قاذفة «بي ـ 1» أميركية تسقط 4 قنابل مدمرة للمخابئ على مبنى في بغداد بعد تلقي الاستخبارات معلومات عن وجود الرئيس العراقي ونجليه فيه

مصدر أميركي أكد أن المعلومات تلقتها «سي. آي. إيه» من مصدر داخل بغداد وكانت محددة وقالت إن صدام «هنا الآن»

TT

القت الطائرات الاميركية، بناء على معلومات استخبارية، اربع قنابل ضخمة صممت خصيصا لتدمير المخابئ المحصنة على مكان اجتماع في حي سكني ببغداد اول من امس. وذكر مسؤول اميركي ان الغارة ربما قتلت الرئيس العراقي صدام حسين.

واوضح المسؤول انه اذا كان (صدام) في المبنى فمن المرجح انه مات. وقال ان القادة الاميركيين، «لا يعرفون على وجه التأكيد» ما اذا كان صدام او نجلاه، عدي وقصي، داخل المبنى الذي استهدف، الا ان وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه) كانت واثقة من مصداقية المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها واشارت الى ان صدام ونجليه كانوا مع اعضاء الاستخبارات العراقية في ذلك الوقت».

وقال المسؤول الاميركي «هذه اول معلومة محددة بدرجة كبيرة» بخصوص صدام ونجليه منذ بداية الهجمات الاولى للحرب. وتجدر الاشارة الى انه في غارة مماثلة قبل ثلاثة اسابيع، شنت القوات الاميركية هجوما بصواريخ كروز والقت قنابل مدمرة للمخابئ على مجمع سكني اخر في بغداد حيث تردد انهم يختبئون فيه. وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الافصاح عن هويته ان القنابل الاربع تسبب في حدوث فوهة كبيرة. غير انه لم يذكر اين موقع المبني المستهدف، لكنه وصفه بأنه مبنى في منطقة سكنية في مدينة واسعة. واوضح «ليس منشأة حكومية». واضاف انه «يقع في مكان ما».

وقد اعطى الهجوم مبررا للمسؤولين العسكريين الاميركيين للتفاؤل بخصوص تقدم الحرب، التي تستهدف اقصاء صدام حسين من السلطة ونزع سلاح بلاده. وكانت القوات الاميركية تحتل بعض مناطق العاصمة بغداد، وتقف دباباتها في القصر الجمهوري الجديد الفاخر وعزلت العاصمة العراقية بالسيطرة على المطار وسدت معظم الطرق المؤدية الى للمدينة. ويعتقد ان غارة بعد ظهر امس لقتل صدام وولديه استهدفت حي المنصور في وسط بغداد. وقد القت قنابل تدمير المخابئ التي يصل وزنها الى 2000 رطل، من طائرة «بي ـ 1»، طبقا لما ذكره مسؤول دفاعي في مقر القيادة الوسطى الاميركية في قطر. وقد اصطحب مسؤولون في وزارة الاعلام العراقية الصحافيين الى حي المنصور، حيث شاهدوا فوهة ضخمة كانت توجد فيها 4 منازل. وباقي المساكن في المنطقة عبارة عن فيلات من طابق واحد. وقد بحث رجال الاطفاء وسط الحطام، في محاولة للعثور على جثت 10 اشخاص قيل انهم قتلوا.

ولم يتضح ما اذا كانت القوات الاميركية قادرة على الوصول الى المنطقة المستهدفة فورا لتفتيشها. وقال مسؤول اميركي في واشنطن انه يعتقد ان الولايات المتحدة لديها عينات من الحمض النووي لاقارب صدام حسين يمكن استخدامها للتأكد من انه قتل، غير ان مسؤولا اخر ذكر انه لا يوجد ما يؤدي الى الاعتقاد بوجود مخبأ تحت الموقع المستهدف. ويعرف عن صدام انه يغير روتينه بصفة مستمرة لتفادي الاغتيال ويصل بدون اعلان مسبق الى بيوت العراقيين العاديين. وقال المسؤول الاميركي ان وكالة الاستخبارات المركزية تثق في معلوماتها الاستخبارية التي ادت الى تنفيذ هذا الهجوم. وقال «لقد وصلتنا معلومات كثيرة عن مشاهدة صدام، ولكن هذه هي المرة الاولى (منذ 20 مارس/آذار) التي كانت المعلومات محددة واشارت الى الموقع. المعلومات قالت: هو هنا الان».

وذكر مسؤولون اخرون ان المعلومات الاستخبارية جاءت من شخص في المدينة. وكانت المعلومة محددة لدرجة وصفها بأنها اول معلومة صادقة بأن صدام وولديه نجوا من الغارة الاولى ضدهم في بداية الحرب. تجدر الاشارة الى ان لدى «سي. آي. ايه» ووكالة استخبارات الدفاع مجموعات من المرشدين يعملون داخل بغداد، ويتصلون مع موجهيهم عن طريق وسائل اتصال متقدمة تكنولوجياً، حسب مسؤولي استخبارات. ويعتقد المسؤولون انه من المحتمل، ان واحدا او اكثر من هذه المصادر شاهدوا صدام ورجاله. يشار الى ان تصاعد الضغط الاميركي على النظام في الايام الاخيرة ربما ادى الى سعي المقربين من صدام الى انقاذ انفسهم بتقديم معلومات للولايات المتحدة. وذكر المسؤول ان القوات الاميركية ونشطاء الاستخبارات «على اتصال بعدد كبير من الاشخاص» في القوات العراقية وقمة الهرم الحكومي. واضاف المسؤول «عندما تكون هناك لعبة نهائية مثل هذه ويحاول الناس ضمان نجاتهم، فربما يقول شخص لديه معلومات: سأنقل هذه المعلومات الى الاميركيين».

ولان القوات الاميركية تحتل بعض المواقع في بغداد فإن ضباط الاستخبارات اصبحوا في وضع افضل لمراقبة الاشارات الالكترونية. وقد حاولت سلطات الامن العراقية مواجهة ذلك، حسب ما ذكره المسؤول الاميركي، باجراء الاتصالات عن طريق المراسلين لتجنب التنصت على الاتصالات. وقال انه من غير المرجح ان الغارة الجوية التي وقعت الاثنين الماضي ضد صدام كانت ناتجة عن تنصت الكتروني. وقد راقبت الاستخبارات الاميركية الاتصالات العراقية بعد الغارة لمعرفة ما اذا كان هناك رد فعل بين رجال النظام تشير الى ما اذا كانت الغارة نجحت، غير ان المسؤولين قالوا انهم لم يرصدوا شيئا من هذا القبيل.

وقد تبادلت القوات العراقية والاميركية اطلاق النار الكثيف في وسط بغداد امس في الوقت الذي اعرب فيه المسؤولون في واشنطن عن املهم في أن تكون الغارة الجوية التي وقعت في بغداد اول من امس قد قتلت صدام حسين. وقال مسؤول اميركي كبير ان الادارة «متفائلة باعتدال» باحتمال ان يكون الرئيس العراقي قد قتل. وقال مسؤول آخر «انه في الوقت الذي توجد فيه بعض المعلومات الاستخبارية الصادقة بوجود شخصيات كبيرة هنا... لم نعرف عما اذا كان صدام هناك». وقد علمت اجهزة الاستخبارات بمكان الاجتماع صباح اول من امس ونقلت المعلومات الى القيادة الوسطى الاميركية، وفقا لمسؤولين اميركيين. وذكر المسؤولون ان القاذفة التي كانت في الجو بالفعل «القت بسرعة» 4 قنابل على الهدف قبل ان يغادر اي شخص المبنى.

*خدمة «لوس انجليس تايمز» و«واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»