منفذا تفجير المدمرة كول ادعيا أنهما تاجرا أسماك ولم يختلطا بالجيران

كانا يدخلان ويخرجان في الليل ولم يدفعا إيجار شهر أكتوبر

TT

اشار جيران الشخصين العربيين اللذين استأجرا شقة في العمارة الواقعة في 9 جبل الصخرة في ميناء عدن، والمشتبه في قيامهما بتنفيذ عملية الاعتداء على المدمرة الاميركية كول، الى بعض الاشياء التي تميزهما حتى بين مجموعات السكان الذين يعيشون في تلك الاحياء المتهالكة.

ومن بين تلك الاشياء اللهجة الغليظة التي يتحدثان بها، بالاضافة الى اللحية الاسلامية الطابع للرجل الذي وقع على عقد استئجار المسكن لمدة سنة واسمه عبد الله احمد خالد المسوع، وهو رجل يميل الى السمنة ويرتدي نظارة طبية سميكة. اما الرجل الاخر فبذقن (صغيرة) وهو اسمر يتراوح عمره بين 25 الى 28 سنة.

وفيما عدا ذلك اشار الجيران الى ان ما لفت انظارهم هو هوس الرجلين بالخصوصية وكميات الطعام البسيطة والمحدودة التي يشترونها من السوق المحلي، بالاضافة الى خروجهما وعودتهما من المنزل وسط الليل.

كما اشار الجيران الى التناقضات. فقد ذكر الرجلان انهما من تجار السمك، غير ان العاملين في سوق السمك لا يتذكرون انهم شاهدوهما على الاطلاق.

كما لاحظ السكان التناقض بين قناعتهما الاسلامية الواضحة وانهما لم يشاهدا على الاطلاق في المسجد الجديد الواقع على بعد 100 خطوة من التل.

غير ان كل تلك الملاحظات لم تلفت الانتباه الا بعد اختفاء الرجلين قبل فجر 12 اكتوبر (تشرين الاول) وهو اليوم الذي ارتطم قارب الرجلين المحمل بالمتفجرات بالمدمرة الاميركية كول في الميناء وهو الحادث الذي ادى الى مقتل 17 جنديا اميركيا واصابة 39 بجراح. والان وبعد شهادة شهود العيان ووصف ملامح الشخصين اللذين كانا في القارب الذي ارتطم بالمدمرة كول واللهجة الغليظة وملابسهما اكد الجيران انهما نفس الشخصين اللذين استأجرا الشقة. وطبقا لشهادة صالح شايف مالك المنزل المجاور للمنزل رقم 9 فإن الغريبين لم يشاهدا تقريبا خلال النهار. ولم تزيد كلماتهما عن مرحبا ومع السلامة.

ولكنه قال انهما كان مثل كل من يعيش في جبل الصخرة، مهاجرين من اليمن الشمالي وعرب من جنسيات اخرى يتاجرون في الاسماك والاسلحة وغيرها من البضائع المهربة.

وقال شايف «ما الذي سأستفيده من سؤالهما عما يفعلان ولماذا هما هنا؟ كانا سيقولان لي لا تتدخل في ما لا يعنيك. على اية حال لا نتدخل هنا في حياة بعضنا البعض. نذهب للفراش بعد صلاة العشاء، ولذا لم تكن هناك فرصة للحديث معهما.

وبعد 18 يوما من الحادث لا تزال زيارة لحي جبل الصخرة تضيف بعض المعلومات الجديدة الى المعلومات المتوفرة التي يطالب مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي والمحققون اليمنيون بعدم الافصاح عن معلومات قبل اوانها. وقد اتاحت زيارة الحي التي قمت بها بمصاحبة مرافق يتحدث العربية ومتحررا من القيود التي فرضتها السلطات الامنية اليمنية على الصحافيين الاميركيين. وقد اتاحت هذه الزيارة رؤية ـ لاول مرة ـ للحياة الشخصية والدينية لمنفذي العملية. وتبدو الشقة التي اقاما بها في جبل الصخرة هي المخبأ الطبيعي لما كانا ينويان القيام به. فهي تقع على ارتفاع 600 متر في جبل شمسان الذي يطل على عدن. وتطل الشقة على ميناء عدن، على بعد اقل من ميل حيث يمكنهما مشاهدة مواقع التموين بالنفط العائمة المعروفة باسم الدورلفين، التي استخدمت اكثر من عشرين مرة منذ ابريل (نيسان) عام 1999 عندما بدأت السفن الحربية الاميركية، في استخدام الميناء لاعادة التزود بالوقود.

وطبقا لما كشف عنه المسؤولون في الاسطول فإن ذلك يعني ان منفذي العملية امكنهما مراقبة وتوقيت على الاقل 6 سفن حربية اميركية زارت عدن للتزود بالوقود في الفترة ما بين شهري يونيو (حزيران) واكتوبر (تشرين الاول)، بما فيها السفينة المماثلة لكول وهي باري التي زارت عدن في اواخر شهر اغسطس (آب) الماضي.

وبعد زيارة جبل الصخرة ووصف الجيران لملامح الرجلين اللذين اقاما في الشقة، يبدو ممكنا بل ومحتملا انهما نفس الرجلين اللذين نفذا العملية. بعد ان استأجرا تلك الشقة والمنزلين الآمنين في عدن الصغرى حيث تم وضع الشحنة المتفجرة في القارب المصنوع من الالياف الزجاجية.

غير ان مكتب التحقيقات الفيدرالي والمحققين اليمنيين لما يتمكنوا بعد من معرفة ما اذا كانت هناك مجموعة اخرى ساعدتهما في ما عدا النجار واللحام اللذين تم القبض عليهما، وما اذا كان منفذا الهجوم عملا بمفردهما او انهما ضمن مؤامرة اوسع.

واوضح صاحب المنزل واسمه يحيى ان الرجلين يتحدثان بلهجة عربية غليظة مما يشير الى انهما من حضرموت في شرق اليمن.

ولم يطلب الرجلان اية مساعدة من جيرانهما ودفعا ايجار ربع السنة الاولى مسبقا، ولكنهما لم يدفعا ايجار شهر اكتوبر.

وتجدر الاشارة الى ان مكتب التحقيقات ورجال الامن اليمنيين يتكتمون تكتما شديدا على القضية، ولذا فمن غير المعروف كم المعلومات المتوفرة لديهما. كما حرم اليمنيون على رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي التحدث مباشرة مع الشهود او المشتبه فيهم.

*خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»