متعلقات صدام في قصوره تظهر تفضيله البدلات الإيطالية وربطات العنق الحريرية ذات النقوش الدقيقة المتراصة.. والعثور على مجلة في غرفة نومه عنوان غلافها «أسلوب الحرب الأميركية الجديدة: نظرة في التقنيات المتقدمة»

142 مكتبا و64 حماما و22 مطبخا و5 قاعات للرقص وحظيرة للأسود والدببة والمارينز عثروا على عنزة حية أطعموها للفهود الجائعة بالقصر

TT

على ضفاف نهر دجلة يقام أحد قصور صدام حسين المكون من خمس بنايات كبيرة وفخمة. وليس واضحا كم من الوقت كان صدام يقضي في هذا القصر، لأنه كان يخفي تحركاته لأسباب أمنية. ضرب قصر حسين الذي لم يكتمل بعد والمحاط بالسقالات، بقنبلة وزنها 2000 رطل قبل أقل من اسبوعين. وتنتشر في الحديقة الخلفية للقصر التي تقود الى النهر، تماثيل لأشكال عارية وأسود من السيراميك مطلية بماء الذهب. هناك مظاهر كثيرة على الثراء: حمام سباحة، مرأب خال يسع أربع سيارات وحدائق واسعة غناء.

تزين العمارات صور الرئيس العراقي المخلوع في اوضاع مختلفة: وهو يمتطي حصانا مرة ويحمل سيفا مرة أخرى وبتمثال نصفي مرة ثالثة. وفي عمارة اخرى هناك بروفايل لصدام حسين على الواجهة الصخرية للعمارة. وبالقرب من السلم الرخامي هناك صورة لعائلة صدام حسين في ملابس رسمية: صدام وزوجته وبناته وابناه مع زوجتيهما.

وإذا أخذنا بمحتويات الغرف لتوصلنا الى أن هذا القصر كانت تسكنه بصورة اساسية النساء والأطفال. فهناك بالداخل عدد من خزانات الملابس المليئة بمئات القطع من الملابس والأحذية النسائية ولعب الأطفال المتناثرة في جميع الأنحاء بما فيها عدد من الاسكوترات المعدنية.

هناك عيادة أسنان مكتملة في احدى الغرف وبالقرب منها غرفة كوافير فاخرة، تتناثر فيها مجلات الموضة وعيادة طبيب بها محل لكشف النظر. وبالطابق الأعلى جهاز تسجيل. وتمتلئ غرفة الحمام الرئيسية بمناشف كريستيان ديور.

ولكن أغراض صدام نفسه وجدت في قصر آخر. يتضح هنا أن صدام حسين كان يفضل السترات الإيطالية من صنع كانالي ولوكا. ويفضل اربطة العنق الحريرية ذات النقوش الدقيقة المتراصة. ويستخدم معجون الأسنان كولجيت.

كانت ملابس صدام معلقة بخزانة للملابس بالطابق العلوي بواحدة من عشرات البنايات في مجمع القصر الذي يمتد ميلين على الضفة الغربية لنهر دجلة. وعلى طاولة القهوة في منتصف احدى الغرف هناك ألبوم صور لحفل زفاف، من ضمنها صورة لصدام وهو يقطع الكيكة وصور لابنيه عدي وقصي في صغرهما.

كان الليفتنانت كولونيل فيليب دي كامب، الذي اقتحم القصر بعد قصف شديد، يتفرج على تلك الصور. وكان يطلق صفارة خفيفة من فمه وهو يحاول استيعاب فكرة أنه يقف داخل الغرفة التي كان صدام ينام فيها، وربما يكون قد فعل ذلك قبل فترة قصيرة جدا. قال ديكامب وهو يشير الى ثلاث حقائب ممتلئة باحدى الغرف: «أسمع، ربما يكون هذا الرجل قد غادر في عجلة شديدة».

كان يوم الخميس هو يوم الاكتشافات الخطيرة بالنسبة للجنود والقادة المعسكرين بالقصر بعد أن شارفت معركة بغداد على نهايتها. وقد اكتشفوا حظيرة للأسود والفهود والدببة. وفي أثناء تجوالهم عثروا على عدد من الجثث المتعفنة للجنود العراقيين الذين كانوا يحرسون القصر والذين دمرت الدبابات الأميركية سواترهم الرملية.

وجد كشافة الفرقة الثالثة عنزة حية فذبحوها وقدموها للفهود الجائعة وقد شاركتها الاسود الثلاثة كذلك في الوليمة غير المتوقعة.

على الجانب الآخر من القصر قامت كتيبة من المهندسين بحفر بعض القبور. وطلب من بعض العراقيين تجهيز الجثث ودفنها وفق التقاليد الإسلامية. وقد حدد خبراء الشؤون المدنية أماكن القبور ودونوها في نظام تحديد المواقع العالمية. وعند حلول الظهيرة كانوا قد دفنوا 15جثة، بينما كانت هناك الكثير من الجثث ما تزال تنتظر الدفن.

كان القصر من الضخامة بحيث أمر ديكامب جنوده بإحصاء الغرف وتدوينها. وقد احصوا 142 مكتبا، 64 حماما، 19 قاعة اجتماعات، 22 مطبخا وغرف نوم لا حصر لها ولا عد. هناك دار سينما، وخمس قاعات كبرى للرقص وهناك قاعة رقص بحجم ميدان الكرة. وقد تستغرق الجولة العابرة ساعات عدة، عبر الدهاليز والقاعات والمرايا والممرات الرخامية.

في غرفة صدام حسين عثر ديكامب على عدد من مجلة «نيوزويك»، موضوع غلافه: «أسلوب الحرب الاميركية الجديدة: نظرة في التقنيات المتقدمة». وقال ديكامب: «أعتقد أنه كان يستعد للقائنا».

ثم لمح قبعة مثل تلك التي كان يرتديها صدام وهو يطلق الرصاص من بندقيته، وتأملها ديكامب وهو يبدي إعجابه بها. وفي الغرف المجاورة كانت هناك مزيد من الصور العائلية. صدام يقبل أطفالا، ويصافح بعض النساء. وهناك صور عديدة لامرأة واحدة ربما تكون احدى زوجاته أو بناته. وهناك بدل زرقاء وداكنة في ركن احدى غرف النوم، واضح أنها تخص رجلا طويل القامة عريض المنكبين. وما تزال بعضها جديدة لم تفض من أكياسها. وهناك صفوف من القمصان بأزرارها الفرنسية الأنيقة على خزانة كبيرة.

وفي غرفة أخرى كانت هناك مجموعات من الكتب العربية يحوي أحدها صورة لجوزيف ستالين الذي يقال إنه كان المثل الأعلى لصدام.

توصل ضباط المخابرات الأميركية الى أن صدام ظل مقيما بهذا القصر حتى عهد قريب. ويقال إن هؤلاء الضباط قد عثروا على بعض الوثائق التي تشير الى مبيعات غير قانونية للنفط.

* خدمة «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»