بوش استغل اللقاء العائلي بينه وبين الأمير بندر في مزرعته بتكساس ليؤكد مجددا على قوة ومتانة العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية

الرئيس الأميركي كرر أن صدام حسين مصدر خطر وتهديد والرياض تمسكت بموقفها المعارض للعمل العسكري

TT

ابلغ الرئيس الاميركي جورج بوش خلال اجتماعه مع الامير بندر بن سلطان، سفير السعودية في واشنطن اول من امس ، بان الرئيس العراقي صدام حسين مصدر «خطر» و«تهديد» لكل من جيرانه في الشرق الاوسط والولايات المتحدة. ولكن بعد اللقاء الذي استغرق عدة ساعات اكد المسؤولون السعوديون ان موقفهم لم يتغير، وان الحرب غير مقبولة ولن يتعاونوا مع اي نشاط عسكري.

واستخدم بوش مناسبة اللقاء للتأكيد مرة أخرى على قوة ومتانة العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية. وقد جاء الاجتماع مع الامير بندر بن سلطان، سفير السعودية لدى الولايات المتحدة وصديق اسرة بوش منذ قبل حرب الخليج عام 1991، غداة الخطاب الذي القاه نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الاثنين الماضي وقدم فيه اقوى التلميحات حتى الان على ان الخيار العسكري هو اقوى الخيارات المطروحة في واشنطن لاطاحة صدام حسين. لكن البيت الابيض قال ان بوش ابلغ الامير بندر بانه لم يتخذ بعد قرارا بخصوص ما اذا كانت الولايات المتحدة ستمضي قدما في عمل عسكري لاطاحة الرئيس العراقي. وتعهد الرئيس بوش بالتشاور مع السعودية ودول اخرى قبل اتخاذ أي قرار بشأن ضرب العراق.

ووصف عادل الجبير، وهو أحد مستشاري الامير عبد الله بن عبد العزيز، نائب خادم الحرمين الشريفين، لقاء بوش والامير بندر بانه «اشارة قوية لكل من يعتقد ان ثمة عداء بين الدولتين». واشار الجبير الى ان بوش استقبل في مزرعته اربعة ضيوف اجانب فقط اثنان منهم من السعودية. وتحدث الجبير عن معارضة السعودية للحرب ضد العراق، مشيرا الى عدم وجود دولة في العالم تؤيد هذه الحرب. كما قال انه لا يوجد قرار دولي لشن هذه الحرب ولا تحالف يسندها. واضاف ان ادارة بوش لم تطلب اذنا لاستخدام القواعد السعودية او استخدام مجالها الجوي او حتى الخطوات الاخرى التي يمكن ان تساعد على تسهيل الحملة العسكرية الاميركية ضد العراق. وقال ان الولايات المتحدة لم تتخذ قرارا بالحرب بعد، ونوه ايضا الى ان الحديث عن استخدام القوة لا يعني بالضرورة انه أمر وشيك الوقوع. واشار عدد من المسؤولين في الادارة الاميركية ـ من بينهم البعض الذين يخشون من ان الصقور في الادارة يحاولون الضغط على الرئيس بوش لاتخاذ قرار الحرب ـ الى ان حدة اللغة التي استخدمها تشيني فاجأتهم.

وقد غادر الامير بندر كراوفورد بدون اية تصريحات للصحافيين . وقد ابعد مراسلو الصحف عدة اميال من مكان الاجتماع. ولكن عقب انتهاء الاجتماع ظهر عادل الجبير، على شبكات التلفزيون الاميركي والتقى بمراسلي الصحف لكي يوضح ان الموقف السعودي بخصوص كيفية التعامل مع صدام حسين لم يتغير. وقال الجبير «توجد عملية جارية الان مع الامم المتحدة لاعادة المفتشين. اذا نجحت، يمكن تحقيق اهداف الامم المتحدة بدون اطلاق طلقة واحدة او خسارة حياة شخص واحد». واضاف «لا توجد دولة اعرفها تؤيد استخدام القوة ضد العراق هذه المرة».

غير انه لم يكن من الواضح ما اذا كانت تعليقات تشيني الاثنين الماضي تعني ان الادارة مهتمة بعودة مفتشي الاسلحة مرة اخرى الى العراق، كما تحث على ذلك السعودية وغيرها من الدول. وكان سفير الولايات المتحدة في الامم المتحدة جون نغروبونتي قد ذكر ان الولايات المتحدة لاتزال مهتمة بعودة المفتشين اذا تمكنوا من اداء عملهم بلا قيود ، وإن كان قد حذر «من ان سجل العراق في الماضي في ما يتعلق بهذه القضية لم يكن مشجعا». ولكن اذا تعاون العراق مع المفتشين فان هذا التعاون يمكن ان يصبح خطوة مهمة باتجاه نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية.

واوضحت وزارة الخارجية الاميركية ـ حيث يؤكد العديد من المسؤولين ان العمل العسكري سيضر بالمصالح الاميركية بدون دعم الحلفاء العرب والاوروبيين ـ انها لا تحاول حشد الدعم لخطة الحرب. وقال المتحدث باسم الوزارة ريتشارد باوتشر «لا توجد طبول حرب لقرعها». واضاف انه في اطار الادارة «يوجد قدر من الجدل والنقاش بخصوص كيفية التعامل مع التهديد الذي يمثله العراق .. وكما اوضح البيت الابيض، فإن الرئيس لم يقرر بعد. ولذا فلا توجد حاجة الآن للحصول على تأييد الناس، لا توجد طبول حرب لقرعها. ولا يوجد برنامج معين نحاول تمريره الان».

وقد اوضح المسؤولون السعوديون انهم ينظرون الى موضوع العراق بطريقة مختلفة تماما عن حرب الخليج. وقالوا ان تشيني اخطأ عندما قال انه اذا اقصي صدام حسين فإن المتطرفين سيفرون، وسيزداد دور المعتدلين، وسيتم دعم فرص السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وقال مسؤول سعودي «وجهة نظرنا هي ضرورة حل القضايا الاخرى اولا».

من الواضح ان لقاء بوش في مزرعته التي تصل مساحتها الى 1600 فدان مع الامير بندر كان مناسبة للتأكيد على متانة العلاقات مع السعودية اثر ما تردد اخيرا عن توترها. وكان بوش قد اتصل بالامير عبد الله بن عبد العزيز الاثنين الماضي لكي يؤكد له ان الادارة لا تتفق مع محلل من القطاع الخاص حث مجلس السياسة الدفاعية ، وهو هيئة استشارية تابعة للبنتاغون، للتوصية بفرض عقوبات على السعودية ووصفها بأنها عدو. وتجدر الاشارة الى ان الادارة تنصلت من تلك التوصيات منذ صدورها. واكد المتحدث باسم البيت الابيض آري فلايشر ان ما نقلته وكالة الانباء السعودية عما دار في المكالمة الهاتفية بين الرئيس بوش والامير عبد الله كان دقيقا. وقال ان الرئيس بوش اكد للامير عبد الله ان ما ورد في تقرير المحلل «لا علاقة له بوجهة نظر اي مسؤول في الادارة والحكومة الاميركية بمن فيهم الرئيس نفسه ووزير الدفاع او نائب الرئيس». وتابع ان الرئيس بوش والامير عبدالله تناولا خلال الاتصال الهاتفي عملية السلام في الشرق الاوسط وانهما لم يتطرقا الى موضوع العراق.

وقد استقبل بوش الامير بندر واسرته بحفاوة بالغة، وتناول الرئيس والسفير السعودي الغداء ثم قاما بجولة في المزرعة. واثيرت مواضيع اخرى في الاجتماع الخاص الذي استغرق ساعة بين بوش والامير بندر، الذي يعتبر واحدا من افضل السفراء الذين يملكون علاقات واسعة في واشنطن. وذكر المتحدث باسم البيت الابيض آري فلايشر ان بوش اثار قضية محددة تتعلق بقضية امجاد رضوان وهي فتاة اميركية في الـ19 من عمرها اخذها والدها الى السعودية وهي طفلة وغير مسموح لها بمغادرة البلاد بدون موافقة مكتوبة من والدها. وناشد بوش تدخل السلطات السعودية في القضية. وقال فلايشر ان الرئيس بوش والأمير بندر بحثا تعزيز السلام في الشرق الاوسط والحرب على الارهاب والتعاون السعودي ـ الأميركي والعراق.

*خدمة «نيويورك تايمز» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)