العقيد محمد دحلان لـ«الشرق الأوسط»: استحداث منصب رئيس وزراء فلسطيني إشاعة

الاستقالات الاستعراضية لن تحل شيئا ولا أريد أن أكون وزيرا أو خفيرا وأنا لي حدود والآخرون يجب أن يدركوا أن لهم حدودا

TT

تشغل الاصلاحات الفلسطينية الأوساط السياسية الفلسطينية والعربية والدولية، وفي هذا الاطار طرح اسم العقيد محمد دحلان رئيس جهاز الامن الوقائي الفلسطيني في غزة باحتمال توليه مناصب أمنية وسياسية رفيعة باطار التغيير القادم.

الشرق الأوسط حاورت العقيد محمد دحلان وطرحت عليه ما يتردد في الأوساط السياسية والشعبية الفلسطينية :

* يدور الحديث عن توحيد الأجهزة الأمنية، شرطة وأمناً وطنياً وأمناً داخلياً ومخابرات ما هي الضمانات بان لا تعمل هذه الأجهزة بشكل مستقل وان لا تصبح الاطر الجديدة المقترحة عبارة عن أطر شكلية؟

ـ هذا التساؤل مهم في هذه المرحلة، وانا اعتقد ان لدينا خبرة، كما ان المؤسسة الأمنية قامت بواجباتها طبقا لرؤية سياسية فلسطينية أقرت في مجلس الوزراء انسجاما مع اتفاقيات عملية السلام. لذلك فانه لا يستطيع أحد ان ينكر بعض الاخفاقات وبعض التجاوزات، ولكن المؤسسة الأمنية على مدى السبع سنوات الماضية اتهمت من الكثيرين بدون وجه حق. وانا استغرب ان بعض الوزراء مثلا يوجهون اللوم للأجهزة الأمنية لتنفيذها بعض الالتزامات السياسية، علما ان هذا جزء من اتخاذ القرار السياسي، لذلك عانى قادة وأفراد وضباط الأجهزة الأمنية من الطعن بهم من كل الاتجاهات بلا استثناء، وكأنهم ينفذون سياسة خاصة بهم، وهذا غير واقعي وغير صحيح وغير منصف. ورغم ذلك فانني أستطيع القول انه لا ضرورة لتعدد هذه الأجهزة ويجب ان نحدد الصلاحيات في المستقبل بشكل واضح، ضمن احترام حقوق الانسان والقانون. وان تكون هذه المؤسسة تحت سلطة الرئيس عرفات مباشرة وأيضا تحت متابعة المؤسسات الشرعية والمجلس التشريعي او مؤسسات قانونية أخرى.

ان اعادة الاعتبار للمؤسسة الأمنية تكمن في تقليص عدد هذه الأجهزة وتحديد الواجبات وربما تغيير الكثير من وجوه الذين ترأسوا المؤسسات الأمنية على مدار السنوات السبع الماضية، وبغض النظر عن اخفاق او نجاح بعض الأفراد فيها، طلبت انا من الرئيس عرفات ان لا أكون جزءاً من هذه المؤسسة، ليس طمعا في شيء وانما لاعطاء نموذج بأنه يجب تغيير قادة الأجهزة الأمنية.

* يجري الحديث انك ستكون وزيرا للأمن الداخلي الفلسطيني فما مدى صحة ذلك؟

* لا أريد ان أكون وزيرا ولا خفيرا انا اقبل بأي موقع، وبارادتي أعلمت الرئيس عرفات انه لدي رغبة بأن لا أكون جزءاً من هذه المؤسسة الأمنية. وقد امتلكت الجرأة لأن أقول ذلك مضحيا بامتيازات شخصية، وآمل ان أكون بعيدا عن المؤسسة الأمنية القادمة وأتمنى لمن يكلفهم الرئيس عرفات بقيادة هذه المؤسسة بعد توحيدها .. النجاح والتوفيق.

لا يجوز ان تبقى المؤسسة الأمنية منقسمة بين الضفة وغزة يجب ان يكون هنالك رأس واحد للأمن الداخلي والمخابرات والأمن العام والشرطة مع وجود ضمانات قانونية لكل جهاز ولكل مؤسسة تعمل وفق الواجب، الذي يحدد لها ضمن قانون مكتوب وهذا سيحدث ان شاء الله.

* أعلنت ان هناك تسعة وزراء سيعينون من خارج اطار السلطة فهل سيكونون من فصائل ومن هي القوى التي وافقت على الدخول في الوزارة الجديدة؟

* هذه مسألة ما زالت تحت النقاش فربما يكونون من فصائل وربما يكونون من المواطنين الأكفاء المهنيين من الطراز الأول الأغنياء بتجربة العمل الوزاري لخدمة الجمهور الفلسطيني.

* من المعروف انك أول من طالب بالاصلاحات وقمت بتقديم استقالتك للرئيس عرفات احتجاجا على تردي الوضع الداخلي، فما هي رؤيتك لاصلاح ومحاربة الفساد؟

* اولا اذا وضع قانون حساب وعقاب وثواب، فلن يكون هناك فساد، ومن أبدع يجب ان يثاب ومن اخفق يجب ان يعاقب ومن تجاوز يجب ان يسأل من قبل القانون، واعتقد ان المساءلة تحل كل المشاكل الفلسطينية. القانون يقطع الطريق على من يريد طعن الآخر. استقالتي في السابق كانت أيضا من اجل هذه الأهداف وهي ليست وليدة اليوم وانما منذ سنين وقبل سبعة اشهر ايضا. ولكن عدت الى عملي بسبب فرض الجيش الاسرائيلي للحصار على الرئيس عرفات ومنعه من السفر وهذا واجبي ومسألة الاستقالات الاستعراضية لا تحل المشكلة. الرئيس عرفات سيستمع للجميع وانا أجد فائدة كبرى من خلال الحوار الهادئ ورفع كل التوصيات الايجابية للرئيس عرفات وواثق انه سيأخذ بها.

* تتردد اشاعات اخرى تقول انك ستتسلم منصب رئيس الوزراء في السلطة ما مدى دقة ذلك؟

* لا توجد أصلا فكرة رئيس وزراء للسلطة الفلسطينية وكل هذه اشاعات. انا أريد موقعا متواضعا وبسيطا وفي أي مكان. انا مقتنع ان الواقع الفلسطيني له حدود وبالتالي «أنا» لي حدود، والآخرون يجب ان يدركوا ان لهم حدوداً. لذلك فانني آمل بأن انجح في اقناع الجميع بأنني ابحث عن موقع متواضع.

* ما هو الدور الذي تحب ان تمارسه في عملية الاصلاح؟

* لم أفكر حتى هذه اللحظة في اين سيكون دوري. كل تفكيري منصب نحو كيف نستطيع ان نصل الى مؤسسة أمنية مثالية ووزارة مثالية ترضي الجمهور الفلسطيني. انا مسكون بهاجس ارضاء الجمهور الفلسطيني ليس حسب رغباته وانما حسب مصالحه وبعد ذلك احدد «اذا اعجبني هذا المكان اكمل واذا لم يعجبني فانني أستطيع ان أعيش كمواطن وانا لا أجد مشكلة في ذلك».

* ما هو الضمان الدولي لزوال الاحتلال بعد ستة شهور حتى يعلن الرئيس عرفات ان الانتخابات ستجري بعد ستة شهور أي في نهاية هذا العام؟

* الرئيس يقصد انهاء الاحتلال من مناطق (أ) والاغلاق الذي غير كل الوضع الفلسطيني بعد 28/9/2000، أي موعد انطلاق الانتفاضة. ولا أحد يستطيع ان يتنبأ بالمستقبل بشكل مطلق، ولكن الحقيقة الثابتة أننا سنحصل على دولة مستقلة سننتزعها من بين أنياب الاحتلال ان عاجلا ام آجلا. هناك اجماع دولي رسمي وشعبي على أهمية تحرر الشعب الفلسطيني، وهذا احد ابرز نتائج الانتفاضة.

* بتقديرك لماذا لم تبرز الحاجة الى الاصلاح والتغيير الا في الأسابيع القليلة الماضية؟

* بالعكس هي كانت محور حديث طويل على مدى السنتين الماضيتين، ولكن حاجة الجمهور الفلسطيني للتغيير أصبحت اكثر بروزا واكثر جرأة في الحديث العلني.

* هناك ضغط أميركي ـ اسرائيلي ملح على السلطة الفلسطينية لتوحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومهمة تينيت تصب في هذه الاتجاه، فما الذي يضايق اسرائيل بتعدد هذه الأجهزة علما ان القضية داخلية بحتة؟

* اولا نحن لن نستجيب للضغط الأميركي والاسرائيلي. هم أعلنوا انهم يريدون ان يدفعوا السلطة الفلسطينية الى عدم اتخاذ اجراءات اصلاح حقيقية. وثانيا: هم يريدون جهازا أمنيا واحدا ونحن لن نقدم على ذلك ستكون هناك ثلاثة او أربعة اجهزة، ولكن بصلاحيات وواجبات واضحة ومحددة. ومجيء تينيت (رئيس الاستخبارات المركزية الاميركية) ليست له علاقة بتوحيد الأجهزة الأمنية ولن نسمح لاي جهة بالتدخل في هذا الشأن الداخلي الذي لا يحق لأحد ان يأخذ دوره فيه سوى الرئيس ياسر عرفات.