موساوي يرهق القاضية الأميركية التي تنظر قضيته بسيل من الطلبات وأحيانا إهانات

المحققون يدرسون عرائضه الكثيرة لضمان خلوها من رسائل ومراقبون يعتبرونها محاولة ذكية للوصول إلى وسائل الإعلام

TT

هي ليست من نوع العرائض التي يتعلم الناس كتابتها في كليات القانون. ففي احداها التماس لـ«توضيح الاهداف الخفية للمؤامرة»، وفي ثانية طلب لايقاف الكوميديا السخيفة، والمهزلة القضائية التي تديرها دي جي برنكيما، وفي اخرى تأكيد لـ«حب للحياة للدفاع عن حقي في حياة طويلة سعيدة على هذه الارض، ( مع اربع زوجات)».

منذ ان نال زكريا موساوي، المتهم بانه كان سيكون الخاطف الانتحاري رقم 20 في هجمات 11 سبتمبر، الحق في الدفاع عن نفسه شخصيا الشهر الماضي، اخذ يسطر عشرات العرائض الغريبة العناوين، المكتوبة بخط يده، وذلك بمعدل يصل الى 11 عريضة في اليوم الواحد.

وتوجه هذه العرائض نيرانها لكل من له صلة بمحاكمة موساوي من مدعين وموظفين في مكتب المباحث الفيدرالي والمحامين السابقين لموساوي والقاضية الفيدرالية برنكيما. وربما يكون سيل العرائض قد اصاب برنكيما بارهاق شديد اذ بدأت تعبر عن ضيقها المتزايد بموساوي. وفي يوم الثلاثاء الماضي، رفضت برنكيما الاستجابة لثماني طلبات، على اساس ان «موساوي ظل يرفع عرائض مكررة تناقش قضايا سبق للمحكمة ان فصلت فيها».

وتراجع القاضية كذلك حكما كانت قد اصدرته الشهر الماضي قضت فيه بأهلية موساوي للدفاع عن نفسه. وستكون الطريقة التي كان سيتصرف بها عاملا حاسما فيما اذا كانت ستسمح له بالاستمرار في تمثيل نفسه.

جاء في الحكم الذي اصدرته برنكيما الثلاثاء الماضي «عبر المتهم عن عزمه على عدم قبول أي شيء يبعث به اليه محاموه. ويمثل عناده في عدم التعاون باي مستوى مع محاميه عقبة امامه لصياغة دفاع فعال عن نفسه».

ويواجه موساوي (34 عاما)، عقوبة الاعدام في اربع من التهم الست الموجهة اليه. وهو كان بالسجن في 11 سبتمبر (ايلول) الماضي بمقتضى تهم بمخالفة قانون الهجرة بعد ان حاول تلقي دروس في الطيران في منيسوتا. ومن المتوقع ان تبدأ عملية اختيار هيئة المحلفين في قضيته يوم 30 سبتمبر (ايلول).

ويعمل فريق محاميه، الذي يرأسه المحامي العام فرانك دونهام، في دراسة القضية باعتباره فريقا احتياطيا، وهم مستعدون للعودة للدفاع عن موساوي بصورة كاملة اذا دعتهم القاضية الى ذلك. وكان اعضاء الفريق قد ذكروا ان موساوي يعاني من عقدة الاضطهاد «البارانويا»، ولذلك لا يستطيع ان يدافع عن نفسه. ولم يكن من الممكن اول من امس الاتصال بدونهام للتعليق على هذا الامر.

ويقول موساوي عن محاميه دونهام: المحامي الذي يمثل الموت. وقد رفض ان يقيم اية علاقة مع المحامين باعتبار انهم معينون من قبل الحكومة لقتله. ووصل به الامر الى رفض اوراق بيضاء ارسلها اليه المحامون لتمكينه من كتابة المزيد من العرائض.

وقالت البروفيسورة ايرا روبنس، استاذة القانون بالجامعة الاميركية، المتخصصة في القانون الجنائي والتي تابعت قضية موساوي منذ البداية: «ارى رجلا على درجة عالية من الذكاء يحاول استخدام النظام القانوني لاهداف تتخطى كثيرا اعتبارات خطيئته او براءته. دعونا نفترض انه يعرف تماما انه سيدان، وان هذا الامر لا يعني شيئا بالنسبة اليه. انه في هذه الحالة يستغل الفرصة لمخاطبة وسائل الاعلام العالمية».

ويقوم المسؤولون الحكوميون بمراجعة عرائض موساوي للتأكد من انه لا يبث رسائل من خلالها. وفي مرشد الجهاد الذي اصدرته «القاعدة» والذي عثرت عليه السلطات في لندن قبل عدة سنوات، هناك تعليمات لاعضاء القاعدة بارسال معلومات والشكوى من سوء المعاملة في السجون.

ويركز محامو موساوي حاليا على ادعائه بان مكتب المباحث الفيدرالي (اف بي آي)، الذي يسميه (محكمة التفتيش الفاشية)، كان يتابعه ويتابع الخاطفين الـ19 قبل هجمات 11 سبتمبر. وقال ان عملاء «اف بي آي» زرعوا جهازا داخل مروحة صغيرة ووضعوها بصورة سرية داخل سيارته. كما قال ان العملاء البريطانيين داهموا شقته قبل حضوره الى الولايات المتحدة، وان الاستخبارات الاميركية كانت تراقب محادثاته. ويصر موساوي على ان مسؤولي «اف بي آي» يحاولون اخفاء معرفتهم المسبقة باحداث 11 سبتمبر. ومع انه ينكر أي دور له في تلك الهجمات، الا انه يعبر عن اعجاب شديد باسامة بن لادن ويلقبه بـ«أسد الله» ويقسم باسمه في نهاية العرائض.

وتكشف بعض العرائض التي سطرها موساوي عن جهله بنظام المحاكم الاميركية. وقد حاول في لحظة من اللحظات ان يقول انه لن ينفي التهم الموجهة اليه، غير واع بأن عدم النفي لا يختلف كثيرا عن الاقرار بالذنب. وقال موساوي انه يخشى ان يحكم عليه المحلفون بالاعدام اذا اقنعهم الادعاء بعلاقته بـ«القاعدة».

وتحتوي العرائض كذلك على حس بالفكاهة لا يتقيد كثيرا بقواعد السلوك المهذب. فهو يقول ان برنكيما مجنونة واقترح ارسالها الى مركز «ا.ب.ل» للعلاج النفسي وهذه هي الحروف الاولى لاسم اسامة بن لادن. وقال لها وهو يتهمها بالقضاء على فرصه في النجاة «صدقيني ان الهبوط هو الصعب، واقول لك ذلك وانا طيار».

ولكن من الواضح ان برنكيما التي اعطت موساوي فرصة كاملة في التعبير عن آرائه في هذه المرحلة، لن تسمح له بقول كل ما يخطر على باله امام هيئة المحلفين.

* خدمة «يو اس ايه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»