باراك وشارون يجددان شراكة بدأت في خطتهما المشتركة لاجتياح لبنان سنة 1982

زعيم الليكود ورئيس الوزراء يحرزان تقدما على طريق تشكيل حكومة طوارئ

TT

أبدى المقربون من رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود باراك، ورئيس المعارضةاليمينية، ارييل شارون، امس، تفاؤلاً غير خفي من احتمالات نجاح الجهود لتشكيل حكومة طوارئ قومية في اسرائيل تحت قيادتهما المشتركة، وذلك على الرغم من المعارضة الواسعة لهذه الحكومة بين قوى السلام وفي صفوف قيادة الحزبين، لأسباب مختلفة.

وأكد رجالات باراك انه سينهي مفاوضاته مع الاحزاب التي سيحالفها في غضون اسبوع، آملا ان يستطيع عرض هذه الحكومة على الكنيست (البرلمان) الاسرائيلي لدى افتتاح الدورة الشتوية مطلع الاسبوع المقبل.

واذا نجحت هذه الجهود فعلا، فان الاحتمال ان تستند الحكومة الجديدة الى 62 نائباً من مجموع 120، هم:

ـ حزب العمل: وله 24 نائباً (وهو حزب باراك).

ـ حزب الليكود: 19 نائبا (وهو حزب المعارضة اليمينية).

ـ حزب المركز: 6 نواب (وهو الحزب الجديد الذي اسسه اسحق مردخاي، وزير الدفاع الأسبق الذي اضطر للاستقالة من حكومة باراك لاتهامه بالاعتداء الجنسي على ثلاث سكرتيرات، وتولى قيادة الحزب مكانه امنون لفكين ـ شاحاك، رئيس اركان الجيش السابق).

ـ حزب المفدال: 5 نواب (وهو حزب اليمين الاستيطاني المتطرف سياسيا والمعتدل دينيا. وكان قد انسحب من حكومة باراك بسبب ذهابه الى مفاوضات كامب ديفيد).

ـ شنوي: 6 نواب (وهو ايضا حزب جديد في القضايا السياسية وكذلك في الفكر العلماني وقريب جدا من باراك ويتميز بعدائه للأحزاب الدينية ويحارب ممارساتها الابتزازية).

ـ حزب غيشر: نائبان (وهو حزب هزيل، يمثله في الكنيست وزير الخارجية السابق، ديفيد ليفي، وشقيقه مكسيم ليفي. وكانا قد تخاصما ولم يكلم احدهما الآخر لمدة سنة، حتى لدى التقائهما في المناسبات العائلية. وقد تصالحا فقط بعد خروج ليفي من الحكومة، في اعقاب مؤتمر كامب ديفيد. ويحاول الليكود اعادة ليفي الى الحكومة على امل عودته الى الليكود لاحقا).

وكان باراك قد حاول ضم حزب اليهود الشرقيين المتدينين (شاس)، وعدد نوابه 17، الا ان عرضه لم يكن جديا. وقادة «شاس» يشعرون بأن لا مكان لهم في حكومة واحدة مع الليكود، حيث ان هذا يطالب بالوزارات الاجتماعية، وهي نفس مجال اهتمام «شاس». لكنه يزعم انه لن يدخل الحكومة بسبب توجه باراك في إحداث ثورة علمانية.

وكان باراك قد بعث برسالة خطية الى شارون يقترح عليه اقامة حكومة طوارئ قومية بسبب «اوضاع الطوارئ الناجمة عن العربدة الفلسطينية والعربية وضرورة ان نجابه تحدياتها والأبعاد المستقبلية».

وأكد باراك انه في حالة نشوء تطور يتيح استئناف مفاوضات سلام جوهرية، يجتمع الطاقم الوزاري الأمني المصغر ويبت في الموضوع. واوضح باراك انه يريد الاحتفاظ لنفسه بوزارة الدفاع.

لكن شارون رد برسالة اخرى يدعو فيها باراك الى تغيير بعض البنود، ومنها ان يصبح له حق النقض (الفيتو) في موضوع المفاوضات السلمية. وحاول نواب آخرون من الليكود سحب تنكر من باراك للافكار التي طرحها في كامب ديفيد فرفض. ودعته النائبة ليمور لفنات الى التراجع عن اقتراحاته في كامب ديفيد بخصوص اعادة معظم القدس الشرقية للفلسطينيين، فقال انه لم يتنازل عن القدس ويرفض ان يتراجع عن اي شيء.

وكان الوفد المفاوض من الليكود، الذي اجتمع مع باراك، قد ضم خمسة نواب بارزين، اثنان منهم يؤيدان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء وزعيم الليكود السابق، الذي ينافس شارون على زعامة الحزب ورئاسة الحكومة وبناء عليه يعارض حكومة الطوارئ لأنها تنقذ باراك من السقوط وتبعده شخصيا عن اهدافه الذاتية، وهما: ليمور لفنات ومئير شطريت، والثالث يريد لنفسه رئاسة الحزب وهو سلفان شالوم، والرابع يؤيد شارون، وهو روبي رفلين.

وعقب باراك على ذلك بقوله: «اجتمعت مع خمسة نواب في الليكود يحملون خمسة آراء متناقضة».

وامس اجتمع باراك مع ممثلي المفدال وشنوي، واتفق معهما مبدئيا.

ويقول باراك ان هناك تقدما واضحا في المفاوضات وانه ينتظر الآن رد الليكود. واتهم احد وزراء باراك، الذي يشاركه المفاوضات الائتلافية، وهو بنيامين بن اليعزر، «اوساطا في الليكود تغلب مصالحها الذاتية على المصلحة الوطنية وتخرب الجهود لاقامة حكومة الوحدة»، وقصد بذلك نتنياهو.

وكان نتنياهو، من جهته قد دعا الى جعل حكومة الطوارئ مؤقتة فقط «لحالة الطوارئ التي نعيشها، اي مسألة اسبوعين او ثلاثة، على ان يكون البند الاول للاتفاق فيها هو تقديم موعد الانتخابات». وقال انه سيدافع عن رأيه هذا في اجتماع المجلس المركزي لليكود، الذي من المفروض ان يقر دخول الحزب الى حكومة باراك.

من جهة اخرى، تتصاعد المعارضة داخل حزب العمل وفي معسكر السلام الاسرائيلي، ضد تشكيل حكومة طوارئ مع الليكود، باعتبار ان هذه الحكومة ستجهض المسيرة السلمية وستقود حتما الى تصعيد التوتر الحربي في المنطقة.

ويستذكر انصار السلام في اسرائيل اياما ماضية سوداء في تاريخ العلاقات بين باراك وشارون، بالنسبة لمصالح السلام في المنطقة. اذ ان حرب لبنان سنة 1982، التي قادها شارون عندما كان وزيرا للدفاع، هي في الواقع صنيعة باراك، الذي كان قد شغل في ذلك الوقت منصب رئيس شعبة التخطيط الحربي في الجيش الاسرائيلي. فهو الذي اعد خطة الاجتياح. وهو الذي جعلها حربا طويلة.

وحسب احد المعلقين السياسيين، حايم هنغبي، فان «باراك كان شارونياً اكثر من شارون في تلك الحرب». اذ انه لم يكن يكتفي بأهداف الحرب المعلنة، وهي تقويض وتدمير البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية واقامة حكومة في لبنان بقيادة الكتائب، بل كان يريد جر سورية الى الحرب وتوجيه ضربة خاطفة لها على نسق حرب 1967. ويضيف هنغبي ان باراك هو صاحب فكرة «اختراع اسباب لشن الحرب» و«تضليل القيادة السياسية وجرها الى الموافقة على حرب طويلة وشاملة».

ويدعو انصار السلام في اسرائيل الى اقامة حكومة مع «شاس» و«ميرتس» والاحزاب الصغيرة والابقاء على خيار السلام، او الذهاب الى الانتخابات.