قائد الفيلق الخامس الأميركي يتخذ من مطار بغداد مركزا لقيادته

TT

ظل الجنرال وليام والاس قائد الفيلق الخامس الاميركي يعمل من مدينة خيام تعصف بها الرمال في العراق والكويت. والآن انتقل الى صالة السفر في مطار صدام الدولي.

ويقع مكتب الجنرال في سيارة قيادة وسيطرة مدرعة معروفة باسم «سي 2» تقف على بعد عدة ياردات من صالة السفر. وفي داخل المطار توجد تسهيلات عديدة يستخدمها الفيلق الخامس، مثل قاعة مغطاة بالسجاد الاخضر الليموني وصورة ضخمة لصدام حسين في شبابه.

وقال السيرجنت جارود بيهي، 24 سنة، من غلندورا بولاية كاليفورنيا مبتسما وهو يجلس في القاعة المزدحمة بالجنود الجالسين على الارائك «هذا مطار والاس الدولي». وبعد ايام من سيطرة القوات الاميركية على المطار في معركة حامية، اصبح مزدحما مرة اخرى - ولكن ليس مثلما كان قبل الغزو الاميركي. فطائرات الهليكوبتر من طراز اباتشي وبلاك هوك التي تنقل الامدادات تهبط وتقلع، بالقرب من طائرات الخطوط الجوية العراقية المحترقة، في الوقت الذي تتحرك فيه سيارات من طراز هامفيز في كل مكان.

ولا يزال المطار بلا كهرباء ومياه جارية. ولكنه بدأ يتحول الى قاعدة رئيسية للعمليات الاميركية في العراق، حيث من المتوقع انتقال مسؤولين من مقر قيادة قوات الحلفاء في الكويت في الايام القليلة القادمة. وقد سيطرت فرقة المشاة الثالثة على صالة كبار الزوار، كما بدأت قوات اخرى في تحويل حظيرة طائرات الى مكاتب مفتوحة، وتم نقل المكاتب والارائك البرتقالية من اماكن اخرى في المطار.

وحضر والاس مع بداية الاسبوع الماضي، في الوقت الذي كانت فيه المعارك جارية بالقرب من المطار. وكان يتحرك في مكتب متحرك متقدم تكنولوجيا، وهو عبارة عن عربة ضخمة مدرعة مصممة بحيث يمكنها حماية من بداخلها من هجمات نووية وكيميائية.

وبداخل العربة، وفي مساحة فسيحة، توجد مقاعد ذات ظهر عال تسمح لوالاس واربعة من مساعديه بالجلوس، وتوجد امامهم اجهزة كومبيوتر «لاب توب» تقدم معلومات فورية وتنقل صور القوات المقاتلة في ميدان المعركة. وتعرض شبكة تلفزيون مسطحة احدث الانباء من شبكتي «سي ان ان» و«فوكس نيوز». وتجدر الاشارة الى ان وسائل الاتصالات التي تدار عبر الاقمار الصناعية متقدمة الى درجة انه يمكن لوالاس عقد مؤتمر بالصوت والصورة مع وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد من سيارته.

وقال الكولونيل رالف باتيلي، ضابط الاستخبارات لموقع والاس هنا المعروف باسم موقع قيادة الهجوم «انه ليس متجمدا في اي نقطة. فيمكنه القيادة والسيطرة من اي مكان». وربما يكون المكتب المتحرك لوالاس متقدما تكنولوجيا ولكن ترتيبات النوم بسيطة: فهي عبارة عن سرير عسكري في عربة منفصلة.

وينام معظم الجنود على اسرة عسكرية او على الارائك في المطار. ولا توجد الا خصوصية محدودة، ولكنها تعتبر فاخرة بعد اسابيع من النوم في الدبابات ووسط القاذورات.

وقال الجندي توماس بلارد، 24 سنة، «لم نشاهد دورات مياه منذ غادرنا الكويت»، وهو يبدي اعجابه بدورات المياه في المطار، بالرغم من عدم وجود مياه جارية.

ودعا السيرجنت فرد هوف من توماسفيل بولاية الاباما، زائرا لمشاركته صناديق دايت بيبسي والكوكاكولا التي تم تحريرها من مخزن عسكري عراقي قريب.

وقال مسؤولون عسكريون اميركيون ان المطار كان محصنا تحصينا جيدا من قبل العراقيين استعدادا لمعركة. وقد عثروا على العديد من الحوائط الوهمية التي تخفي وراءها اسلحة مخزنة في جميع انحاء المطار. كما تم اكتشاف العديد من الانفاق تحت الارض، غير ان الهدف منها غير معروف.

ويبدو ان معظم المطار كان مغلقا لاسابيع. ويظهر تاريخ 13 مارس (آذار) على التقويم. وقال الميجور جيم باركر وهو من كبار مساعدي والاس ان الجنود اكتشفوا ان المحركات قد ازيلت من طائرات الخطوط الجوية العراقية، ومخزنة، على امل انقاذها.

وقال باركر «ان كل ابواب القاعات كانت مغلقة. فقد اغلقوا المكان، على امل العودة للعمل».

غير ان مجموعة قليلة جدا من الوحدات بقيت الى ان تم اجبارها على الهرب تحت ضغط الهجوم الاميركي.

واضاف باركر ان «الرجال كانوا يعدون طعام الافطار عندما فروا. وكان هناك وعاء يطهى فيه المقانق».

وبالرغم من ان مباني المطار كانت قذرة، فلم تلحق بالمطار اضرار كبيرة من المعارك. ففي قاعة السفر، ارتطم صاروخ بالسقف مما أدى الى سقوط اجزاء منه، وأدى ذلك الى انتشار الاتربة والركام. وحطمت طلقات الرصاص النوافذ، وتوجد عدة حفر على ممر الهبوط والاقلاع.

ويتجول الجنود في القاعات الخالية، وينظرون الى صور صدام حسين، والاشارات المؤدية الى المخابئ. وألقوا نظرة على محلات الاسواق الحرة واشاروا الى الارفف المليئة بزجاجات الوسكي والفودكا.

هناك احساس خيالي يلف المكان، الذي كان ربما مزدحما بالمسافرين، ولكن الآن توجد به نوعية اخرى من المسافرين.

وقال باركر «امر مضحك. سأبلغ اولادي في يوم من الايام، فقد نمت في كشك حجز الفنادق في مطار بغداد الدولي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»