جيش النظام فقد قدراته الهجومية ويخوض معركة دفاعية مقطعة الأوصال

نزار عبد القادر

TT

> أعتقد أن جيش النظام فقد قدرته العسكرية الهجومية، وبات يخوض معركة دفاعية مقطعة الأوصال في طول البلاد وعرضها، حيث تجد له مراكز عسكرية منتشرة في المحافظات. غير أن هذه المراكز ضعيفة من الناحية العسكرية، كونها منفصلة ومعزولة، ومن الصعب وصول المؤن إليها، كما يصعب إنقاذها من هجوم جدي تنفذه المعارضة بقصد إسقاطها. وهذا ما أظهرته العمليات المتتالية في الأسابيع القليلة الماضية، إذ كانت تسقط المواقع التي تتعرض لهجوم خلال مدة زمنية تتراوح بين يوم وثلاثة أيام، مما يؤشر إلى الضعف الحاصل في المعركة الدفاعية.

هذه الإخفاقات، تؤثر على قدرات القيادات المحلية والجندي المقاتل في الميدان، حيث يصاب بوهن نفسي ومادي بسبب طول المعركة، أو الشعور بنوع من العزلة، في ضوء نقص الدعم الناري والمعنوي، وهذا ما جعل النظام في حالة من التراجع وفقدان المبادرة على الصعيد العملاني العام. لقد فقد النظام في هذه المعركة زمام المبادرة، والمبادرة بالخطوط الداخلية. ففي الحروب الداخلية، يعول النظام على القدرة العملانية بواسطة الخطوط الداخلية، أي حرية الحركة والعمل لتعزيز مواقعه. لكن هم النظام العملاني، هو التوظيف السياسي، وهو يتلخص في الإمساك بالعاصمة دمشق من أجل إعطاء نفسه الحجة ليقول إنه السلطة الشرعية في سوريا. وهذا هدف صحيح من ناحيتين؛ سياسية ودولية، غير أن الإبقاء على الشرعية، له متطلبات تحتاج لتلبيتها، مثل حشد أفضل القدرات العسكرية المتبقية للدفاع عن العاصمة والشرعية.

غير أن حشد تلك النخب العسكرية، لا يعني أنها لا تتعرض لحرب إنهاك متواصلة، تؤثر على معنويات النظام. وحاليا، تخوض تلك النخب معارك متواصلة في ريف دمشق، وتنال المعارضة من بعض أحياء العاصمة عبر عمليات الضرب بالنار، والتفجير، والتسلل في الأحياء، والمواجهة بمعارك متقاربة، كما شنت المعارضة هجمات متتالية على أهداف صلبة، مثل قيادات الألوية والفرق والقواعد الجوية في محافظات حلب والرقة ودرعا. صحيح أن المعارضة قد لا تحتل أحياء كاملة، مثلما فعلت في مدن محافظة درعا ومحافظات شمال سوريا، لكنها تعمل على إنهاك القوى المدافعة عن دمشق. ولقد حاول النظام إبعاد القوى الثائرة عن الريف، وفشل أكثر من مرة، حيث شن هجمات نارية وهجمات برية على داريا (الضاحية الملاصقة لدمشق) عدة مرات، وفشل في طرد المقاتلين المعارضين. وهو يعمل جاهدا لتكثيف عملياته في هذه المنطقة لأن هذه المعركة تهدد، بشكل مباشر، مطار دمشق الدولي الذي يعد وسيلة الاتصال الوحيدة الباقية مع الحلفاء والعالم الخارجي.

هدف النظام اليوم، الحفاظ على دمشق كعنوان للشرعية، أما محاولة التمسك بحمص وجزء أساسي من جنوبها وغربها، فذلك لأنها «نقطة وصل» حيوية ومحور تتوزع منه الطرق السريعة باتجاه المحافظات، وصخرة يستند إليها النظام في المنطقة الحيوية التي يحاول الحفاظ عليها كـ«عرين» لدويلة النظام في الساحل السوري وجبال العلويين.

ويبدو لي أن استراتيجية النظام، هي الحفاظ على دمشق للحفاظ على شرعيته، والقتال في حمص للحفاظ على ريفها الغربي والجنوبي للحفاظ على خط طرق سريع إلى دويلته في الساحل. وسيكون هذا الخط هو البديل عن الخط التقليدي، عبر البقاع في شرق لبنان والريف الغربي والجنوبي لحمص، كما أن ما يريد النظام تحقيقه على الأرض، هو الصمود لفترة طويلة تمهيدا لكسب الوقت ليستعيد دوره كجزء من أي حل سياسي يمكن أن تؤدي إليه الجهود الدولية.

* لواء متقاعد