تمكن النظام السوري من النجاح وهو يدرك أن المواجهة طويلة المدى

أمين حطيط

TT

أولا، لا يمكن وصف ما يحصل في الميدان بأنه تقدم لصالح الحركات المسلحة، لأننا نراها تتقدم في مكان وتتراجع في مكان آخر. إذا أجرينا تقديرا إجماليا لا يمكن القول إنها حققت تقدما يمكن احتسابه عسكريا أم استراتيجيا ويؤثر على الحراك كليا.

تقوم استراتيجية النظام السوري في مواجهة الجماعات المسلحة على ثلاثة عناصر:

العنصر الأول يتمثل بمبدأ «الاقتصاد في القوة»، بمعنى عدم استعمال القوة كثيرا للحد من الخسائر الميدانية والبشرية، انطلاقا من أنه عند استخدام قوة كبيرة ترتفع مستويات الخسائر في المواجهة.

العنصر الثاني يقوم على الاستمرار في المواجهة والمشاغلة، ومنع المسلحين من الاستقرار في أي منطقة يدخلون إليها ومنعهم من تحويلها إلى «منطقة سيطرة»، وفقا لقواعد السيطرة العسكرية المتعارف عليها. العنصر الثالث يفيد بأن النظام السوري بدأ المواجهة الدفاعية، وهو خيار غالبا ما يكون مكلفا، ويقوم على مسك الأرض بعد إخراج المسلحين منها اعتمادا على القبضة الحاسمة التي يشكلها الجيش بشتى فروعه. ويعتمد النظام هذه القبضة لمعرفته أن الحرب طويلة ولا مدى منظورا لها، وذلك لأن من فتح الحرب لا يمكن أن يسارع في لحظات أو ساعات قليلة إلى وقفها قبل تحقيق ما يريده، وهو لم يحقق حتى الآن إلا تدميرا في سوريا، لكنه لم يصل بعد إلى حد السيطرة وما زالت بعيدة عن متناوله. يدرك النظام السوري جيدا أن المواجهة طويلة، ولذلك اعتمد هذه الاستراتيجية في التطبيق. تمكن النظام السوري من النجاح، بحيث إن المسلحين لم يتمكنوا من زعزعة بنية الجيش السوري، رغم عمليات الفرار والخسائر البشرية، إذ استطاعت القيادة تعويض كل الخسائر في هذا المجال. كذلك، نجح في منع الاستقرار المؤمل من قبل المسلحين، ولا تزال مناطق وجودهم مناطق اشتباك قابلة للتطهير، ولقد تمكن من تحقيق نتائج مهمة في حمص وحماه وريف إدلب وحلب. لذلك، فإن استراتيجيته تعتبر ناجعة وتمكن النظام من الدفاع المنظم لمدى طويل.

* عميد متقاعد