السعوديون لا يطيقون السفر الطويل ومخاوفهم من الطائرات ازدادت

TT

يبدو أن السفر إلى بلدان بعيدة فكرة لم يعد يطيقها الكثير من السعوديين، ممن اعتادوا قضاء اجازاتهم السنوية او حتى اعمالهم الخاصة في بلدان تبعد بالطائرة اكثر من 5 ساعات جواً، فبعد نشوب أحداث الحادي عشر من سبتمبر،2001 تشكل لدى الكثير من الناس توجس مختلف عما كانوا عليه قبلها، بل ومنهم من تولد لديه مرض «فوبيا» ركوب الطائرات، حيث أصبحت الرحلات البعيدة مصحوبة بهواجس واحلام مخيفة تضطرهم احيانا الى الغاء حجوزاتهم المسبقة على هذه الرحلات.

«الشرق الأوسط» تحدثت مع بعض الهاربين من السفر وركوب الطائرات لمسافات طويلة، ومن هنا بينت نجوى سليمان التي تحدثت عن امتعاضها من فكرة السفر تقول « في كل مرة اركب فيها الطائرة تزداد مخاوفي منها إلى ان تشكل لدي مرض نفسي استصعب علي علاجه». واعتبر آخرون ممن يخافون التنقل بالجو، أن السفر الطويل يتبع أشخاصاً معينين وليس الكل، ويتفق مع رغبة البعض في إنجاز أعمالهم الهامة ويتسبب لهم هذا الوضع في تسليط المزيد من الضغوط على من يكون من أقربائهم في الخارج للعودة أو تغيير وجهة معيشتهم واستقرارهم في تلك البلاد، يهدف دفعهم للاقتراب منهم، ويحتار من يسافر منهم في كيفية تمضية أوقاتهم داخل الطائرة حسبما أضافت نجوى مرة أخرى تقول «أواجه متاعب الرحلة بتناولي مهدئات تجعلني أسيرة الغيبوبة طيلة الرحلة التي تتجاوز 14 ساعة ترانزيت إلى كندا».

معها غادة توفيق التي تنتظر النتائج النهائية للمرحلة الأكاديمية التي يدرسها ابنها في استراليا «لم أعد أطيق االسفر جواً، وعلى الرغم من دراسة ابني في بلد بعيد إلا أنني لم أعده بترتيب أي زيارة إليه كوني أتخوف من ركوب الطائرات لمدة طويلة».

لكن تهاني فواز، 27 عاماً، من عائلة ميسورة لم تستطع التغلب على رهبتها من ارتياد الطائرة بعد ان كشفت لها احداث سبتمبر أنه من الممكن ان يكون احد الركاب مصابا بانفصام في شخصيته ويتسبب في تدمير البقية معه أثناء وجوده في الطائرة معهم، على حد تعبيرها. ويخفي فريق آخر من المسافرين مخاوفهم من المكوث جواً لساعات أكثر، بعد أن كشفوا عن وضعهم المغاير واستخدامهم وسائل مختلفة غير الطائرة،, وان كان ذلك سيطيل مدة بقائهم في الخارج، ويزيد من كلفة المصاريف عليهم. ويشير خالد سليمان رجل أعمال إلى تقليله من حدة تلك التخوفات قائلا «لم أفكر يوماً بالسفر بالطائرة وان اضطررت لذلك فإني سأتخذ وسيلة اخرى».

ومن يقول ان مكاتب السياحة والسفر في جدة لم تواجه تلك المعضلة التي رآها توفيق عبد الله مسؤول في مكتب للطيران بأن بعض المسافرين السعوديين يولون اهتمامهم أثناء عملية الحجز في مكاتب الطيران بانتقائهم للبلد المغادرين إليه، ويقول في ذلك «نتعامل مع الكثير من مكاتب السفر في الخارج، ونحاول التنسيق معهم في إيجاد الحلول البديلة عن الطائرات للتنقل داخل البلد الواحد، وهي رغبة تردنا من الكثير من المسافرين السعوديين». ويضيف «وعلى الرغم من ان التنقل أحيانا بالطائرة لا يكون مكلفاً مادياً إلا ان البعض منهم يكشف لنا هروبه من السفر بالطائرات وتخوفه منها من دون سبب».

بينما يؤكد الدكتور محمد الحامد استشاري الطب النفسي بجدة أن الذين يتخوفون من ركوب الطائرات لا يستلزم ذلك معهم انتقاء الرحلات البعيدة، وان كان البعض يتحملها من اجل الحفاظ على مظهرهم العام أمام الآخرين من أصدقائهم حتى وإن كان ذلك بأخذ علاجات مهدئة، وهي حالة تلحق بمرتادي الطائرات بكثرة من الأفراد الذين يستلزم ذلك معهم قضاء أوقاتهم في الخارج، وأضاف «أن هؤلاء الأشخاص تتطلب معالجتهم لدى طبيب نفسي قبل تفاقم مشكلة «الفوبيا» لديهم أكثر من ذلك، وتعيقهم من مزاولة حياتهم بالشكل الطبيعي منوهاً «بأن المبالغة في التخوف من عملية السفر قد تولد سلوكاً مرضياً لدى بعض الناس مما ينجم عنه تدهور في وظائفهم العملية، فيما اعتبر الحامد أن «السفر لمسافات بعيدة له دوره الفاعل في تراجع أعداد المتنقلين للخارج كون هذا النوع من الركاب تزداد معهم احتمالات حدوث مساوئ ومخاطر في أذهانهم كلما طالت المسافة بالطائرة» على حد قوله.

وتبقى مشكلة الخوف من ركوب الطائرات لمسافات بعيدة مرضاً نفسياً يرهق المحللين النفسيين، وبدأت كظاهرة ساهمت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في توسع انتشارها بين الكثير من الناس.