مصدر إسرائيلي: شارون وبوش مستعدان للاكتفاء بمنصب «رئيس فخري» لعرفات

السلطات الإسرائيلية تؤجل لقاء بيريس مع وزراء فلسطينيين وتلغي التسهيلات بسبب عملية تل أبيب

TT

يبدو أن الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي، ارييل شارون، باتا على اقتناع بأن طلبهما من الشعب الفلسطيني استبدال الرئيس ياسر عرفات غير واقعي ومن المستحيل التجاوب معه، لذلك يبديان الاستعداد حاليا لقبول صيغة يكون فيها عرفات رئيسا فخريا بلا صلاحيات وينتخب بصلاحياته رئيس حكومة.

هذا ما كشفه مسؤول إسرائيلي مطلع، أمس الخميس، وأضاف: «معظم السياسيين في إسرائيل وقسم من السياسيين الأميركيين يؤكدون أن هذا المطلب يعزز من مكانة عرفات ولا يضعفها. لذلك يضغطون باتجاه الاكتفاء بنزع صلاحياته، من دون التعرض لشخصه أو لمقعده».

وحرص المقربون من شارون، أمس، على عدم نفي هذا النبأ. ولكنهم في الوقت نفسه راحوا يطرحون شرطا جديدا، بعد أن أعلن وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية نبيل شعث، أن رئيس الحكومة الفلسطينية سيعين بأمر رئاسي. وأن هذا الأمر لن يتم قبل الانتخابات المقبلة وإعلان الدولة الفلسطينية. ورد مساعدو شارون بالقول: «إن على رئيس الحكومة الفلسطينية أن ينتخب من الشعب بانتخابات مباشرة أو من المجلس التشريعي وليس بالتعيين الرئاسي. فإذا تم تعيينه بأمر من عرفات، فإن ذلك يعني أن شيئا لم يتغير. وأن عرفات سيبقى رئيسا فعالا وفعليا، وهذا يتناقض تماما مع مبدأ الإصلاحات ومع مضمون خطاب الرئيس جورج بوش».

يذكر أن الحكومة الإسرائيلية قررت، في منتصف الليلة قبل الماضية في أعقاب العملية الانتحارية المزدوجة في تل أبيب، الامتناع عن الاتصالات السياسية مع الفلسطينيين وتأجيل اللقاء الذي كان مقررا عقده صباح اليوم بين وزيري الخارجية شيمعون بيريس، والشؤون البرلمانية، داني نافيه، من جهة وبين أربعة وزراء فلسطينيين هم: صائب عريقات (وزير الحكم المحلي) وسلام فياض (المالية) واللواء عبد الرزاق اليحيى (الداخلية) وماهر المصري (التجارة والصناعة).

كما أعلن وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، أنه كان ينوي رفع عدد تصاريح العمال الفلسطينيين في إسرائيل من 5000 إلى 30 ألفا. ولكنه قرر الآن إلغاء كل تصاريح العمل وتجميد العديد من التسهيلات الأخرى التي استعد لإعلانها مثل تخفيف حظر التجول والسماح بالتنقل بين بلدة وأخرى وفتح الطريق أمام المنتوجات الفلسطينية للتسويق في إسرائيل وغيرها.

وصرح بيريس، بأنه كان قد أنهك تعبا وتوترت أعصابه وهو يعمل على إقناع شارون والوزراء الآخرين بقبول فكرته في ضرورة إجراء اتصالات سياسية مع الفلسطينيين وتخفيف المعاناة. وقال «لكن موتورا (يقصد فدائيا) واحدا أو اثنين في الطرف الفلسطيني، تمكنا من نسف كل جهودنا. وهذا مؤلم جدا.. يدل على أن أرباب الإرهاب الفلسطيني ليسوا معنيين بمصالح شعبهم، بل يتمتعون بمعاناة هذا الشعب، ويعملون بمثابرة غير عادية على تدمير مستقبله».

من جهة ثانية أعلنت الشرطة الإسرائيلية وقيادة الجيش عن حالة استنفار شاملة في إسرائيل، من دون تحديد منطقة معينة، وذلك بعد أن كانت قد أعلنت الاستنفار أول من أمس في القدس بالذات وفي مقر الكنيست، بينما وقعت العملية الانتحارية في تل أبيب.

وعلم أن رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والأمن الداخلي أمروا بإجراء تحقيق معمق حول العمليتين الفلسطينيتين الأخيرتين اللتين وقعتا على يومين متتاليين: الثلاثاء في مستوطنة عمانوئيل والأربعاء في تل أبيب. وموضوع التحقيق هو: كيف تمكن الفدائيون الفلسطينيون من إعداد المواد المتفجرة والأسلحة واختراق نظام حظر التجول ومغادرة البيت والحي والقرية والمنطقة والوصول إلى مناطق إسرائيلية كهذه، إذ أن المستوطنة محصنة للغاية وتوجد فيها عدة نقاط مراقبة عسكرية، وتل أبيب بعيدة عن الحدود وللوصول إليها يحتاج المرء إلى عبور عدة حواجز عسكرية.

يذكر أن عملية تل أبيب وقعت في العاشرة والثلث من الليلة قبل الماضية في منطقة محطة الباصات المركزية القديمة، التي تحولت إلى حي يسكنه العمال الأجانب الشرعيون وغير الشرعيين، في قلب المدينة. وكانت فيه دورية شرطة خلال الانفجار. ولا يعرف بعد كيف وصل إليه الفدائيان الفلسطينيان من تنظيم الجهاد الإسلامي. ومن التحقيقات الأولية يستدل أن كلا منهما حمل عبوة صغيرة. وفجر الأول نفسه أمام حانوت لبيع البذورات والحلويات ثم فجر الثاني نفسه بعد ثوان، وهو على بعد 10 ـ 15 مترا من الأول.

أدى الانفجار إلى مقتل الفدائيين ومعهما مقتل عاملين أجنبيين ومواطن إسرائيلي. ووصل عدد الجرحى إلى 36، عشرة منهم عمال أجانب. وقد بقي للعلاج في المستشفى حتى مساء أمس 18 جريحا، جراح أربعة منهم ما زالت خطيرة.

أما عملية عمانوئيل، فما زالت قوات الاحتلال الإسرائيلي عاجزة عن إلقاء القبض على كل أفراد الخلية التي نفذتها. وقال ناطق عسكري إن الجيش قتل اثنين منهم وألقى القبض على اثنين ولكنه يعتقد أن هناك واحدا أو اثنين آخرين ما زالا مختبئين في الوديان المحيطة بالمستوطنة. ولليوم الثالث على التوالي تفتش قوات الاحتلال عنهم.

وقامت قوات الاحتلال أمس بمواصلة عمليات اقتحام البيوت في عدة مناطق وأعلن عن اعتقال تسعة أشخاص في الضفة الغربية وستة في قطاع غزة. واقتحمت بيتا في عصيرة الشمالية زعمت أنه مختبر لصنع المتفجرات وقامت بنسفه. وفعلت الشيء ذاته في خان يونس. وعثرت قوات الاحتلال على عبوة ناسفة قرب الخليل لم تنفجر، وزعمت أن أحد المعتقلين اعترف بها. واقتحمت قوة جامعة الخليل، التي فتحت أبوابها أمس لأول مرة منذ ثلاثة أشهر للتسجيل للدورات الصيفية.

يذكر أن منع التجول، الذي يعني حبس أكثر من مليون فلسطيني داخل بيوتهم، قد رفع بشكل جزئي ولمدة 12 ساعة في النهار في كل من رام الله وجنين وقلقيلية والخليل وبيت لحم، فيما رفع لست ساعات في نابلس، ثم أعيد في الليل ليشمل جميع المدن، باستثناء أريحا.