شبكة الإنترنت: ساحة جديدة للمواجهات العربية ـ الإسرائيلية

TT

برلين ـ أ.ف.ب: اصبحت شبكة الانترنت ميدانا لمعارك من نوع جديد في الشرق الاوسط كما في كل مناطق النزاعات الاخرى في العالم، وهي معارك يرى الخبراء انها ستقلب مقاييس الصورة المعتادة للحرب. فقد قام قراصنة معلوماتية اسرائيليون في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي باقتحام موقع حزب الله اللبناني ونشر عليه صورة علم الدولة العبرية. وردا على ذلك شن مناصرون لحزب الله وفلسطينيون هجمات من خلال اغراق مواقع اسرائيلية بالرسائل الطويلة، وبعضها يحمل فيروسات، وبعضها تسبب في ازدحام الملقمات.

وشملت المواقع التي تعرضت لهذه الهجمات المعلوماتية التي شلت العمل فيها لساعات طويلة الكنيست الاسرائيلي ووزارة الخارجية ومكتب رئيس الوزراء وحزب العمل (اليساري الحاكم) والمصرف المركزي والجيش.

ويقول خبراء في مجال الدفاع انها ليست المرة الاولى التي تشن فيها اطراف متنازعة مثل هذه الحرب على الانترنت مما يثبت ان حرب المعلوماتية اخذت بعدا كبيرا.

ويقول الجنرال الالماني فالتر جيرتس الناطق باسم حلف شمال الاطلسي في كوسوفو ان الحرب في الاقليم كانت اول نزاع ينتقل الى شبكة انترنت. وقال خلال مؤتمر نظمته الخميس الماضي اجهزة الاستخبارات الالمانية ان تبادل المعلومات والتلاعب بها تحول الى آلة حرب نفسية.

واعلن رئيس جهاز الاستخبارات الالماني اوغوست هانينغ ان كل الحكومات تقوم حاليا بتشكيل وتدريب جنود ـ قراصنة قادرين على المناوشة والتجسس على العدو من خلال الكومبيوتر، اضافة الى شن هجمات من بعد على البنى التحتية الحيوية.

وسبق ان وقعت هجمات كبرى على شبكة الانترنت خلال العام الماضي، فخلال حرب كوسوفو قامت اجهزة الدعاية الصربية باغراق اجهزة الكومبيوتر التابعة لحلف شمال الاطلسي بعشرة آلاف بريد الكتروني شلت انظمته على مدى ساعات عدة. وارسل المجلس العسكري الحاكم في بورما بريدا الكترونيا يحمل فيروسات الى كل معارضيه. وتعرضت عدة مصالح حكومية اميركية لهجمات خاطفة من مكاتب الطائفة الصينية المحظورة فالونغونغ لكن ثبت اخيرا ان مصدرها كان وزارة الامن العام الصينية. وحاول قراصنة عدة مرات السنة الماضية اقتحام مواقع اجهزة قاعدة سان انطونيو العسكرية الاميركية الجوية (تكساس) التي تتضمن معلومات حول الوحدات المتمركزة في البوسنة او الوحدات التي تقوم بمراقبة الاجواء العراقية.

وبالرغم من فشل هذه الهجمات الفائقة الدقة والتي تنسق من الخارج في دول مثل كندا او النرويج او تايلاند، الا انها دقت ناقوس الخطر لدى السلطات الاميركية التي قررت في ظل عدم وجود قوانين للحماية الدولية ان تكون الرائدة في مجال وضع اجهزة الانذار.

وافاد مدير مشروع في مجموعة اميركية مختصة بشؤون الارهاب، مايك ويرموث، ان الوكالات الحكومية الاميركية تقوم حاليا بتنسيق جهودها. وقال انه «قبل ثلاثة اعوام كنا مجردين تقريبا من كل وسيلة للدفاع».

ومن جهتهما وصف الخبيران جون اركيلا وديفيد رونفيلد من «راند كوربوريشن»، وهو مركز ابحاث دفاع اميركي، سيناريو حرب المستقبل. وقالا ان «قوى صغيرة نقالة مسلحة بمعلومات تلتقطها من الاقمار الصناعية ثانية بثانية ومراكز رصد على الارض ستضرب بسرعة البرق في اماكن غير منتظرة».

واضافا ان جيوش المستقبل ستشبه الى حد ما جيوش المغول في القرن الثالث عشر، فهي قليلة العدد لكنها قادرة على هزيمة اعدائها بفضل معرفتها التامة بساحة المعركة.

ويؤكد خبراء آخرون انه بالرغم من خطورة الهجمات على الانترنت الا انها تشكل بديلا للنزاعات التقليدية التي تسفر كل سنة عن مقتل آلاف الجنود والمدنيين.

وبعد النزاع في كوسوفو قال القائد السابق لقوات حلف شمال الاطلسي الجنرال الاميركي ويسلي كلارك ان شن هجمات على اجهزة المعلوماتية الصربية كان يمكن ان يوقف حملة التطهير العرقي التي قامت بها صربيا والحد من عدد الضحايا.

وتابع انه في عصر ترفض فيه الدول الغربية ان تلحق بها خسائر بشرية، فان الحملات التي تتم انطلاقا من المكاتب تضفي امانا اكبر على الجنود لكنها تقدم في الوقت نفسه سلاحا فعالا للضغط على العدو.