شارون عرف مضمون خطاب بوش قبل إلقائه بتسع ساعات

TT

عندما توجه المراسلون السياسيون في اسرائيل الى الناطق بلسان رئيس الوزراء، ارييل شارون، لترتيب الحصول على رد فعل حول خطاب الرئيس الاميركي، جورج بوش، اجابهم: «لن تحتاجوا الى رد فعل منا. ستحتاجون لسماع رد «الرئيس (ياسر) عرفات» ـ والكلمتان الاخيرتان قالهما بسخرية ظاهرة. ثم اضاف بكل جد: «شارون لن يتكلم الليلة. انه سينام نوما عميقا هنيئا لاول مرة منذ توليه رئاسة الحكومة».

كان ذلك قبل ساعات من القاء خطاب بوش. وكان واضحا تماما ان الخطاب قد وصل الى مكتب شارون، وقرأه هو ومساعدوه المقربون جدا وليس فيهم اي وزير. وان مضمونه مقبول ومريح بل واكثر من ذلك. وقد فوجئوا في القدس من قوة التضامن مع الموقف الاسرائيلي. وراحوا يهنئون شارون على هذا الانتصار السياسي.

ويوم امس، اتضح سبب ذلك. فالرئيس بوش كان على اتصال دائم مع شارون منذ يوم الخميس الماضي. واجرى تنسيقا مفصلا معه حول الخطاب: «في البداية كان شارون يحاول اقناع بوش، بأن يحتوي الخطاب على كلمة تضعضع مكانة عرفات وتلمح الى أنه لم يعد مناسبا لرئاسة الشعب الفلسطيني. ولكن العمليات الفلسطينية التي وقعت في القدس (الثلاثاء والاربعا) ومستوطنة ايتمار (قرب نابلس مساء السبت) اغضبت بوش كثيرا. ولم يكن بحاجة الى مزيد من الاقناع. واذا كان يقول له في البداية ان خطابه لن يسبب له اي احراج، فقد اصبح، بعد تلك العمليات يقول له: «معك حق. عرفات لم يعد مناسبا».

وجاءت البشرى من مكالمة هاتفية مساء السبت، بادرت اليها مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس، الى شارون نفسه (وهناك رواية تقول ان بوش نفسه تكلم مع شارون وقال له: «سنطالب الشعب الفلسطيني بتغيير ياسر عرفات وكل القادة المحيطين به، الذين ارتبطوا بالارهاب، كشرط لقيام الدولة الفلسطينية المؤقتة».

ولم يكن شارون بحاجة الى ما هو اكثر من ذلك في هذه المرحلة، مع ان مستشاره السياسي داني ايلون (المرشح لتولي منصب سفير اسرائيل في واشنطن)، راح يعرب عن قله من «الثمن الذي سندفعه مقابل هذه الفقرة». وقد طمأن شارون ايلون بالقول: «تعال نحتفل بالخطاب الان وفيما بعد نعالج الامور التي لا تعجبنا».

وبالفعل، فان شارون اقام حفل عشاء بهذه المناسبة لمساعديه المقربين، قبل ان يبدأ الخطاب. وجاء وقت الخطاب عندما قدمت الحلوى. وكانوا جميعا فرحين. راحوا يتبادلون النكات. ودعوا الى العشاء وزيرا واحدا هو اقرب المقربين من شارون في الحكومة، وزير الاتصالات روبي رفلين، لكنهم لم يطلعوه على ما عرفوا به من مضمون الخطاب.

وعندما انهى الرئيس الاميركي خطابه سأل شارون وزيره رفلين رأيه، فاجابه: «لو انك انت كتبت له الخطاب، لما كتبت افضل». وراحوا جميعا يضحكون. وهذا ما قاله رفلين ايضا للصحافيين: «حسبت ان احد زعماء الليكود هو الذي كتب الخطاب». وعدد المكاسب الاسرائيلية الواردة فيه، كما كان طلبها شارون من بوش قائلا: «لا جدول زمني للانسحاب، لا قيود على العمليات (الاسرائيلية ضد الفلسطينيين)، تضمن دعوة صريحة ولاول مرة من الرئيس الاميركي بتغيير ياسر عرفات. وكل ما هو مطلوب من اسرائيل ينفذ بعد ذلك فقط. اي امامنا وقت طويل».