إسرائيل تقسم الشعب الفلسطيني: محبوسون في البيوت أو محبوسون في القرية أو المدينة

TT

رغم الجهود السياسية الدولية الكبرى لاستئناف المحادثات السياسية، تواصل قوات الاحتلال الاسرائيلي عملياتها الحربية «الهادئة» ضد الفلسطينيين. وبات الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية مقسما الى قسمين: محبوسون في البيوت، حيث تفرض قوات الاحتلال على المواطنين في عشرات المدن والقرى نظام حظر التجول الذين تمنعهم بموجبه من مغادرة المنزل او حتى الاطلال من الشبابيك، والقسم الثاني محبوسون في القرية او المدينة وسط طوق عسكري خانق لا يتاح للمواطنين فيه ان يغادروا الا في حالات الضرورة القصوى وفقط بعد ان يسمح لهم بذلك القائد العسكري الاسرائيلي على الحاجز.

وفي يوم امس، ولاول مرة منذ ثماني سنوات، فرض منع التجول على عدد من احياء مدينة القدس الشرقية المحتلة مثل شعفاط وبيت حنينا والنبي يعقوب، التي امتنعت قوات الاحتلال عن اجراءات عسكرية فيها حتى تميزها عن بقية المناطق الفلسطينية المحتلة العام 1967. فالاحتلال الاسرائيلي قام بضم القدس وضواحيها الى اسرائيل بقانون رسمي. وحاول التعامل معها كأنها جزء من اسرائيل. لكنه عاد، امس، واضطر الى الاعتراف بانها جزء من مقاومة الاحتلال. وبدعوى وصول معلومات عن قدوم فدائي فلسطيني او اكثر من احدى قرى رام الله متوجها الى القدس العربية لتفجير نفسه بداخلها، قامت اسرائيل باعلان المنطقة منطقة عسكرية واغلاقها في وجه الصحافة وفرضت على المواطنين حظر التجول وقامت بعمليات مداهمة للمنازل وتفتيشها من بيت لبيت بحجة البحث عن الفدائيين المختبئين.

وكان مصدر مقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، قد حاول ازالة الانطباع لدى الفلسطينيين بأن الحكومة قررت التخلي عن فكرة الاجتياح الشامل للضفة الغربية وقطاع غزة. وجاء ذلك اثر نشر مضمون النقاش خلال جلسة المجلس الوزاري المصغر لشؤون الامن، حيث اقترح رئيس اركان الجيش شاؤول موفاز، اجتياح المناطق وطرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. فاعترض عليه وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر. وقام شارون بتوبيخه وقال له: لا تنس انك ما زالت عسكريا. وليس من واجبك ان توجه القيادة السياسية كيف تعمل.

وخشي شارون ان يطمئن الفلسطينيون، جراء هذا النقاش، الى ان قواته لن تصعد هجومها الحربي ضدهم فأرسل مساعديه ليزيلوا هذا الانطباع ويؤكدوا ان موضوع الاجتياح الشامل للمناطق لم يسقط عن جدول ابحاث الحكومة الاسرائيلية، وان المجلس الوزاري لم ينه مداولاته بعد، وسيستأنفها يوم الاربعاء المقبل، ليبت في سبل الرد على العمليات الفلسطينية الاخيرة.

وصدر عن وزير البيئة ورئيس المجلس المركزي لحزب الليكود الحاكم، تساحي هنغبي، امس، تهديد جنوني للفلسطينيين قال فيه: «نحن قادرون على ابادة السلطة الفلسطينية تماما. وسنفعل ذلك، اذا ما نجح الارهابيون الفلسطينيون في تنفيذ عملية ارهابية كبرى يموت فيها الالوف». وكان هنغبي يتكلم اثر زيارته عدداً من خزانات الوقود الكبرى في اسرائيل. وقد عقب على محاولة تفجير اكبر هذه الخزانات، الواقع قرب تل أبيب في منطقة غليلوت، حيث بالصدفة انفجرت العبوة بسيارة تحمل المازوت (ديزل)، وقيل يومها انه لو كان ذلك الوقود بنزينا او غازا، لوقع انفجار هائل يقتل كل حي يتواجد في المنطقة التي يبلغ قطرها 1600 متر، اي عدة الوف من الاسرائيليين.

يذكر في هذا السياق ان محكمة الصلح في تل ابيب اصدرت، امس، قرارا يقضي باغلاق هذا المجمع تماما ابتداء من يوم الاثنين المقبل بسبب اخطاره الامنية. وقبل ان يتخد هذا القرار، قامت قيادة الجيش الاسرائيلي، بنقل عدد من المراكز العسكرية الحساسة في هذه المنطقة الى منطقة اخرى بعيدا عن التجمعات السكنية.

وما زالت معلنة في اسرائيل حالة الاستنفار الامني القصوى بسبب الادعاء بوجود انذارات لتنفيذ عمليات فدائية داخل اسرائيل. وبالاضافة الى الحصار الشامل على الضفة الغربية ونشر القوات الاسرائيلية على طول الحدود والدوريات المستمرة، فرضت اطواق خانقة على كل بلدة وقرية وحتى داخل بعض الاحياء. واستمرت اعمال الاجتياح ايضا، وكان الدور في يوم امس على مدينة الخليل، علما بان احتلال مدينة بيت لحم مستمر لليوم الرابع على التوالي وفرض عليها وعلى المدن والمخيمات المحيطة بها (بيت ساحور، بيت جالا، مخيم الدهيشة وغيرها) نظام منع التجول.