فرنسا تدين رسميا الحملة المناهضة لها في أميركا

حفلة لصالح الجيش الإسرائيلي في باريس يثير احتجاجات واسعة

TT

أدانت فرنسا امس رسمياً الحملة المناهضة لها في الولايات المتحدة التي تقوم بها منظمات يهودية اميركية، على رأسها المؤتمر اليهودي الأميركي. وأعلنت الخارجية الفرنسية، على لسان الناطق المساعد باسمها، ان فرنسا «تدين» هذه الحملة، فيما رد وزير الخارجية الفرنسي الجديد دومينيك دوفيلبان، اول من امس، من بلجيكا على الاتهامات الموجهة لبلاده في ما يتناول تطور الشعور والأعمال المعادية لليهود والسامية.

وتأتي تصريحات دوفيلبان وادانة الخارجية لدعوة مقاطعة المنتجات الفرنسية في الولايات المتحدة بما في ذلك صناعة السينما الفرنسية، استكمالاً للتحذير العنيف الذي وجهه الرئيس جاك شيراك نهاية الأسبوع الماضي، لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. وكان شيراك طالب بوضع حد فوري للحملة التي يقوم بها اليمين الاسرائيلي، بمن في ذلك شارون شخصياً ووزراء آخرون، ضد فرنسا. وفي بادرة تعكس حنق الرئيس شيراك شخصياً على ما يعتبره «اتهامات ظالمة وغير مبررة» لفرنسا ازاء «تغاضيها» المزعوم عن اعتداءت تستهدف الجالية اليهودية فيها، عمد قصر الأليزيه الى كشف تفاصيل الاتصال الهاتفي بين شيراك وشارون، وقد ذهب شيراك حد التحذير من ان استمرار هذه الحملة «لن تبقى دون نتائج» على العلاقات الفرنسية ـ الاسرائيلية.

وترى أوساط فرنسية واسعة الاطلاع ان ثمة «تناغماً» بين الحملة الاسرائيلية الرسمية على فرنسا ودعوة مقاطعة الصناعات الفرنسية في الولايات المتحدة.

وتدخل الجالية العربية ـ الاسلامية الفرنسية على الخط بسبب تحميل اعضاء منها مسؤولية الاعتداءات على أماكن العبادة والممتلكات والمؤسسات اليهودية، منذ سبتمبر (ايلول) الماضي في الوقت الذي أدان مسؤولو هذه الجالية، بكل قوة، هذه الاعتداءات واعتبروها موجهة ضدهم بالدرجة الأولى.

وبالمقابل، فان الاعتداءات الكثيرة التي تعرضت لها المساجد ومؤسسات الرعاية والمدارس التابعة للجالية العربية ـ الاسلامية لم تجد طريقها الى شاشات التلفزة او صفحات الجرائد الفرنسية.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي ان باريس صدمت للاتهامات التي وجهت اليها والتي «لا أساس لها»، في حين عكست المظاهرات التي اجتاحت كل المدن الفرنسية ضد مرشح اليمين المتطرف جان ـ ماري لوبن رفض المجتمع الفرنسي للعنصرية ومعاداة السامية وللاتجاهات المتطرفة.

وكان وزير الخارجية السابق هوبير فيدرين اكد، اكثر من مرة، ان اتهام فرنسا بغض الطرف عن اعمال معادية لليهود، يهدف الى شل دابرها السياسي في الشرق الأوسط، وتتهم اسرائيل فرنسا بالتحيز لجانب الفسلطينيين على حساب المصالح الاسرائيلية.

ويأتي هذا الجدل على خلفية اقتراب الاستحقاق الانتخابي حيث ستجري الانتخابات التشريعية يومي التاسع والسادس عشر من الشهر القادم. وللمرة الأولى في فرنسا تبرز أهمية الصوت العربي ـ الاسلامي وحرص القوى السياسية المختلفة، باستثناء اليمين المتطرف على عدم تنفيره فيما كانت القاعدة في السابق مسايرة للأصوات اليهودية وحدها بالنظر لغياب هذا الصوت.

وبموازاة ذلك، أثارت الحفلة التي نظمت ليل امس في مسرح «باتكلان» في الدائرة الحادية عشرة في باريس بغرض جمع اموال للجيش الاسرائيلي، حملة احتجاجات واسعة شبيهة بما حصل في الأسابيع الأخيرة في مدن مرسيليا وباريس وغيرهما. فقد وصفت 11 منظمة وحزباً فرنسياً هذه الحفلة بـ«الاستفزازية»، ونددت بالحكومة الفرنسية لسماحها بهذا النوع من النشاطات. ورفعت يافطات تندد بهذا المسرح الذي يستقبل هذه الحفلة بمبادرة من الصندوق اليهودي لدعم الجيش الاسرائيلي. وجاء على هذه اليافطات: «ليخرج الجيش الاسرائيلي من فرنسا» و«العار لمسرح باتكلان» و«اسرائيل مجرمة» و«ماذا تفعل يا شيراك؟ في فلسطين يقتلون».

وأمس، رفضت الخارجية الفرنسية التعليق على هذه الحفلة، معتبرة ان ذلك يعود الى وزارة الداخلية، وقام الوزير السابق روجيه ـ جيرار شوارزنبرغ بتوجيه رسالة الى رئيس بلدية باريس برتراند دو لانويه يطالبه فيها بالغاء الاحتفال فيما وُجهت مئات الرسائل الى وزارة الداخلية وشرطة باريس مطالبة هي الأخرى بالالغاء بسبب ما ينتج عن هذه التظاهرة من اخلال بالنظام العام والمس براحة المواطنين.