الجيش الإسرائيلي يعلن «الحرب» على وزارة المالية لطلبها تقليص ميزانيته

شالوم: ليس من المعقول ان تظل ميزانية العسكر 20% من المصاريف الحكومية

TT

رد وزير الدفاع الاسرائيلي، بنيامين بن اليعزر، وقادة الجيش، بهجوم شديد على وزير المالية، سلفان شالوم، الذي طلب تقليص ميزانية الامن. وراحوا يتهمونه ومديري وزارته بضيق الافق وانعدام المسؤولية «والتغطية على فشلهم بواسطة المساس بعصب الدولة العبرية وحامي اهلها».

وقال بن اليعزر ان شالوم يدير معركة فاشلة مبنية على الخداع والتضليل ـ «فهو يعرف ان الاوضاع الامنية المتدهورة في المناطق الفلسطينية واخطار الحرب في الشمال تستدعي زيادة ميزانية الجيش زيادة حقيقية. ولكي يمنع هذه الزيادة جاء باعلانه المستهجن عن تقليص الميزانية، حتى تبدأ مفاوضات نتوصل فيها الى حل وسط ولا ترتفع الميزانية. لكن هذه اللعبة مكشوفة. ولن ندعها تمر».

وكان شالوم قد تحدث عن تقليص ميزانية الجيش في خضم النقاش الصاخب الذي جرى في المؤتمر الاقتصادي العاشر، الذي يضم كبار رجال الاعمال والمؤسسات المصرفية ورأس المال بمختلف فروعه اضافة الى رؤساء الحكومات السابقين وكبار الوزراء. وبدا ان هذا المؤتمر، في كل نقاشاته يومي امس وامس الاول، يتركز على الازمة المالية الشديدة التي تعانيها اسرائيل. ويهاجم كل المتحدثين سياسة الحكومة. فيتهمونها باللامبالاة وبعدم ادراك خطورة التدهور الاقتصادي، وبوضع سلم افضليات مقلوب يهدد بدمار فروع اقتصادية كبرى وأساسية مثل السياحة والتكنولوجيا العالمية والنسيج والبناء وغيرها.

واكد جميع المتحدثين ان الازمة الاقتصادية في اسرائيل ناجمة اولا عن التدهور الامني، بسبب الحرب ضد الفلسطينيين والتوتر المتنامي على الحدود الشمالية وغياب الامل في العودة الى مفاوضات سياسية، وثانيا بسبب الازمة الاقتصادية العالمية، وثالثا بسبب الادارة الفاشلة للسياسة الاقتصادية من طرف الحكومة. وزاد الطين بلة عميد بنك اسرائيل، بروفسور موشيه كلاين، الذي اعلن ان المشكلة الاساسية هي الادارة الخاطئة لسياسة الحكومة الاقتصادية.

واختار شالوم، ان ينقذ وزارته من تلك الاتهامات فطرح اقتراحه حول تقليص ميزانية الامن. فكان وقعه وقع القاء قنبلة. وكما توقع بالضبط، فقد اصبح هذا هو موضوع النقاش الاساسي. الا ان ما لم يتوقعه الوزير شالوم هو رد الفعل القاسي من قيادة الجيش ووزارة الدفاع. فقد فاجأهم الوزير، بل صدمهم وأثار غضبهم الشديد.

يذكر ان ميزانية الامن في اسرائيل (الجيش واذرعه المختلفة والمصاريف الحربية) المباشرة تساوي 20% من ميزانية الدولة العبرية. وهذا لا يشمل المصاريف العسكرية غير المباشرة، مثل الشرطة والمخابرات والموساد والنشاطات الاستيطانية في المناطق المحتلة ومصاريف الامن في جميع الوزارات، كما لا يشمل الديون الضخمة التي تقوم الحكومة بتسديدها سنويا (حوالي 18% من الميزانية) وهي بمعظمها ديون ناجمة عن شراء الاسلحة والذخيرة والعتاد لقوات الامن على اختلافها. والميزانية العسكرية المباشرة وحدها تبلغ 45 مليار شيكل (9 مليارات دولار). ويخطط الجيش ان يطلب زيادتها في السنة المالية القادمة بسبعة مليارات شيكل اخرى (1.4 مليار دولار) على امل ان يحصل بالتالي على 3.2 مليار.

الا ان وزارة المالية تخطط من طرفها لتقليص ميزانية الجيش المباشرة مبلغ 3 مليارات شيكل (اكثر قليلا من 600 مليون دولار).

واكد قادة الجيش انهم سيرفضون باي شكل من الاشكال تقليص الميزانية، بل يحذرون من ان عدم التجاوب مع مطلبهم برفع الميزانية سيؤدي الى «ضرب القدرات الدفاعية للجيش» و«نريد ان نرى اي سياسي او موظف مستعدا لتحمل المسؤولية عن ذلك».

الجدير ذكره ان الجيش اعتاد على تضخيم المشاكل الامنية عشية البحث في الميزانية، كل سنة، للضغط على وزارة المالية حتى تخفف معارضتها لمطالبه، فيشعر الجمهور ان الحرب على الابواب، وان هناك تهديدات حربية من سورية ومن حزب الله ومن التنظيمات الفلسطينية. والسؤال هو ماذا سيفعل الجيش اذا لم تقتنع وزارة المالية؟ هل سيجعلها حربا حقيقية؟!