شارون وبيريس يؤكدان التنسيق مع واشنطن استعدادا لمؤتمر السلام الإقليمي الشهر المقبل

رئيس المخابرات المصرية يسلم عرفات في رام الله رسالة من مبارك * رئيس وزراء إسرائيل يؤكد أنه لا يريد مفاوضات مع «سلطة إرهاب وفساد»

TT

اكد كل من رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، ونائبه وزير الخارجية، شيمعون بيريس، امس ان هناك اتصالات مثابرة وتنسيقا يوميا في الجهود المشتركة الاسرائيلية والأميركية لعقد المؤتمر الاقليمي للسلام في الشرق الأوسط. وقال بيريس ان كل الدلائل تشير الى ان المؤتمر سيعقد في تركيا خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل.

وتبين ان المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية، آفي غيل، يجري اتصالات سرية في واشنطن حول هذا المؤتمر منذ ثلاثة ايام. وربطوا في اسرائيل زيارة مسؤول المخابرات المصرية، عمر سليمان، الى رام الله ولقاءه بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، مع تلك الاستعدادات ايضا. واعلن سليمان امس انه زار رام الله ليسلم الرئيس عرفات رسالة من الرئيس المصري حسني مبارك. وكان سليمان قد وصل الى رام الله على متن طائرة هليكوبتر عسكرية تابعة للجيش الأردني.

واعلن شارون، امس، خلال بيان سياسي اضطر لالقائه امام الكنيست (بعد ان اجبرته على ذلك المعارضة، التي جمعت 40 توقيعا من النواب لعقد الجلسة)، ان مفاوضات السلام مع الفلسطينيين لن تكون على الطراز الذي جرى حتى الآن. ووضع شروطا علنية لافتة للنظر لذلك قال فيها:

* على الفلسطينيين ان يوقفوا عمليات الارهاب تماما وفي كل مكان وضد كل الاسرائيليين، عسكريين ومستوطنين ومدنيين.

* وقف التحريض ضد اسرائيل بكل الأشكال.

* اجراء اصلاحات اساسية في كل المجالات الأمنية والاقتصادية والقضائية والاجتماعية (!) وقال شارون: نريد سلطة فلسطينية اخرى مختلفة (هنا قاطعه النائب أحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير، صائحا: أنت تريد شعبا فلسطينيا آخر يكون مفصلا على ذوقك). ولن ندير مفاوضات مع سلطة ارهاب وفساد ودكتاتورية.

وقد رد علىه رئيس المعارضة، يوسي سريد (حزب ميرتس اليساري الصهيوني)، قائلا انه (أي شارون) يسخر من اعضاء الكنيست ومن الشعب في اسرائيل ومن العالم اجمع. وسأله: كيف تسمح لنفسك بالحديث عن شروط على الفلسطينيين، وأنت غارق في الذنوب من اساسك لرأس؟ هل سمعت بالوصاياالعشر التي تأمرنا بـ«لا تقتل!؟ هل تنكر انك تعطي الاوامر لقمع الفلسطينيين اجمعين، لصالح بعزا الطالح، فتفرض عليهم الحصار والاطواق، تخنقهم، تجوعهم، تعشطهم، لا تسمح لهم بالعمل ولا بالتنزه ولو كان بيدك لمنعتهم من التنفس. وبعد هذا كله تفرض عليهم الشروط.

وقال سريد ان اساس البلاء في الشرق الأوسط هو «الاحتلال الاسرائيلي المستمر من 35 سنة وحليفه الذي يغذيه ألا وهو الارهاب الفلسطيني. فاذا زال الاحتلال تفتح الطريق امام زوال الارهاب وعندها لن يكون هناك مشكلة في التوصل الى حل سلمي».

يذكر ان شارون واصل، امس ايضا، التظاهر بأنه القائد السياسي المعتدل المصر على سياسته رغم موقف المتطرفين في حزبه (الليكود). واوضح مرة اخرى ان قرار المجلس المركزي لليكود، مساء الأحد الماضي، برفض اقامة الدولة الفلسطينية لم يغير شيئا في نهجه السياسي «فأنا منتخب من ثلثي الشعب، وقد انتخبوني بعد ان التزمت امامهم بالعمل على تحقيق السلام والأمن. وأنا ما زلت وسأظل عند وعدي. فمبادئي هي التي تحركني، وليس مطامعي الشخصية». وقصد بذلك التلميح الى خصمه في الليكود بنيامين نتنياهو، الذي بادر الى ذلك البحث في الليكود وحقق مكسبا ضد شارون، اذ حظي اقتراحه بأصوات 61 في المائة.

وفي حديثه مع وزير الخارجية الأميركي، كولن باول، قال شارون الليلة قبل الماضية، انه ما زال يتمسك برأيه في ضرورة اقامة الدولة الفلسطينية ولكن ليس الآن بل في اطار مفاوضات الحل الدائم (والمعروف ان الدولة الفلسطينية التي يقصدها شارون تقوم على مساحة 42 في المائة من المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 ولا تشمل القدس، وسيكون الجيش محيطا بها من كل الاتجاهات في اطار حزام أمني على طول نهر الأردن بعرض 12 ـ 18 كيلومترا وعلى طول الحدود الاسرائيلية ـ الفلسطينية بعرض 3 ـ 4 كيلومترات، ولا تزال أية مستوطنة يهودية بموجبه).

وبادر شارون الى الاجتماع مع رئيس حزب العمل، بنيامين بن اليعزر، الذي كان قد اعلن ان مركز الليكود قال لا ليس فقط للدولة الفلسطينية بل للسلام بمجمله. ولهذا فانه سيفحص اذا كان هناك مكان لحزبه في الحكومة. وقد طمأنه شارون بأنه لن يغير موقفه في ضوء قرار الليكود. وخرج بن اليعزر ليعلن استمرار حزبه والائتلاف الحكومي.

وعلى صعيد الحرب الداخلية في الليكود، حذر نتنياهو، رئيس الوزراء الاسبق امس، خصمه شارون من خطورة تصريحاته المستهترة بمؤسسات حزبه. وقال: أنا انصحه بأن يكف عن موقفه المؤيد للدولة الفلسطينية.

ورد المقربون من شارون بالقول ان نتنياهو يتوهم بأنه يستطيع الكلام باسم الليكود، بينما هو في الواقع يمثل اقلية. ويستند هؤلاء في موقفهم هذا الى حقيقة ان التصويت في اللجنة المركزية الليكود كان 661 مقابل 465 صوتا علما بأن عدد الاعضاء الاجمالي هو 2700. فضلا عن ان غالبية مؤيدي الليكود يؤيدون شارون.

من جهة ثانية، اجرى معهد «داحف» الاسرائيلي استطلاعا جديدا للرأي نشر امس في «يديعوت احرونوت» دل فعلا على ان 68 في المائة من الجمهور الاسرائيلي العام و64 في المائة من مؤيدي الليكود يقفون مع شارون ضد نتنياهو في هذا الموضوع. وقال 23 في المائة انهم لم يعودوا يؤيدون نتنياهو جراء تصرفه هذا ضد شارون.

ودل الاستطلاع على ان 63 في المائة من مجمل الاسرائيليين و43 في المائة من مؤيدي الليكود يرون ان اقامة دولة فلسطينية في المناطق المحتلة عام 1967 هو امر ضروري ولا مجال للاعتراض عليه في اطار اتفاقية السلام.