المحققون يستجوبون «شريكا عربيا» للأميركي عبد الله المهاجر اعتقلته باكستان

مصادر الكونغرس تشكك في قوة الأدلة المستخدمة ضد المشتبه فيه في مخطط «القنبلة القذرة»

TT

استجوب محققون اميركيون في الخارج مشتبها فيه اخر في مؤامرة «القاعدة» لتفجير قنبلة اشعاعية في اميركا، في الوقت الذي يبذل فيه المحققون جهدا كبيرا لتحديد ما اذا كان هناك شركاء للمتهم في الولايات المتحدة او سويسرا او مصر او اي مكان اخر. وقال المسؤولون الاميركيون ايضا، ان خطة «القنبلة القذرة» تتطلب سرقة مواد مشعة من مختبرات جامعة اميركية لم تذكر. وتجدر الاشارة الى ان النظائر المشعة واسعة الاستخدام في المجال الطبي ومجال الابحاث وغيرها من المجالات.

وحسب السلطات الاميركية، احبطت المؤامرة التي كانت في مراحلها الاولى عندما تمكنت وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» ومكتب التحقيقات الفيدرالي «اف بي آي» وعملاء الجمارك ووزارة الخارجية من التعرف على عبد الله المهاجر في القاهرة وزيوريخ. وقد اعتقل المهاجر في 8 مايو (ايار) الماضي عندما وصل جوا الى شيكاغو قادما من سويسرا في ما وصفه المسؤولون بأنه مهمة استكشاف لعملية ارهابية. وقال الرئيس جورج بوش، ان المهاجر كان واحدا من «بين مجموعة من القتلة المتوقعين» الذين اعتقلتهم الولايات المتحدة وانها تبحث عن اخرين. واضاف بوش في اجتماع في البيت الابيض ان المهاجر «واحد من عديدين اعتقلناهم». واضاف «ان التحالف الذي اعددناه اعتقل 2401 شخص حتى الان. وتجري الان مطاردة شاملة. سنتابع كل خيط وكل ملحوظة».

وقال المسؤولون ان المهاجر رفض التعاون منذ اعتقاله. وبعدما قرر بوش، الاحد الماضي، انه يجب احتجاز المشتبه فيه كـ «مقاتل من الاعداء » ضد الولايات المتحدة بدلا من اعتباره «متهما جنائيا»، تم نقله في طائرة سي ـ 130 الى سجن مشدد الحراسة تابع للبحرية الاميركية خارج مدينة تشارلستون بولاية ساوث كارولاينا، حيث تم عزله عن باقي المجرمين ووضع تحت حراسة عسكرية مشددة. واول من امس قالت محامية المهاجر امام محكمة فيدرالية في نيويورك، ان استمرار احتجاز موكلها يعتبر انتهاكا للدستور لانه لم توجه اليه تهمة وحرم من حق استخدام محام. وقالت دونا نيومان للصحافيين «موكلي مواطن. يملك حقوقا دستورية». وتلقى اعضاء لجنة شؤون الاستخبارات في مجلس الشيوخ اول من امس معلومات سرية حول القضية في اطار الدراسة واسعة النطاق لفشل الاجهزة الاستخبارية في قضية 11 سبتمبر (ايلول). غير ان مصدرا في الكونغرس ذكر ان الاعضاء «خرجوا من الاجتماع بأسئلة اكثر من اجوبة». وقال مصدر في الكونغرس « ما نريد متابعته هو ما اذا كان لهذا الاعتقال اي معنى؟ كثيرون منا غير مقتنعين بأن هناك ما يكفي من الادلة ضد المهاجر». واضاف المصدر «ليس بيننا من لا يريد التخلص من الاشرار ولكن يجب ان تكون هناك ادلة».

وقال مسؤول كبير في الاستخبارات، ان باكستان اعتقلت مشتبها فيه اخر الشهر الماضي. وقال المسؤول ان الرجل، الذي لم يكشف عن هويته ولكنه من بلد عربي، يخضع حاليا لتحقيقات السلطات الاميركية في مكان لم يذكر. وقد ترددت تقارير متضاربة حول ما اذا كانت باكستان قد سلمت المشتبه فيه الى السلطات الاميركية. وذكر المسؤول ان المشتبه فيه الثاني سافر مع المهاجر الى شرق افغانستان الخريف الماضي للقاء ابو زبيدة رئيس عمليات القاعدة (الذي اعتقل في وقت لاحق وموجود حاليا في عهدة السلطات الاميركية)، ثم رافق المهاجر الى لقاء سري مع عدد اخر من قادة القاعدة في باكستان لمناقشة اقتراح «القنبلة القذرة»، بالاضافة الى هجمات محتملة ضد الفنادق ومحطات الوقود وغيرها من الاهداف.

ومن بين الجوانب العاجلة في التحقيقات معرفة ما اذا كان للمهاجر اكثر من شريك خاصة في الولايات المتحدة. وفي هذا السياق قال بول ولفويتز نائب وزير الدفاع الاميركي لشبكة «سي بي اس» التلفزيونية الاميركية «من الواضح ان لديه شركاء، واحد الاشياء التي نريد سؤاله عنها هو من هم الشركاء وكيف يمكن العثور عليهم». وقال المسؤولون في اجهزة الاستخبارات انهم لم يحددوا بعد ما اذا كان المهاجر ناشطا محنكا في القاعدة ام انه مجرم يعمل لحسابه اتصل بطريقة ما بكبار قادة القاعدة الخريف الماضي.

وحصل المهاجر على جوازه الجديد في مارس (آذار) غير ان المسؤولين القنصليين الاميركيين في باكستان شكوا في انه ربما يكون متورطا في قضية سرقة هوية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية اول من امس «انه بعد اصدار جواز السفر شعر المسؤول القنصلي بوجود شيء غريب في هذه الحالة ولفت انتباه ضابط الامن الاقليمي، الذي نظر في الامر ثم ابلغ باقي العناصر في القنصلية، من بينها مكتب التحقيقات الفيدرالي». وادى اكتشاف السجل الاجرامي الطويل للمهاجر في فلوريدا والينوي الى اسئلة حول وجوده في باكستان وتم تقديم المعلومات الى قوة مشتركة لمكافحة الارهاب بقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي، في ميامي وشيكاغو. وتكثف التحقيق بعدما اعتقل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالى ووكالة الاستخبارات المركزية، بالتعاون مع السلطات الباكستانية، ابو زبيدة في غارة في مدينة فيصل اباد الباكستانية في 28 مارس الماضي. وخلال التحقيقات معه كشف ابو زبيدة للمحققين عن ان اميركيا ومواطنا اخر اتصلا به نهاية العام الماضي في مخبئه في خوست بشرق افغانستان واقترحوا عليه بناء «قنبلة قذرة» لاستخدامها في الولايات المتحدة. واوضح مسؤول ان ابو زبيدة «لم يحدد هويتهما ولا اسماءهما، مجرد وصف عام لهما. كانت معلوماته غامضة».

ومن غير الواضح كيف تمكن المهاجر من العثور على ابو زبيدة ولقائه، وهو هارب وملاحق من الولايات المتحدة والقوات المتحالفة خلال ذروة الحرب الافغانية الشتاء الماضي. وأوضح المسؤول انه ربما تمكن ابو زبيدة من الهرب من افغانستان مع المهاجر في تلك المرحلة. والامر المعروف هو ان المهاجر تنقل مع ابو زبيدة داخل باكستان اوائل العام الحالي وقضى وقتا في ملجأ آمن للقاعدة في لاهور في شرق باكستان، لتعلم كيفية توصيل المتفجرات، ودراسة اجهزة بث ونشر المواد الاشعاعية الموجودة على الانترنت. وفي مارس الماضي، التقى المهاجر قيادات اخرى للقاعدة في كراتشي لمناقشة خطته. وبعد التحقيق مع عدد اخر من سجناء القاعدة في قاعدة غوانتانامو بكوبا وفحص وثائق الهجرة وغيرها، تمكنت وكالة الاستخبارات المركزية وغيرها من الاجهزة من تحديد المهاجر والمشتبه فيه الاخر. ثم التقط العملاء صورا فوتوغرافية للرجلين وعرضاها على ابو زبيدة «وقد دهش، ولكنه قال نعم هما»، حسب مسؤول في الاستخبارات.

وفي تلك المرحلة كان المهاجر قد اختفى. وكانت السلطات الباكستانية قد احتجزته وشريكه بتهمة استخدام وثائق سفر مزورة الربيع الماضي لكنها افرجت عنه بعد عدة ايام وغادر كراتشي في طريقه الى زيوريخ اوائل ابريل (نيسان). وقال مسؤول الاستخبارات ان المهاجر «لم يكن معروفا كعضو في القاعدة. وسمح له بالمغادرة».

وسافر المهاجر الى مصر، حيث تعتقد السلطات ان لديه زوجة وعدة اطفال. وتابعته الاستخبارات الاميركية هناك، ولاتزال تسعى لمعرفة ما اذا كانت لديه اتصالات مع انصار القاعدة هناك. وقال مسؤول الاستخبارات «في مرحلة ما، وفي وسط هذه العملية عثرنا عليه في القاهرة». وقد تابعه رجال مكتب التحقيقات في القاهرة ثم مرة اخرى في زيوريخ، حيث تأكدوا من ان السلطات السويسرية فحصت بدقة حقائبه وحذاءه ـ في حالة ما اذا كان ينوي تقليد ريتشارد ريد صاحب «الحذاء القنبلة » قبل ان يستقل طائرة الخطوط السويسرية المتجهة من زيوريخ الى شيكاغو في 8 مايو الماضي. وقد راقبه 6 من رجال مكتب التحقيقات وعدد مماثل من رجال الامن السويسري خلال الرحلة. وقال مسؤول في اجهزة تطبيق القانون الاميركية «كان هناك عدد كبير من الناس في هذه الرحلة كان بامكانهم منع اية اخطاء. كنا نعرف كل شيء حول الرجل في هذه الرحلة - اين سيجلس وكل شيء اخر. لا اعتقد ان اي شخص في هذه الرحلة تعرض للخطر». وقال مسؤول اخر «من الواضح انهم كانوا على ثقة انه تم تفتيشه بالكامل، وراقبوه طوال الرحلة. كانوا يعرفون ما هي خططه».

وذكر المهاجر للمحققين الذين اعتقلوه في مطار اوهارا الدولي في شيكاغو انه حضر «لرؤية ابنه»، وذكر مسؤول حكومي كبير ان مكتب التحقيقات فكر في ترك المهاجر يغادر المطار وملاحقته لمعرفة مع من سيلتقي، ولكن العملاء قرروا عدم المجازفة. في الوقت ذاته اوضح مسؤول اميركي كبير ان اعتقال المهاجر، الذي تطلب مشاركة اربع وكالات اميركية، يمثل « تلاقي قوى أجهزة التحقيق » في اعقاب تفجيرات 11 سبتمبر.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»