 3 قصور رئاسية ووحدات من فرقة «المارينز» الأولى تقتحم المدينة من الشرق بعد عبور نهر ديالى

TT

فيما نقلت الولايات المتحدة فجر امس معركتها مع حكم الرئيس صدام حسين الى قلب بغداد وسط تقارير عن سيطرة قواتها التي تقدمت من مقرها الجديد في مطار صدام الدولي (جنوب العاصمة) على ثلاث قصور رئاسية في المدينة بما فيها القصر الجمهوري، شهدت المدينة اشتباكات عنيفة بين القوات الاميركية التي استخدمت الدبابات وعناصر النظام خاصة ميليشيات «فدائيي صدام» وحزب البعث. في الوقت نفسه اعلنت القيادة العسكرية الاميركية دخول قوات مشاة البحرية «المارينز» المدينة من الشرق بعد عبورها نهر ديالى.

وحسب اللفتانت كولونيل بيتر باير المسؤول عن عمليات فرقة المشاة الثالثة فان القوات الاميركية «سيطرت على القصر الرئاسي الرئيسي (الجمهوري)» وعلى قصر آخر في وسط المدينة وقصر ثالث قرب مطار صدام الدولي (جنوب غربي بغداد). واضاف امام الصحافيين في مطار صدام الدولي الذي اعادت القوات الاميركية تسميته الى «مطار بغداد الدولي»: «هناك قصران في وسط العاصمة سيطرنا عليهما». وتابع انه تم الاستيلاء عليهما من قبل اللواء الثاني من الفرقة الذي ارسل فجر امس فوجين من الدبابات وفوج من المشاة المؤللين الى المدينة، مشيرا الى ان الوحدات الاميركية تعرضت لنيران بالاسلحة الرشاشة والقذائف المضادة للدبابات «آر.بي.جي». وقال ان القصر قرب المطار استولى عليه اللواء الاول من الفرقة الذي لم يواجه اية مقاومة.

وتمركز ما لا يقل عن ثلاث عربات عسكرية اميركية من نوع برادلي على طريق محاذ لنهر دجلة امام القصر الجمهوري حيث تجددت المعارك الضارية بعد ظهر امس اثر هدنة لبضع ساعات. واطلقت العربات النار من مدافعها على المباني الموجودة على ضفة النهر. ونزلت مجموعة من الجنود من احدى السيارات ودخلت احد المباني بعد ان اشعلت النار في شجيرات تحيط به. وفجر الجنود اثر ذلك مبنى قريب. وسمع بوضوح هدير طائرات القوات الاميركية والبريطانية التي كانت تحلق على علو منخفض في سماء العاصمة العراقية. وفتحت المضادات العراقية النار في حين كانت الرؤية محدودة جدا بسبب سحابة من الدخان والغبار كانت تغلف المدينة.

وذكر مراسلون صحافيون ان الادارات المجاورة لقصر الرئيس العراقي صدام حسين ومن بينها وزارتا الاعلام والخارجية لا تزال تحت سيطرة العراقيين. ويسيطر عناصر من الميليشيا العراقيين المسلحين بقاذفات صواريخ وبنادق هجومية على الطريق المؤدي الى وزارة الاعلام ووزارة الخارجية. كما يتمترس عدد منهم وراء اكياس من الرمل عند مدخلي الوزارتين ومباني ادارية اخرى. وتبعد وزارة الخارجية بضع مئات من الامتار عن احدى البوابات الرئيسية للقصر الجمهوري. وورد ان كثيرا من الجسور على نهر دجلة كانت لا تزال امس تحت سيطرة القوات العراقية، لكن جسر السنك المؤدي مباشرة لوزارة الاعلام كان لا يزال مفتوحا. ودارت اشتباكات عنيفة بعد ظهر امس في منطقة فندق الرشيد المعروف في بغداد، وذلك بعد ساعات من انتشار مقاتلين عراقيين بكثافة في محيطه بعد ساعات من دخول القوات الاميركية. وشوهد مقاتلون عراقيون يطلقون النار من اسلحة رشاشة هجومية وصاروخية وقنابل من نقاط مختلفة في المحيط باتجاه المنطقة التي يقع فيها الفندق. ولم يكن من الممكن التعرف فورا على هوية الجهة التي كانت ترد من الجهة المقابلة على اطلاق النار، خصوصا ان القوات العراقية كانت قد انتشرت في كل المنطقة. وافادت تقارير بأن صاروخا سقط على مبنى سكني في شارع «14 رمضان» وهو شارع تجاري مهم في منطقة المنصور. وتناثرت شظايا الزجاج والحجارة على الرصيف. ولم يفد عن وقوع اصابات، الا ان سيارتي اسعاف شوهدتا تغادران المكان بسرعة وقد اطلقتا الصفارات. واعلن متحدث عسكري اميركي ان جنديين اميركيين وصحافيين قتلوا وجرح 15 جنديا آخرين عندما سقط صاروخ قرب مركز عمليات الكتيبة الثانية في فرقة المشاة الاميركية الثالثة جنوب بغداد. وذكرت محطة «فوكس نيوز» التلفزيونية الاميركية ان الصحافيين يحملان على ما يبدو الجنسية الاسبانية والالمانية. وورد ان حالة اثنين من الجرحى الـ15حرجة.

الى ذلك، قال ضابط اميركي ان عناصر من «المارينز» دخلوا بغداد امس قادمين من الجنوب الشرقي بهدف استكمال عزل نظام الرئيس صدام حسين. وقال الجنرال جون كيلي مساعد قائد فرقة «المارينز» الاولى ان قواته عبرت نهر ديالى رغم قيام القوات العراقية بتدمير جسرين عليه لوقف الهجوم. وقال كيلي ان «هذا الامر لم يؤخر تقدمنا»، موضحا انه تم اصلاح احد الجسرين بسرعة. واضاف «نحن في بغداد ونحن في بغداد لنبقى فيها». وقال الجيش الاميركي ان اثنين من «المارينز» قتلا كما اصيب كثيرون امس في معارك لتأمين الجسرين فوق نهر ديالى. وحسب السارجنت مارفن كروفورد فان الجنديين قتلا عندما سقطت قذيفة مدفعية على برج مركبتهما البرمائية. وتابع «اصيب عدد من مشاة البحرية وأعلم ان اثنين قتلا. كان الوضع سيئا، الاشلاء منتشرة في كل المكان».

واعلنت القيادة الوسطى الاميركية انها اقامت نقاط تفتيش على كل الطرق الرئيسية الى بغداد لمنع التحركات العسكرية العراقية لكنها ستسمح للمدنيين بحرية المرور. وقالت الميجر رومي نيلسون جرين المتحدثة باسم القيادة في قطر «سأصف ما نفعله في بغداد بأننا عزلنا بغداد واننا اقمنا نقاط تفتيش على كل الشرايين الرئيسية المؤدية الى المدينة والخارجة منها». واضافت «سنتأكد من ان الاصول العسكرية التي يمتلكونها لا يمكنها ان تتحرك بحرية سواء الى المدينة او منها وان الاهالي ما زال بامكانهم المرور وان يسيروا امور حياتهم بصورة طبيعية قدر ما يستطيعون». وتابعت «سنواصل ممارسة ذلك الضغط حتى الاطاحة بالنظام».

ووصف مسؤول بـ«البنتاغون» العملية الجارية في بغداد بـ«عرض للقوة» يبعث برسالة قوية للنظام الحاكم وليست بالضرورة «معركة بغداد» التي طال توقعها. وقال «هذا عرض للقوة.. عملية تهدف لاظهار تصميم الولايات المتحدة واظهار القوات الاميركية بصورة متزايدة». واضاف «انها تبعث برسالة قوية للنظام بأننا نستطيع ان نكون في اي مكان نريده وقتما نريد... لكن ان نصف هذا بأنه معركة بغداد هو مبالغة غير مناسبة في هذه المرحلة». وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ان القائدة الميدانيين امامهم عدة خيارات ومن غير المعروف كيف ستسير العملية. وتابع «بالقطع لدينا قوات كبيرة في منطقة بغداد وهذا بالقطع سيثير انزعاج النظام لمجرد وجود قائد اميركي في قصر رئاسي ببغداد». وقال ان فرض حصار مستمر لن يحدث بالضرورة خاصة اذا استسلم العراقيون. واعتبر ان الوجود العراقي حتى الآن غير منظم «ومن غير الممكن التكهن بالفترة التي تستغرقها العملية الراهنة». لكنه شدد «نمسك بزمام المبادرة الآن».