الحكومة السودانية تلوح بإعادة النظر في مفاوضات السـلام مع حركة قرنق بعد اسـتيلائها على كبويتا

TT

أعلن مسؤول حكومي في الخرطوم امس ان بلاده ستعيد النظر في مفاوضات السلام الجارية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق بعد استيلائها على مدينة كبويتا المهمة في الجنوب قبل ايام. وقال المستشار الرئاسي لشؤون السلام غازي صلاح الدين للصحافيين ان بلاده سترفع الى الولايات المتحدة مذكرة احتجاج «شديد اللهجة» على هجوم قوات الحركة (الجيش الشعبي) وخرقها اتفاقا للتهدئة برعاية اميركية مدته ستة اشهر في مثلث كبويتا ـ بيبور ـ بوما في ولاية شرق الاستوائية.

وقال صلاح الدين ان السيطرة على كبويتا الاحد الماضي كانت خرقا لاتفاق انجز في 12 ديسمبر (كانون الاول) الماضي لتهدئة الوضع في المنطقة بين الاول من يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران)، للسماح بالقضاء على مرض يهدد قطعان الماشية بالابادة. وطالب الجيش الشعبي بـ«وقف هجومه فورا واعادة المكاسب التي غنمها». وحذر من ان الخرطوم ستعيد النظر في المفاوضات مع الحركة الشعبية.

يشار الى ان الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا «ايقاد» ستنظم جولة جديدة من المفاوضات بين الخرطوم والحركة الشعبية في العاصمة الكينية نيروبي بين 17 يونيو و 20 يوليو (تموز) المقبل. وكان زعيم الحركة العقيد جون قرنق اكد اول من امس ان المعارك اوقعت «اكثر من 200 قتيل» في صفوف القوات الحكومية، بينهم «قائد الحامية»، وكان يتحدث من مشارف مدينة كبويتا على بعد حوالي 80 كيلومترا شمال الحدود مع كينيا. وقال ان قواته اعتقلت «28 شخصا، بينهم طبيب الحامية" مضيفا ان خسارة قواته بلغت "13 قتيلا و38 جريحا». وقال «انها ضربة قاسية للحكومة وانتصار كبير للحركة الشعبية لتحرير السودان».

وكان الجيش السوداني اعلن اواخر في اواخر مايو (ايار) استعادة السيطرة على مدينة قيسان الاستراتيجية القريبة من الحدود الاثيوبية والواقعة في ولاية النيل الازرق، والتي كانت تحت سيطرة الحركة الشعبية لمدة خمسة اعوام.

من جهتها اعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان امس عن مصرع قائد حامية كبويتا العميد ركن صالح احمد حسن الحاج الذي يحمل البطاقة رقم 4513 وأسر الطبيب محمد جعفر حسين من مواطني مدينة كورتي بالولاية الشمالية ويقيم بالخرطوم بحري. واضاف بيان للحركة الشعبية «ان قوات الحركة سمحت للطبيب الاسير محمد جعفر حسين بممارسة عمله فوراً ومعالجة زملائه الجرحى وتم نقل ذوي الاصابات الخطيرة منهم الى مستشفى الصليب الاحمر الدولي بمدينة لوقيو شوكيو الكينية».

وقالت الحركة ان قواتها استولت على ثلاث دبابات T55 ودبابة 62 ودبابة صلاح الدين وحاملة جنود وشاحنتي هينو وتانكر وقود وشاحنة رينول وخمسة لاند كروزر وخمسة اجهزة ارسال بعيدة المدى وعدد من اجهزة الارسال قصير المدى وخمسة مدافع هاوزر 122 ملم D30 واربعة مدافع D38 وراجمة صواريخ واربعة مدافع عيار 107 مضادة للدبابات وثلاثة هاونات 120 ملم واسلحة مضادة للطائرات و17 دوشكا 127 ملم و6 مدافع 106ملم و12 SPC9 مضاد للدبابات وواحد كومندو و21 RPD و180 بندقية كلاشنيكوف و47 بندقية جيم 3 وكافة محتويات مخازن الذخيرة والطعام.

الى ذلك وصف المتحدث باسم الحركة الشعبية في اسمرة الهجوم المضاد لقواته بانه يأتي رداً على الهجوم الصيفي الشامل للقوات الحكومية على مواقع الحركة في حقول البترول وبحر الغزال وجنوب النيل الازرق. وقال ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط» ان الهجوم الكاسح لقوات الجيش الشعبي يأتي بعد اقل من 24 ساعة من حديث القائد العام للقوات الحكومية الذي هدد فيه بسحق قواتنا هذا العام واجبارها للاستسلام والتوقيع على اتفاق سلام غير منصف مما يوضح جهل قادة النظام بما يجري في مسارح العمليات».

واكد عرمان بان زعيم الحركة الدكتور جون قرنق استقبل اول من امس بمدينة كبوتيا الصحافيين ووكالات الانباء».

وقال «ان الصحافيين رأوا مدى الخراب الذي الحقه النظام بالمدينة التي لم يكن فيها سوى 400 شخص اثناء وجود قوات النظام بينما يتوافد اليها الالاف حالياً».

واشار بانه لم يتبق سوى حاميتي توريت وجوبا تحت سيطرة القوات الحكومية في كامل ولاية الاستوائية مشددا على ان قواته ستواصل تصديها للهجوم الصيفي الحكومي.

ودعا عرمان الخرطوم للخروج من احلامها واستغلال المناخ العالمي والاقليمي المؤاتي للسلام وذلك للوصول لحل شامل وعادل مع كل القوى السياسية السودانية.

من جهته، قال الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية السوداني عقب عودته امس من روما أن الرئيس عمر البشير بحث مع نظيره الكيني دانيال ارب موي اثناء مشاركتهما في مؤتمر الغذاء العالمي بروما، عملية السلام في السودان والعقبات التي تقف في طريقها وقررا اعطاء قوة دفع لهيئة «إيقاد». وأضاف في تصريحات صحافية أن وزراء ايقاد بالاضافة الى وزيري خارجية ايطاليا والنرويج عقدوا اجتماعا في روما بحثوا فيه مسيرة السلام في السودان وتم الاتفاق على بذل الجهد للوصول للسلام. ومن جهة ثانية قالت وكالة الأنباء السودانية في تقرير لها من جبال النوبة ان القوات المسلحة ستكمل عملية تسليم المواقع لقوات الشرطة في مدة اقصاها يوم 20 يونيو (حزيران) الجاري وذلك بالاتفاق مع اللجنة العسكرية الدولية لمراقبة وقف اطلاق النار في الجبال. وقال اللواء عبد المحسن علي احمد مدير شرطة جنوب كردفان انه تم خلال اليومين الماضيين اكتمال انسحاب الجيش الى ثكناته في مناطق ميري جوه وميري بره في الجبال تنفيذاً للاتفاقية الموقعة في سويسرا بين الحكومة والحركة قطاع جبال النوبة بانسحاب قوات الطرفين من نقاط تم تحديدها وتسليمها لادارة مدنية.