محامي 118 من أسر ضحايا لوكربي: الليبيون الذين تفاوضنا معهم سرا في باريس قاض ورجل أعمال وأستاذ

TT

قالت الولايات المتحدة ان «العرض» الليبي لتعويض عائلات ضحايا كارثة لوكربي «غير كاف» لرفع العقوبات المفروضة على طرابلس، لكنها في الوقت نفسه اعتبرته «خطوة في الاتجاه الصحيح». وقوبل «العرض» بارتياب خاصة في الكونغرس الاميركي، لا سيما بعدما نفت ليبيا في بيان اول من امس ان تكون الدولة الليبية طرفا في الصفقة التي قالت ان «رجال اعمال ومحامين» ليبيين تفاوضوا بشأنها مع ممثلي اسر الضحايا في مفاوضات سرية في باريس.

وردا على البيان الليبي أصر جيمس كرايندلر، وهو محامي 118 اسرة اميركية وشارك في المفاوضات، على ان السلطات الليبية كانت مطلعة تماما على سير المفاوضات وان المفاوضين الليبيين الثلاثة الذين التقوا المحامين الاميركيين كانوا مخولين من السلطات الليبية للتقدم بالعرض المذكور. وحسب كرايندلر فان الثلاثة هم قاض في المحكمة العليا ورجل أعمال وأستاذ في القانون الدولي. واضاف «ليست لدينا شكوك اطلاقا حول هويات الثلاثة او العرض الذي قدموه ولا شك اطلاقا في ان العرض رسمي». وقال محلل دبلوماسي ان ليبيا ربما أرادت «جس نبض اميركا بهذا العرض دون تقديمه بصورة رسمية». وتابع «المحامون من جانبهم ارادوا بلا شك الضغط على ليبيا بالاعلان عن العرض». الى ذلك، قال وزير الخارجية الاميركي كولن باول ان نبأ العرض الليبي خطوة في الاتجاه الصحيح. لكنه اشار الى انه يحتاج لمزيد من التفاصيل كي يصدر تقييما سليما لهذه الخطوة. وتبرأت الولايات المتحدة ايضا من المفاوضات بشأن صفقة التعويضات قائلة انها لا تشارك مشاركة مباشرة في المناقشات. وقال باول للصحافيين «نحن بانتظار معرفة ما هو العرض الليبي في واقع الامر.. الامر لم يوضع رسميا على الطاولة وسندرسه ونبحث كل عناصره». واضاف «من واقع قراءة الانباء الصحافية حول ما قيل بشأن العرض.. فان هذه بالتأكيد خطوة في الاتجاه الصحيح ولكني لا اعتقد انها تحل القضية برمتها.. وتحل كل القضايا التي يتعين التعامل معها فيما يختص بليبيا وطائرة «بان أميركان» المنكوبة».

أما رد وزارة الخارجية الاميركية، على لسان المتحدث باسمها ريتشارد باوتشر، فهو ان واشنطن لن ترفع العقوبات الاميركية ولن تؤيد الغاء العقوبات التي تفرضها الامم المتحدة الا اذا نبذت طرابلس «الارهاب» واعلنت مسؤوليتها عن كارثة لوكربي باسكوتلندا عام 1988 التي اودت بحياة 259 شخصا هم كل ركاب الطائرة، اضافة الى 11 شخصا على الارض. وتجاوز الرد الرسمي نقطة اساسية اذ ترك لعائلات الضحايا تحديد ان كانوا يوافقون على تعويضهم بواقع 10 ملايين دولار لأسرة كل ضحية على ان يدفع 40 في المائة من المبلغ عند رفع عقوبات الامم المتحدة على ليبيا المعلقة حاليا و40 في المائة اخرى بعد رفع العقوبات الاميركية المفروضة منذ عام 1986 و20 في المائة عند رفع اسم ليبيا من القائمة الاميركية للدول التي «ترعى الارهاب». لكن باوتشر اضاف ان موافقة عائلات الضحايا على العرض الليبي سيكون «عاملا مهما جدا» في تحديد إن كانت ليبيا لبت احد اربعة شروط رئيسية واردة في قرار لمجلس الامن بشأن العقوبات. وشدد على انه يتعين على ليبيا «تلبية هذه الشروط الاربعة قبل رفع عقوبات الامم المتحدة». والشروط الثلاثة الاخرى هي الاعتراف بمسؤوليتها عن الكارثة التي ادين بها مواطنها عبد الباسط المقرحي ونبذ الارهاب والتعاون مع التحقيقات.

وكانت الامم المتحدة قد علقت عقوبات تشمل حظرا جويا وعلى الاسلحة وعلى بعض معدات النفط عام 1999 عندما سلمت طرابلس لمحكمة اسكوتلندية في هولندا المقرحي ومواطنه الامين خليفة فحيمة الذي برأه القضاء الاسكوتلندي. وترفض واشنطن رفع العقوبات رفعا كاملا، علما بأن تأييدها سيكون لازما لرفع عقوبات الامم المتحدة ولا يستطيع الرئيس الاميركي جورج بوش التوصية برفع العقوبات الاميركية قبل ان ترفع الامم المتحدة عقوباتها. وتميل الولايات المتحدة لتحسين علاقاتها مع ليبيا التي وصفتها هي والسودان هذا الشهر بانهما من «الدول الراعية للارهاب» التي اقتربت الى اقصى حد من تنفيذ ما يتعين عمله للخروج من دائرة الانشطة «الارهابية».

وينتظر ان تكون مسألة اعتراف ليبيا بمسؤوليتها عن كارثة لوكربي محور اجتماع ينتظر ان تستضيفه لندن الاسبوع المقبل بين مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز ووزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني بن برادشو والسفير الليبي في لندن محمد الزوي. الا ان واشنطن اضافت اخيرا ملفا آخر الى مجموعة الملفات الخلافية بينها وبين طرابلس. فقد زعم جون بولتون وكيل وزارة الخارجية الاميركية ان ليبيا تحاول امتلاك اسلحة للدمار الشامل. وقال مسؤول كبير انه من المتوقع ان يثير المتشددون في الحكومة الاميركية هذه المسألة عند الحديث عن رفع العقوبات.

وفي الكونغرس الاميركي كانت ردود الفعل حيال عرض التعويضات الليبي مشوبا بالارتياب. وقال السناتور ادوارد كنيدي وهو ديمقراطي من ماساتشوستس في بيان «ستتحدد السياسة الاميركية وفق التغير في السلوك الليبي وليس الشروط التي تفرضها الحكومة الليبية على تعويض أسر الضحايا». من جهته، انتقد السناتور روبرت ترويسلي وهو ديمقراطي من نيوجيرسي الحكم الليبي وقال «نظام (العقيد معمر) القذافي يجب الا يشتري مخرجا من العقوبات بهذه الطريقة». من جهتهم، يقول مؤيدو تحسين العلاقات مع ليبيا انهم يأملون ان يتم التعامل مع العرض الليبي المزعوم بحذر. وقال ديفيد ماك نائب رئيس معهد الشرق الاوسط: «بالطبع فانه اذا اتضح ان العرض حقيقي فسيكون هذا شيئا لا يمكن ان تتجاهله الحكومة وانا لا اعتقد انهم سيتجاهلونه».