الخطاب الإعلامي السعودي: تفجيرات الرياض الدامية أعادت فتح ملف 9/11

الدخيل: إعلامنا يعاني «مشكلة» تتمثل في غياب «خطاب وطني واحد تجاه الأحداث» * الكويليت: الإعلام السعودي واجه صعوبة في التعامل مع أحداث 11 سبتمبر

TT

الذكرى الثانية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) جاءت هذا العام بطعم مختلف وأكثر مرارة بالنسبة للسعوديين، بعدما عايشوا تجربة مشابهة في تفجيرات الرياض الدامية في 12 مايو (ايار) الماضي.

فالبرامج السياسية على قلتها في التلفزيون السعودي الرسمي، ما فتئت تناقش الإرهاب وقضاياه أخيراً ضمن سياقه العالمي. فتبدأ مقدمة البرنامج بلقطات من إرهاب 9/11 وتنتهي بأحداث التفجيرات في الرياض، ولحظات المطاردة في المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة. وما أن يبدأ البرنامج حتى تظهر صورتان كبيرتان خلف المقدم، إحداهما لبرجي نيويورك الشهيرين والأدخنة تتصاعد منهما، فيما تجاورها صورة معبرة للحرم المكي وهو مكتظ بالمصلين الخاشعين بسلام.

هذه الرؤية الإعلامية لا تبدو بعيدة عن الخطاب السياسي السعودي في مجمله. فقد كانت من أوائل التعليقات التي أطلقها الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية، حيث قال في احد مؤتمراته الصحافية «لمن مفارقات القدر» أن عدد المشاركين السعوديين في اعتداء 11 سبتمبر كانوا 15، وعدد المشاركين في اعتداءات الرياض 15 «مما يجعلنا نشعر بالتعاطف مع بعضنا كأميركيين وسعوديين».

يقول الدكتور خالد الدخيل أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الملك سعود في الرياض لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن الإعلام الاميركي ينظر إلى القضية على أننا (السعودية وأميركا) في قارب واحد. ولكنها قد تكون وجهة النظر الرسمية للحكومة الاميركية». واضاف الدخيل «والثابت أن الإعلام السعودي ضد الإرهاب، لكنه لا يتطابق كلياً مع الموقف الأميركي من القضية». ورأى أن الإعلام السعودي يعاني «مشكلة» تتمثل في غياب «خطاب وطني واحد تجاه الأحداث».

أما الأستاذ يوسف الكويليت كاتب افتتاحية صحيفة «الرياض» السعودية فرأى أن الإعلام السعودي ما زال يتعامل بموقف «متشدد» في رد فعله على الإعلام الاميركي. وفي تحليله لطريقة تناول الإعلام السعودي لأحداث 11 سبتمبر وتفجيرات الثاني عشر من مايو قال: «الإعلام السعودي واجه صعوبة في التعامل مع أحداث 11 سبتمبر كونه سلوكاً نسب إلى أطراف مصنفة دينياً، فكانت الخشية من أي تناول إسلامي يستثير رجال الدين. لكن بعدما ظهرت الحقائق، بدأ يتغير الإعلام السعودي ويصاب بنفس الحمى الأميركية. وبالتالي ظهرت حاجتنا إلى البحث في ذواتنا وأمورنا الاجتماعية». وعلى نفس النسق، يقول الدكتور علي شويل القرني رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال لـ«الشرق الأوسط»: «الحقيقة أن الرأي الرسمي في هذا الخطاب لم يتغير. فقد أدانت السعودية أحداث 11 سبتمبر بنفس الحجم والإدانة التي أدانت بها تفجيرات الرياض.. ولكن دخول العنصر الشعبي وبقوة في التنديد بالعمليات الإرهابية داخلياً بشكل خاص أعطى طابعاً يبدو في الخارج أن المملكة بدأت خطاباً جديداً لم تكن لتتبناه من دون حدوث عمليات إرهابية داخل حدودها».

وأضاف القرني «سبق أن شرعت السعودية في مكافحة الإرهاب رسمياً وشعبياً سواء في تفجيرات العليا (95) وتفجيرات الخبر (96)، ولاحظنا أن الإعلام أسس في حينه خطاباً لمواجهة تلك الظروف وتوضيح الملابسات..ولكن الجديد أن خطاب السعودية اليوم جاء ضمن سياقه العالمي لمكافحة الإرهاب». وركز القرني في حديثه على أن العامل الشعبي كان حاسماً في تكريسه «قيماً وأفكاراً تندد بالإرهاب سواء محلياً أو إقليميا أو دولياً، وهكذا أيضاً الموقف الإعلامي فأحداث الرياض عمقت الرفض ولكنها لم تحدث اختلافاً جذرياً فيه».

والحال أن الأسئلة تبقى مشروعة حول علاقة أميركية ـ سعودية لم تعد واضحة المعالم. ففيما يؤكد الرسميون على أن البلدين في مأزق واحد، يواصل الإعلام الاميركي الهجوم على السعودية بشكل مستمر، وبالتالي يأخذ الإعلام السعودي موقف المتشنج من كل انتقاد آتٍ من أميركا.