إسرائيل تستخدم الطائرات في محاولة اغتيال أحد قادة «القسام» في خان يونس وفلسطيني يقتل متعاونا أثناء محاكمته بتهم المساعدة في قتل قادة بـ«حماس»

TT

في الوقت الذي اعادت فيه قوات الاحتلال الاسرائيلي حظر التجول على جميع المدن الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وتحدثت فيه عن اعتقال من اسمته بانتحاري فلسطيني قرب الخط الاخضر، استخدمت امس ولاول مرة منذ بضعة اشهر، مقاتلات من طراز اف 16 وطائرات هليكوبتر من طراز اباتشي، في قصف عمارة سكنية في خان يونس جنوب قطاع غزة، زعمت بان كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، تستخدمها كمختبر لتحضير المتفجرات.

غير ان مصادر في حركة حماس قالت لـ «الشرق الأوسط» ان القصف الاسرائيلي استهدف عمارة سكنية مكونة من ثلاثة طوابق في منطقة القرارة غرب خان يونس يقطنها يوسف عبد الوهاب (24 سنة) احد قادة كتائب عز الدين القسام في المدينة. وحسب المصادر فان القصف اسفر عن تدمير اجزاء كبيرة من العمارة السكنية التي تقع على مسافة قريبة من مقر الأمن الوطني الفلسطيني وجرح ما لا يقل عن 10 فلسطينيين فيه.

وكان من الممكن ان ينجم عن القصف الاسرائيلي مذبحة حقيقية للمدنيين لو لم يغادرها سكانها عندما لاحظوا حركة الطيران النشطة في اجواء المنطقة حسب ما قاله مواطنون لـ «الشرق الأوسط».

يذكر ان قوات الاحتلال اغتالت قبل 5 اشهر احمد عبد الوهاب، عم المستهدف في العملية الذي كان ايضا من كوادر كتائب القسام وكان يقطن في نفس العمارة.

ويأتي العدوان الاسرائيلي الجديد بعد حوالي 12 ساعة على تعرض مستوطنة وسط قطاع غزة الى قصف بخمس قذائف هاون.

وقتلت قوات الاحتلال الشاب الفلسطيني غازي ابو عبية (20 سنة) في مخيم بلاطة في مدينة نابلس، في شمال الصفة الغربية. ونقلت وكالة الانباء الفلسطينية «وفا» عن شهود عيان، ان قوات الاحتلال فتحت نيران اسلحتها باتجاه عدد من المواطنين في المخيم بدون اي سبب، مما ادى الى اصابة المواطن المذكور بجراح قاتلة.

في الوقت نفس قتل فلسطيني، فلسطينيا آخر يحاكم بتهمة التعامل مع سلطات الاحتلال وساعد في اغتيال عدد من نشطاء حركتي حماس والجهاد الاسلامي، وذلك باطلاق النار عليه داخل قاعة محكمة امن الدولة في خان يونس. وقال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» ان مطلق النار هو أحد أبناء عائلة فلسطينية تتهم عبد الحي ذياب الصبابي المشهور بـ (أحمد) الذي سلمته حركة حماس لجهاز الامن الوقائي الفلسطيني، بعد مفاوضات ماراثونية، بتهمة ارشاد طائرات الاباتشي الاسرائيلية على تحركات نشطاء كتائب الاقصى الامر الذي ادى الى اغتيال 6 من اعضاء الجهاز بقصف سيارة كانوا يستقلونها في رفح في 24 يونيو (حزيران) الماضي.

وكانت محكمة أمن الدولة حسب المركز الفلسطيني للاعلام، قد عقدت امس جلسة في خان يونس برئاسة العقيد عبد العزيز وادي للنظر في قضية الصبابي الذي عمل نائب رئيس اتحاد نقابة العمال في رفح، ومع قرب انتهاء الجلسة الأولى للمحكمة تعرضت خان يونس للقصف.

ومع حالة الارتباك والجلبة التي سادت قاعة المحكمة عند وقوع القصف كما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» أقدم أحد أبناء عائلة «ضحايا الصبابي» على اقتحام الغرفة التي احتجز فيها رجال الشرطة المتهم وإطلاق النار عليه وقتله.

يذكر ان كتائب القسام اختطفت حسب المركز الفلسطيني الصبابي من منطقة بئر قشطة في رفح بعد اربعة ايام على اغتيال نشطائها.

وقالت حماس في بيان توضيحي صدر عن جهازها الامني «مجد» بعد الملابسات التي وقعت بعد مظاهرات نظمها انصارها طالبوا فيها باعدام الصبابي، انه «تم ارتباط العميل بجهاز المخابرات الصهيوني عام 1998 عن طريق ضابط مخابرات الاحتلال «أبو فريد» وذلك في معبر ايرز (بيت حانون الفاصل بين شمال قطاع غزة واسرائيل) عندما كان يعمل في شركة ايجد الصهيونية للحافلات». وكشف البيان «أن الصبابي كان مكلفا بمتابعة العديد من المجاهدين والمناضلين من جميع التنظيمات الوطنية والإسلامية كما كلف بمتابعة الشهيد القائد ياسر رزق قبل أسبوعين من استشهاده». وكشف البيان ايضا النقاب عن أن الصبابي «كان ينتظر ويتابع الشهيد في يوم الاستشهاد من لحظة خروجه من المنزل حتى إعطاء الإشارة لضابط المخابرات وقام بإعطاء المواصفات الكاملة للسيارة التي استقلها الشهيد و إخوانه». واوضح البيان «ان العميل اعترف بكافة حيثيات المتابعة التي قام بها ونتحفظ حاليا على الإدلاء عنها للدواعي الأمنية حتى انتهاء التحقيق. وضبطت بعض الأوراق في جيبه تؤكد إدانته في التورط بالقضية. واعترف العميل بأنه مكلف بمتابعة أحد المجاهدين الذي تم اعتقاله على الحاجز المؤدي إلى غزة». وقال مركز الاعلام ان مصادر مطلعة كشفت «أن الطريق التي قادتهم للتعرف على هوية العميل الخائن كانت بواسطة صبي لا يتجاوز الثالثة عشرة من عمره حيث كان يراقب المجاهدين ويسجل تحركاتهم بجوار مبنى «السنتيشن» القريب من منزلهم وشاهد ذلك الصبي رجلا ضخم الجثة يعلو وجهه شنب يتحدث بجهاز ارسال وفي يده الأخرى هاتف جوال وسمعه يقول إن السيارة لونها أصفر وتحمل رقم كذا وكذا والهدف تحرك باتجاه الشرق، وحينها وقع الهاتف من العميل مما شد انتباه الصبي الذي قام بدوره بإعطائه الجوال والتأكد من شخصيته. وبعد أن سمع الصبي قصة الشهداء ظل يراوده ذلك المشهد حتى قادته تحركاته إلى جهاز الرصد القسامي الذي قام بدوره على أكمل وجه واستطاع في فترة وجيزة من القبض على العميل والتحقيق معه وكشف خيوط الجريمة».

وكانت القيادة العامة لكتائب القسام قد أصدرت بيانا رسميا حول تسليم عبد الحي ذياب الصبابي (الملقب بـأحمد) المتهم الرئيسي باغتيال رزق ومن معه من اعضاء الكتائب لجهاز الأمن الوقائي في رفح لتخفيف حدة التوتر بين انصارها الذين هاجموا مركزا للشرطة، قالت فيه «إن التسليم كان بقرار من القيادة العليا لكتائب القسام في قطاع غزة التزاما بقرار قيادة حركتنا الراشدة حماس وبناءً عليه نوجه دعوة للاخوة المجاهدين في خلايا القسام في رفح الصمود للالتفاف حول قيادتهم التي لم تدخر جهداً في إلقاء القبض على المتهم الرئيسي في اغتيال المجاهدين والتحقيق معه، كما ندعوهم لصب جام غضبهم على العدو الصهيوني». وفي القدس المحتلة زعمت اسرائيل بان القوات الاحتلال اسرت فلسطينيا كان في طريقه لتنفيذ عملية فدائية. واستخدمت هذه الذريعة للتأكيد على ضرورة بقاء الجيش الاسرائيلي في مناطق السلطة الفلسطينية التي اعاد احتلالها منذ اكثر من 5 اسابيع بحجة منع مثل هذه العمليات. وقالت متحدثة باسم الجيش ان «الارهابي اطلق النار على سيارات جيب للجيش خارج قرية عانين ولكن الجنود سيطروا عليه واستجوبوه. وقادهم الى حزام ناسف خبأه في مكان قريب ونعتقد انه كان ينوي تفجيره في وقت لاحق في اسرائيل».

وادى هذا الحادث الذي وقع في ساعة متأخرة الليلة الماضية الى وضع وسط اسرائيل في حالة تأهب ليذكر الاسرائيليين بامكانية وقوع هجمات رغم الاغلاق العسكري الاسرائيلي شبه الكامل للضفة الغربية وحظر التجول المفروض على مئات الالاف من السكان الفلسطينيين في اطار حملة ما يسمى بـ«الطريق الحازم».

وقال اري ميكيل المتحدث باسم وزارة الخارجية «يواصل ذلك تأكيد مدى اهمية ان يبقى جنودنا حيث هم في المناطق المختلفة من اراضي السلطة الفلسطينية لمنع هؤلاء الارهابيين من مواصلة انشطتهم الاجرامية».

وتواجه اسرائيل ضغوطا اميركية واوروبية وحتى عربية لتخفيف الضغط ورفع الحصار عن اكثر من مليون فلسطيني في الضفة الغربية، ولكنها وبدلا من ان تذعن للضغوط اعادت حظر التجول وصعدت من الاجراءات الامنية. وتكتفي قوات الاحتلال برفع حظر التجول لبضع ساعات فقط تسمح للمواطنين فقط بشراء المواد الغذائية الاساسية. ونقلت اذاعة الجيش عن مسؤول عسكري رفيع المستوى قوله ان فرض حظر التجول رهن بالوضع في كل مدينة.

واضاف ان «الجيش سيخفف من ضغوطه بقدر استتباب الهدوء».