قصة الفدائي جهاد الطيطي: حزن حزنا شديدا بعد اغتيال ابن عمه واختفى من بلاطة ليظهر في عملية انتحارية في بتاح تكفا

قال لشقيقه علاء: إن دم محمود دين في رقبتي ولن أنام حتى أسدده لوحدي

TT

عندما هرع جهاد الطيطي الى المقبرة في مخيم بلاطة في نابلس حيث كان ابن عمه محمود الطيطي يحتمي باحدى الاشجار، وجده جثة ممزقة. وعندما حاول الفتى البالغ من العمر 18 عاما رفع جثة ابن عمه، الذي كان قائدا لكتائب شهداء الاقصى في الضفة الغربية، مرت يده عبر صدر محمود الذي ثقبته قذيفة دبابة اسرائيلية.

قضى جهاد الطيطي تلك الليلة على كرسي ملتصق بباب المشرحة التي رقد داخلها ابن عمه. وعندما شيع جثمانه يوم الخميس الماضي الى مثواه الاخير، جلس الفتى امام القبر لمدة طويلة ثم اختفى بعد ذلك عن الانظار. ولم يظهر إلا يوم الاثنين الماضي، وقبيل الساعة السابعة مساء. وكان ظهوره في مدينة «بتاح تكفا» الاسرائيلية وشوهد وهو يقترب من محل للآيس كريم قرب مقهى أمام مجمع تجاري في المدينة. وكان قد لف وسطه بعبوة ناسفة وفجر نفسه فقتل اسرائيليين وجرح العشرات.

إن طريقة جهاد للانتقام لابن عمه هي ان يصبح انتحاريا. وكان رد فعله سريعا بصورة غير عادية بالنسبة للحدث، مما يعني ان هؤلاء الشباب الفلسطينيين يقررون بعفوية شديدة ان يكونوا انتحاريين وان يحولوا انفسهم الى اسلحة بشرية. ومع ان جهاد واسرته كانوا طرفا في مواجهات مع الجيش الاسرائيلي خلال الاشهر القليلة الماضية، وجرح بعضهم جراء ذلك، الا ان خياره تفجير نفسه كان نتيجة مباشرة لقتل ابن عمه الذي كان قائدا لـ«كتائب شهداء الاقصى» ـ الجناح العسكري لحركة فتح التي اخذت تشن موجة من الهجمات ضد اسرائيل منذ أول العام الماضي، وهي اشارة، ربما، الى ان القتل الاسرائيلي العشوائي للمقاتلين الفلسطينيين يؤدي في كثير من الاحيان الى ردود افعال لا تقل دموية بالنسبة للمدنيين الاسرائيليين.

وعبر اهل الطيطي عن املهم أن يكون الضحايا الاسرائيليون اكثر مما اذيع.

وقال كايد الطيطي، 24 سنة، شقيق محمود الطيطي وهو في مجلس العزاء المقام لابن عمه: «لا يعطي الاسرائيليون الارقام الصحيحة. ولا بد ان تكون الاصابات اكثر من ذلك بكثير». وقال رجل آخر من افراد الاسرة : «جهاد يساوي كل اسرائيل وكل سكان اسرائيل».

لم يحتمل جهاد، عامل البناء الشاب العاطل عن العمل وقتها، موت ابن عمه، فقد أصيب بصدمة شديدة عند مقتله، استوجبت نقله الى مستشفى رفيديا للعلاج. فقد شاهده مراسل لصحيفة «نيوزداي» في غرفة الطوارئ وهو يتلوى من الالم والاضطراب. وحقنه احد الاطباء بأحد العقاقير في الوريد. كان جسمه يرتعش بعنف. وقال اخوته انه عندما افاق، رفض الذهاب الى المنزل، بل قضى الليل بالقرب من المشرحة وساعد في حمل جثث الرجال الثلاثة الذين قتلوا في الهجوم، عبر شوارع بلاطة في صباح اليوم التالي، ولكنه اغمي عليه مرة اخرى.

كان جهاد الطيطي قد جرح مرتين اثناء اقتحامات الجيش الاسرائيلي لبلاطة. اما شقيقه منير (36 سنة)، فقد اصيب بالشلل لأن رصاصة اسرائيلية حطمت عموده الفقري. وحدث ذلك في 9 ابريل (نيسان) الماضي.

وفي نفس الوقت فقد ابن منير الطيطي، البالغ من العمر 14 سنة، اصبعا من يده اليمنى وقال والده ان سبابته يجب ان تستأصل ايضا.

كل ذلك فجر براكين الغضب لدى جهاد، كما يقول اخوته. ولكن قتل ابن عمه الذي يعتبر بطلا في بلاطة هو الذي جعله يبحث عن اولئك الذين يمكن ان يزودوه بالمتفجرات ويسجلوا كلمته الوداعية بالفيديو.

وقال جهاد الطيطي لشقيقه علاء مساء يوم الاربعاء: «دم محمود دين في رقبتي، وانا وحدي الذي سيسدد الدين. ولن انام حتى اسدده».

* خدمة «لوس انجليس تايمز»، خاص بـ«الشرق الأوسط»