إسرائيل تريد حلولا مرحلية وإصلاحات أولا والفلسطينيون يصرون على حل دائم

بيرنز وتينيت وفيشر والباز وسليمان وسولانا يتوافدون على القدس ورام الله

TT

تشهد مقار الحكومة الاسرائيلية في القدس ومقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله «هجمة سلامية» هذه الايام، اذ يتدفق عليها مبعوثون اميركيون واوروبيون وعرب، بهدف اطلاق المسيرة السلمية الاسرائيلية ـ الفلسطينية، ووضع حد للعمليات العسكرية. ولكن هذه الجهود تصطدم بالتناقض في مواقف الطرفين، اذ ان اسرائيل تصر على ان يقتصر البحث على الحلول المرحلية والجزئية، وحتى في هذا تطرح شروطا تعجيزية، بينما يصر الفلسطينيون على التقدم نحو حل جذري دائم للنزاع.

وفي اطار هذه الجهود يوجد في المنطقة كل من وزير الخارجية الالماني، يوشكا فيشر، ومساعد وزير الخارجية الاميركي، وليم بيرنز، وسيصل اليها اليوم كل من مسؤول ملف الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي، خافيير سولانا، والمستشار السياسي للرئيس المصري د. أسامة الباز، ومن المتوقع ان يصل في غضون ايام قليلة ايضا رئيس جهاز المخابرات الاميركية، جورج تينيت، وكذلك مدير المخابرات المصري عمر سليمان، عوضا عن ممثلي اللجنة الاميركية ـ الاوروبية الموجودين في رام الله منذ اسبوع، لترتيب الاصلاحات في نظام السلطة الفلسطينية. كما هاتف الرئيس المصري حسني مبارك وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعزر امس داعيا الى التخلي عن نهج العمليات الحربية والمساعدة على وقف النار من اجل دفع المبادرات السلمية الى الامام. واتفق معه على ارسال الباز الى مقابلة رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، ووزير الخارجية شيمعون بيريس.

وذكرت مصادر سياسية في اسرائيل بشيء من القلق ان الادارة الاميركية بدأت تقتنع بالتوجه الاوروبي والعربي حول ضرورة التوصل الى حل جذري يقود الى الانسحاب الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، اذ ان العرب يطالبونها بأن تقوم بخطوات عملية لتنفيذ ما تدعو اليه من «حلم الدولتين المتجاورتين والمتعايشتين بسلام».

وازاء هذا التوجه تطالب اسرائيل اولا بوقف العمليات الفلسطينية الفدائية ضد اهداف اسرائيلية كشرط لأية محادثات، ثم تطلب ان تنفذ اصلاحات جذرية في نظام حكم السلطة الفلسطينية تجعله نظاما ديمقراطيا نزيها، وبعد ذلك تطلب ان تبحث حلول جزئية ومرحلية لا تنفذ اية بنود منها الا اذا نفذت البنود السابقة.

وتجاوبا مع هذا التوجه، يطرح وليم بيرنز ان يتم التفاوض في ثلاثة مسارات هي:

* الاصلاحات في السلطة الفلسطينية، وهذه تتم بموافقة دائمة اميركية ـ اوروبية من دون تدخل اسرائيل.

* اعادة هيكلة توحيد اجهزة الامن الفلسطينية والعودة الى التنسيق الامني مع اسرائيل، وهذه تكون بمسؤولية اميركية ومصرية وبالتنسيق مع اسرائيل.

* مفاوضات السلام، وهذه تتم بشكل مباشر بين الطرفين، بمساعدة ومرافقة وحتى مشاركة اوروبا ومصر والسعودية والاردن والمغرب.

لكن اسرائيل تتحفظ حتى من التوجه الاميركي وتخشى من ان توصلها هذه المحاور الى القناة الاساسية للانسحاب من الاراضي المحتلة وازالة المستوطنات واقامة الدولة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، الذي بات اسمه كالكابوس بالنسبة للعديد من القادة السياسيين والعسكريين الاسرائيليين لدرجة اثارت غضب بيريس، فقال في تصريح اذاعي امس: «اتركونا من عرفات، فلسنا نحن الذين نقرر لهم من يكون قادتهم. وتعالوا نركز على جوهر المسألة».

اما في الجانب الفلسطيني، فهناك اشادة ورضى واضحان من هذه الهجمة السلمية. وقال مستشار الرئيس، نبيل ابو ردينة، انه ينظر بايجابية الى هذا التحرك. وأكد ان القيادة الفلسطينية تتجاوب مع الجهود الدولية بكل اخلاص. لكن امين سر مجلس الوزراء الفلسطيني، احمد عبد الرحمن، اعرب عن خشيته من ان تكون اهداف هذه الجهود فقط تهدئة الوضع وليس ايجاد حل جذري للنزاع. وقال: الواضح ان حكومة اسرائيل ليست جادة. وهي تفتش عن حلول جزئية وحتى هذه تريدها ان تنفذ على مراحل. لكن الشعب الفلسطيني لن يقبل اية حلول كهذه.

واضاف: لقد شبعنا حلولا جزئية وعانينا بما يكفي منها، ولن نقبل منها المزيد. نريد حلا جذريا واضحا يضع حدا للنزاع وللمعاناة. فقط مثل هذا الحل يحقق السلام. وفي هذا مصلحة لجميع الاطراف.

ودعا عبد الرحمن دول اوروبا والولايات المتحدة ان لا تكتفي بمناشدة اسرائيل وتقديم الرجاء لها، «فهي لن تتقدم خطوة واحدة اذا لم تتعرض للضغط».