المشاركة في المظاهرة المؤيدة لإسرائيل في لندن جاءت أقل من التوقعات

TT

اتفق رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو مع خصمه السياسي وزير الخارجية الاسرائيلي شلومو بن عامي، في اعتبار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات السبب الرئيسي في تفجر الاوضاع في الشرق الأوسط. واتهم نتنياهو، الزعيم غير المتوج لليمين الاسرائيلي، ومواطنه الذي يُعد من اقطاب اليسار الاسرائيلي، الرئيس عرفات بشن ما سمياه «حملة ارهاب منذ 18 شهراً» ضد الدولة العبرية. وجاء ذلك في كلمتين القاهما السياسيان في تظاهرة مؤيدة لاسرائيل نظمت امس في لندن وكان عدد المشاركين فيها اقل من المتوقع بكثير.

وفي الوقت الذي هتف فيه حوالي 10 آلاف شخص (حسب تقدير الشرطة) تجمعوا في ساحة «الطرف الأغر» وسط العاصمة البريطانية مطالبين بوضع حد لـ«الارهاب»، وقف مئات اليهود البريطانيين ومئات من انصار الحقوق الفلسطينية على طرفي الساحة منادين بانهاء الاحتلال الاسرائيلي غير المشروع. وقدرت الشرطة عدد المتظاهرين المعارضين للاحتلال الاسرائيلي بحوالي 3 آلاف.

وكرس نتنياهو الشطر الاكبر من كلمته للهجوم على الرئيس الفلسطيني وشدد على ان تل ابيب ينبغي «ان لا تتفاوض مطلقاً مع عرفات». ودعا الى «تفكيك» القيادة الفلسطينية الحالية، مؤكداً على ضرورة عدم التعاطي مع «هتلر (عرفات) او من دونه او من حوله». وقال ان مجرد التفكير «باعطائه دولة هو امر بمنتهى السخف». وسعى الزعيم اليميني المتشدد في كلمته الى عقد مقارنات بين ما سماه «حرب اسرائيل ضد الارهاب» الفلسطيني، وحرب بريطانيا ضد النازية «قبل 60 عاماً»، والحملة التي تشنها الولايات المتحدة ضد الارهاب الدولي.

واستغل رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق جزءاً من الوقت لاتهام سورية بانتهاك حقوق الانسان، وانتقاد الامم المتحدة لمحاولتها ارسال لجنة للتحقيق في الاعتداءات التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي في مخيم جنين.

اما بن عامي، الذي يصفه البعض بالناشط من اجل السلام في الشرق الاوسط، فأكد انطلاقاً من خبرته ان الرئيس عرفات لا يريد السلام مع الدولة العبرية. واعتبر ان الرئيس عرفات رفض التعاون مع الاسرائيليين في مفاوضات كامب ديفيد وطابا بهدف احلال السلام في المنطقة. واذ دعا الى «احترام الحقوق الفلسطينية» من دون ان يفصح عن طبيعة هذه الحقوق، شدد بن عامي على انه «يتمنى لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون «كل النجاح في مهمته الحالية في الولايات المتحدة».

وفيما تحدث عدد من الخطباء اليهود البريطانيين الآخرين عن خطر ما سموه «الارهاب الفلسطيني» وإصرارهم على «عدم المساومة في وجه هذا العنف»، ندد نائب زعيم حزب المحافظين مايكل أنكرام بـ«الهجوم» الذي يتعرض له الاسرائيليون. وقال انكرام، الذي يحتل ايضا منصب وزير الخارجية في حكومة الظل المحافظة، ان اعضاء حزبه «كأصدقاء لاسرائيل، نؤيد تأييداً خالصاً حقوق اسرائيل».

ومن جهة اخرى، تصدر حوالي 30 حاخاماً من طائفة «ناطوري كارتا» الارثوذكسية المجموعة المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني. واذ هتف بريطانيون وعرب منددين بسياسة شارون وبالاحتلال الاسرائيلي، شدد الحاخامات المعادون للصهيونية في الاعراب عن ألمهم «لما يفعله شارون وللطريقة التي يعامل بها اخوتنا الفلسطينيين». ورفعوا لافتة تقول ان «اليهودي الصحيح معاد للصهيونية». ولوحظ ان هتافات مؤيدي الشعب الفلسطيني كانت مسموعة في الطرف الآخر من الساحة، حتى ان نتنياهو اشار اليهم في كلمته بـ«المدافعين عن الارهاب».

وحرص رجال الشرطة البريطانية الذين حضروا بكثافة على ترك مساحة عريضة عازلة بين المجموعة المؤيدة للفلسطينيين وأنصار اسرائيل غير ان الاخيرين كانوا متاخمين لبضع مئات من اليهود المطالبين بانصاف الفلسطينيين، مما ادى الى حصول ملاسنات صاخبة بين الطرفين كادت تتطور الى عراك بالأيدي لولا تدخل الشرطة. وقالت نورما غروس، عضو «الحملة اليهودية لتحقيق السلام والعدل للفلسطينيين» لـ«الشرق الأوسط» انها «حزينة للغاية بسبب ما يجري في الاراضي المحتلة». واكدت ان حديث الخطباء وخصوصاً نتنياهو عن «السلام» هو كلام اجوف، متسائلة «كيف يمكن تحقيق السلام ما لم يوضع حد فوري للاحتلال ويحصل الفلسطينيون على دولتهم المستقلة؟». واعتبرت الناشطة اليهودية البريطانية ان «المجموعة المؤيدة للفلسطينيين بالغت في اطلاق هتافات دينية بحتة، وأخشى ان ذلك من شأنه ان يضلل البعض عن حقيقة الصراع الراهن الذي لا اعتبره انا وكثيرون من اليهود صراعاً دينياً».

ومن جهتها، اكدت فيفيان ليشتنشتاين، رئيسة منظمة «اصدقاء حركة السلام الآن البريطانيون» ان التظاهرة المؤيدة لاسرائيل «لا تمثل على الاطلاق اليهود البريطانيين». وقالت في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» ان «المنظمين لم يسمحوا لنا برفع لافتات تدعو الى اقامة دولة فلسطينية (قابلة للبقاء، جغرافياً واقتصادياً وسياسياً) الامر الذي جعلنا نمتنع عن المشاركة».

واعتبرت الناشطة البريطانية ان «دعوة مؤيدي اسرائيل الى ايقاف الارهاب غامض، كدعوتهم لاقامة السلام». واردفت «هل يعنون بذلك ايضاً وضع حد للارهاب الذي تمارسه اسرائيل ضد المدنيين والفلسطينيين؟ وهل يعنون بالسلام السماح للفلسطينيين باقامة دولة على اقل من 50 في المائة من الاراضي (التي احتلت عام 1967)». وشددت ليشتنشتاين على ان «السلام غير ممكن ما لم يقم الفلسطينيون دولتهم المقنعة جغرافياً وسياسياً واقتصاديا». وانتقدت مشاركة نتنياهو بالتظاهرة معتبرة إياه شخصاً «متشدداً للغاية وفاسداً ايضاً».