أبو زبيدة يمد المحققين الأميركيين بمعلومات مهمة عن تنظيم «القاعدة» بدون أن يدري

بعض معلوماته كانت كاذبة والسلطات الأميركية لم تعلن أسماء مساعديه المعتقلين خوفا من أن تطالب دولهم بمقابلتهم

TT

بعد مائة جلسة مع محققي الاستخبارات الاميركية الـ«سي آي أيه» والمباحث الفيدرالية الـ«إف بي آي»، أجريت في مواقع سرية وتحت حماية مشددة، قدم أبو زبيدة القيادي في تنظيم «القاعدة» معلومات، اعتبرها المسؤولون الأميركيون، أساسية، لمساعي إدارة بوش، في منع وقوع موجة جديدة من الهجمات ضد الولايات المتحدة.

في هذا الصدد، يقول المسؤولون الأميركيون، إن «أبو زبيدة» الذي كان مسؤولا عن العمليات داخل «القاعدة»، قدم مفاتيح مهمة ساعدت على اعتقال أميركي (خوسيه باديلا المدعو عبد الله المهاجر)، اتهم هذا الاسبوع في التخطيط للقيام بتفجير قنبلة تحتوي على مواد مشعة، داخل ا لولايات المتحدة. وقال هؤلاء المسؤولون، إن «أبو زبيدة» قد زودهم (ربما بدون أن يعرف) بمعلومات جد قيّمة، عن هوية أحد المخططين الأساسيين لهجمات 11 سبتمبر (ايلول)، وهذا هو خالد شيخ محمد، المولود في الكويت، وأحد قياديي «القاعدة» التنفيذيين.

من جانب آخر، لا يعتبر أبو زبيدة شاهدا متعاونا، لكن المسؤولين الأمنيين يقولون إنه يتكلم حاليا مع المحققين، وإن المعلومات التي قدمها قد تم التوثق من صحتها من خلال مقارنتها بمعلومات أخرى كانت قد جمعت في أفغانستان وباكستان، إضافة إلى تلك المعلومات التي حصلت عليها أجهزة الاستخبارات من معتقلين آخرين ينتمون إلى «القاعدة».

لكن في بعض الحالات، ثبت للمسؤولين الأمنيين، أن بعض المعلومات التي زودهم بها أبو زبيدة كانت كاذبة، وكان الهدف من وراء ذلك، هو خلق قدر من التشويش على المحققين أو خلق حال من ا لرعب داخل الولايات المتحدة.

وقال مسؤولون من إدارة بوش، إن «أبو زبيدة» الذي اعتقل في شهر مارس (اذار) الماضي، داخل باكستان، قد نقل إلى موقع أكثر امانا، خارج الولايات المتحدة، وإنه لم يتعرض للتعذيب على أيدي المحققين المنتمين إلى الوكالتين الاستخباريتين. وأضاف هؤلاء ا لمسؤولون أنه لم يسمح لـ«أبو زبيدة» بالوجود مع سجناء آخرين من «القاعدة»، كذلك منع من الاتصال بالعالم الخارجي، الا حينما كان ذلك مفيدا لعملية التحقيق في التأثير في «أبو زبيدة» نفسيا.

وأضاف المسؤولون أن فريقا من المحققين، ينتمون إلى الـ«سي آي ايه» والـ«إف بي آي»، وهم متخصصون في انتزاع المعلومات من سجنائهم بدون اللجوء إلى التعذيب، يحاولون الاستفادة من «أبو زبيدة»، على سبيل المثال، عن طريق تزويده بمعلومات كاذبة عن قياديين آخرين في «القاعدة»، أو عن المدى الذي وصل المحققون الأميركيون إليه في كشف خفايا هجمات 11 سبتمبر.

لكن متحدثين بلسان الوكالتين الاستخباريتين رفضا التعليق على إجراءات التحقيق مع «أبو زبيدة».

يبلغ أبو زبيدة، الثلاثين من عمره، وهو فلسطيني، ولعب دور المسؤول عن اختيار الأعضاء الجدد لتنظيم «القاعدة». وظل أبو زبيدة محافظا على تحديه للمحققين منذ اعتقاله في بيت آمن، واقع في شمال باكستان، في شهر مارس (اذار) الماضي، واستمر يعلن لمحققي الـ«سي آي ايه» والـ«إف بي آي» عن اخلاصه لتنظيم «القاعدة».

وقال المسؤولون الأميركيون إن الكثير مما قدمه «أبو زبيدة» للمحققين، كان هدفه تضليلهم. وبفضل هذه المعلومات، على سبيل المثال، أصدرت إدارة بوش تحذيرا شديدا من احتمال وقوع عمليات إرهابية جديدة ضد البنوك ومجمعات التسوق، والمواقع الشهيرة في نيويورك، مثل جسر بروكلين وتمثال الحرية.

لهذا السبب، كان الكثير من التحذيرات المستندة إلى المعلومات التي قدمها أبو زبيدة، قد أسقطت من بعد. وقال أحد المسؤولين الامنيين، إنه «حذر، وبالتأكيد نحن لا نصدق كل ما يقوله». مع ذلك، قال المسؤولون ، إن «أبو زبيدة» زودهم بمعلومات قيّمة، وغالبا كان بدون قصد منه. فمن خلال تفاخره بالشبكة الارهابية وخططها لإسقاط الحكومة الأميركية، عبر القيام بأعمال أكبر من هجمات 11 سبتمبر، أسقط «أبو زبيدة» بعض المفاتيح التي كان من الممكن التوثق منها عبر مقارنتها بمعلومات مستقاة من أطراف أخرى. وكانت مفاتيحه أحيانا لا تزيد عن كونها كلمات غامضة، أو تاريخا أو موقعا ما.

أما في حالة التخطيط لتفجير «القنبلة القذرة»، فان «أبو زبيدة» لم يفعل شيئا سوى تأكيد وجود الخطة، ووافق على وجود شخص تم تكليفه بالاشراف على مشروع وضع مواد مشعة داخل متفجرات تقليدية، ثم القيام بتفجيرها في الولايات المتحدة. لكن المسؤولين الأميركيين أكدوا أن «أبو زبيدة» لم يرغب في تزويدهم باسم الشخص أو لم يكن يعرفه.

وحاولت الـ«سي آي أيه» والـ«إف بي آي» مقارنة المفاتيح التي حصلوا عليها من «أبو زبيدة» بتلك المعلومات التي تم الحصول عليها من مشبوهين آخرين، ومن دفاتر الملاحظات أو من الكومبيوترات التي عثر عليها في مواقع «القاعدة» بأفغانستان وباكستان.

وقال مسؤولو هاتين الوكالتين، إنهم تمكنوا من تحديد اسم الشخص المنظم لهذا المشروع، خلال أيام قليلة، وهذا هو عبد الله المهاجر، 31 سنة، الذي كان عضو عصابات سابق في شيكاغو، وقابل المهاجر «أبو زبيدة» في شهر ديسمبر (كانون الاول) الماضي في أفغانستان. وكان اسمه الأصلي خوسيه باديلا، وتم اعتقاله في مطار شيكاغو في الشهر الماضي بعد سفره من باكستان.

وكان أبو زبيدة قد اعتقل مع عدد من مساعديه، في مدينة فيصل آباد الباكستانية، بعد مغادرتهم لأفغانستان هربا من الهجمات الأميركية على أفغانستان.

في هذا الصدد، قال مسؤول أمني أميركي: «يبدو أن الناس قد نسوا أننا قبضنا على «أبو زبيدة» مع مجموعة من عصابته الذين كانوا يسكنون في نفس البيت في فيصل آباد. وبعض مساعديه على معرفة جيدة بالأمور. فإذا قال أبو زبيدة شيئا يتطابق مع ما قاله أحد مساعديه، فاننا نكون قادرين على ا لتحرك إلى الامام».

وقال مسؤول من الكونغرس، إن الولايات المتحدة رفضت كشف هوية الاشخاص الآخرين الذين اعتقلوا مع «أبو زبيدة» خوفا من أن تطالب بلدانهم بهم، أو أن تطلب مقابلتهم.

وأضاف هذا ا لمسؤول أن الولايات المتحدة تقوم دائما بمقارنة ما يقوله أبو زبيدة بالمعلومات التي ادلى بها ابن الشيخ الليبي، وكان هذا الشخص يحتل موقع كبير المدربين لتنظيم «القاعدة»، وتم اعتقاله في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، بباكستان. وحتى اعتقال «أبو زبيدة» كان ابن الشيخ الليبي، أكبر مسؤول في «القاعدة» تم اعتقاله.

وكان أبو زبيدة والليبي قد عملا جنبا إلى جنب في معسكر «خالدين» التابع لتنظيم «القاعدة» في أفغانستان.، ويعتقد أنهما يمتلكان معلومات مشتركة عن الخطط الموضوعة للقيام بهجمات الجديدة. وأصيب أبو زبيدة بجرح خطير أثناء المواجهة المسلحة، التي سبقت اعتقاله، مع الشرطة الباكستانية، في مدينة فيصل آباد، وكانت آلام الجروح التي أصابت فخذه سببا لتخديره أثناء فترة اعتقاله في قاعدة أميركية بباكستان.

وقال المسؤولون الاميركيون، إنه اقتيد من بعد، إلى موقع آخر خارج باكستان، حيث بدأ المحققون عملهم معه بحمية، بعد التئام جروحه لدرجة كبيرة.

وكان أبو زبيدة، حسب ما قاله المسؤولون، قد عمل عن قرب مع أسامة بن لادن في إدارة معسكرات «القاعدة» بأفغانستان، ومن باكستان كان يقوم بعمليات اختيار الأعضاء الجدد لكي يبدأوا تدريباتهم في تلك المعسكرات. وحال انهائهم فترة التدريب يقوم أبو زبيدة بتعيينهم في خلايا «القاعدة» المنتشرة في شتى أنحاء العالم.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»