واشنطن تتجه إلى تأجيل مؤتمر السلام للشرق الأوسط ولا تعرف كيفية تنفيذ التزامها بقيام الدولة الفلسطينية

الأولوية لإعادة هيكلة أجهزة الأمن الفلسطينية ومؤتمر السلام قد يعقد أواخر سبتمبر

TT

قال مسؤولون في الادارة الاميركية امس ان مؤتمر السلام في الشرق الاوسط، الذي كان مخططا عقده اوائل الصيف الحالي، ربما يجري تأجيل انعقاده الى وقت لاحق، بيد ان المسؤولين لم يحددوا مسألة اقتراح جدول زمني للتوصل الى تسوية نهائية. ولا تزال الادارة الاميركية تتعرض لضغوط متواصلة من حلفاء الولايات المتحدة في اوروبا والدول العربية المعتدلة لحملها على طرح خطتها وجدولها الزمني الخاص بتسوية سلام نهائية في الشرق الاوسط. ومن المتوقع ان تتزايد الضغوط وسط مخاوف من تصاعد العنف مجددا مع استئناف العمليات الانتحارية داخل اسرائيل. واوضح مسؤول بارز في الادارة الاميركية امس ان الرئيس بوش وكبار مستشاريه لم يتوصلوا بعد الى قرار بشأن ما اذا ستتقدم واشنطن بخطة سلام محددة، واضاف المسؤول ان مسألة تحديد جدول زمني لا تزال خاضعة للمشاورات. كما اشار ايضا الى ان توقيت المؤتمر يعتمد على نية الاطراف المشاركة في مناقشات تفصيلية وفهم مسبق للنتائج المحتملة للمؤتمر. ويعتقد المسؤول انه من الضروري التشاور مع الاطراف المعنية للوقوف على وجهات النظر المختلفة، مؤكدا ضرورة العمل مع بعض الجوانب. وفي نفس الوقت ردد المسؤول ان الرئيس الاميركي جورج بوش ملتزم بقيام الدولة الفلسطينية على اساس القرارات الصادرة عن الامم المتحدة القائمة على اساس صيغة «الارض مقابل السلام»، بيد ان كيفية الوصول الى ذلك لا تزال غير معروفة، طبقا لتصريح المسؤول. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان شهر سبتمبر (ايلول) المقبل يبدو موعدا مناسبا، مشيرا الى ان يوم 20 من نفس الشهر يعتبر رسميا بمثابة نهاية لفصل الصيف. ولكن جدول لقاءات باول في نفس الشهر مزدحم، اذ من المقرر ان يحضر مؤتمرا للتنمية بجنوب افريقيا الى جانب اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة بنيويورك.

واوضح مسؤول آخر ان واشنطن تعتزم عقد اللقاء المذكور «خلال ما يعتبر في نصف الكرة الارضية الشمالي فصلا للصيف».

وردا على سؤال حول الاهتمام الذي توليه الادارة الاميركية لاحتمالات طرح مقترحات من جانب واشنطن بشأن تسوية سلام نهائية، اجاب ريتشارد باوتشر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية، مؤكدا ان «الولايات المتحدة تساهم به في هذه العملية»، لكنه اشار الى ان واشنطن تتوقع ان «تتولى الاطراف الاخرى مسؤولياتها». كما اوضح ان واشنطن تتوقع ان تستمع الى آراء الاطراف الاخرى، واضاف: «مع تقدم هذه العملية الى الامام، ستواصل الولايات المتحدة النقاش مع اطراف عديدة الى جانب الاطراف الاخرى المشاركة بشأن الانجاز المحتمل الذي سيحققه اللقاء والانجاز الذي ستحققه العملية في مجملها وكيفية تكوين اللقاء».

يذكر ان الإدارة الأميركية، تقوم هذا الأسبوع، بحملة دبلوماسية جديدة حول أزمة الشرق الأوسط، على الرغم من غياب أي إمكانية في الأفق لغلق الفجوة القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين.

وقال مسؤول أميركي، إن النقص لا يكمن في غياب الخطوط العريضة لإيجاد حل للنزاع، فإضافة إلى تكوين دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي المطالبة بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، هناك الحاجة أولا إلى أن «تكون للفلسطينيين مؤسسات ديمقراطية معرضة للمحاسبة.. وقوى أمنية تستطيع أن تواجه الإرهاب».

وإذا كان في حوزة الإدارة الأميركية «بعض المبادئ العامة» حول كيفية تحقيق هذه المتطلبات، فإنها من جانب آخر، بادرت بإرسال مسؤولين إلى المنطقة، هذا الأسبوع، لغرض تقييم الوضع والاستماع إلى أفكار الآخرين.

إذ سيغادر جورج تينيت، مدير «سي آي ايه» اليوم إلى الشرق الأوسط، وكان تينيت قد لعب دورا في الماضي في بناء أجهزة الأمن الفلسطينية، وأنشأ علاقات عمل بينها وبين الإسرائيليين، لكن هذه العلاقات دمرت خلال الأشهر الثمانية عشرة الأخيرة، مما أدى إلى تمزق المؤسسات الأمنية الفلسطينية، في الضفة الغربية، إضافة إلى توجيه الاتهام لها بالمشاركة في أعمال العنف.

وإذا كانت الولايات المتحدة تعتبر إعادة هيكلة أجهزة الأمن الفلسطينية «الأكثر أهمية في المدى القصير»، حسب ما قاله مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، فانه ليس واضحا إن كان الفلسطينيون يوافقون على توحيد كل القوى الأمنية في جهاز واحد.

وكانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد نمت خلال السنوات السابقة، بشكل أصبحت فيه تعكس الثقل السياسي لقائد كل جهاز. ومن جانبه، قام رئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات بإبقائها منفصلة عن بعضها البعض، لتجنب أي تحد لموقعه، حسب ما يراه المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون. فحينما جرت المحادثات، مؤخرا، حول توحيد قوى الأمن ضمن جهاز واحد، انتقد جبريل الرجوب، الذي يرأس جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية، هذه الفكرة. وقال الرجوب للصحافيين، الأسبوع الماضي، في القاهرة: «فكرة تكوين جاهز واحد ورئيس واحد هو حلم إسرائيلي».

من جانب آخر، اعترف مسؤول أميركي آخر، بالوضع الأمني الصعب في المنطقة، حيث قال: «لا تتوقع ظهور أي خطط نتيجة لزيارة تينيت. نحن نحاول أن نفهم إن كانت هناك إمكانية في تحقيق تقدم ضمن المستقبل المنظور، هناك غياب لأي خيارات».

وستصبح مهمة تينيت اكثر صعوبة، حسب توقعات هذا المسؤول، مع عودة العمليات الانتحارية في الأسبوع الماضي.

أما المسؤول الأميركي الآخر، وليام بيرنز، الذي يشغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، الموجود في المنطقة حاليا، فاحد اهداف زيارته الحالية هو التحضير لزيارة الرئيس المصري، حسني مبارك لواشنطن، التي ستبدأ في الأسبوع المقبل. ويسعى بيرنز، من جانب آخر، إلى الحصول على الدعم العربي لإعادة تنظيم السلطة الفلسطينية.

من جانب آخر، قال أحد مساعدي عرفات، إنه سيكون هناك تعديل وزاري، كجزء من الإصلاحات التي اقترحها الرئيس الفلسطيني.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»