الدكتور نايف الشعلان عن قضية ميامي: التحقيق الذي أجرته السلطات السعودية أثبت براءتي وزيارة الكولومبي للرياض كانت لتمويل مشروع بتروكيماوي ثم انقطعت الاتصالات به منذ 4 سنوات

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الشرطة السويسرية ألقت القبض على إسرائيلي سرق حقيبته وتساءل عن سر التعتيم على أمر الطائرة الإسرائيلية

TT

تحدث الدكتور نايف الشعلان (سعودي) لـ «الشرق الأوسط» في أول لقاء له منذ اثارة اسمه في قضية خطيرة تناقلتها وسائل الاعلام الدولية، عن محنته التي يمر بها منذ أسابيع. فقد تناقلت بعض الصحف الأميركية ووكالات الأنباء في 18 يوليو (تموز) الماضي خبر اعتقال شخص اسمه مشابه لاسم نايف الشعلان في مطار ميامي وعلى متن طائرته الخاصة كمية من المخدرات. وقال الشعلان انه فوجيء بهذا الخبر عند وصوله إلى الرياض بعد رحلة عمل في سويسرا وبعض العواصم العربية، مؤكدا أنه ضحية مؤامرة من جهة معينة لا تستهدفه شخصيا بل بلده ايضا. وكشف الشعلان أبعاد قصته منذ مراحل الدراسة في ميامي التي خرج منها بشهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الدراسات الاستراتيجية، وكيف أنشأ بمساعدة طلبة آخرين مركزا اسلاميا وناصر قضايا في تلك الحقبة لا سيما جهاد الأفغان ضد السوفيات اضافة الى قضية فلسطين المحتلة، وقال انه كافح الغلو والتطرف والإرهاب من خلال برامج ودورات. كما تحدث لـ «الشرق الأوسط» عن حيثيات القضية الحالية ورحلته الى فنزويلا، وفي ما يلي نص الحديث:

* بداية، متى دخلت الولايات المتحدة، ولماذا؟

ـ في منتصف السبعينات ذهبت إلى الولايات المتحدة لإتمام دراساتي الجامعية وحصلت على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الدراسات الاستراتيجية الدولية المتقدمة وأنشأت بمساعدة الاخوة الطلبة والمقيمين المسلمين في ميامي مركزاً إسلامياً في الجامعة ومنظمة الطلبة العرب، قاومنا من خلالهما الإلحاد، وكانت لنا نشاطات دعوية وكنا نقيم المؤتمرات لنصرة قضايا الأمة في تلك الحقبة ولا سيما جهاد الأفغان ضد السوفيات ومحنة فلسطين المحتلة واحتلال جنوب لبنان حتى هددنا وحيكت المؤامرات ضدنا فاضطررت بعد إنهائي للدراسة في عام 1984 للخروج من أميركا وعدم الرجوع إليها ثانية منذ ذلك التاريخ.

* ماذا فعلت بعد ذلك؟

ـ عُدت إلى السعودية وبدأت أساهم بدوري في خدمة هذا البلد لنصرة الحق ولا سيما القضايا التي تهم البلاد استراتيجياً وبعض النشاطات الاقتصادية الخاصة، فمثلا ذهبت في عام 1991 إلى أفغانستان بمهمة خاصة لحقن دماء المسلمين وأصلحت بين القادة منعا للفراغ الأمني الذي ينتج عنه التطرف والإرهاب بينما كانت جهات أخرى تصنع طالبان. والآن وبعد 12 عاما عادوا إلى تنصيب قادة الجهاد الذين كنا نتفاوض معهم، أي إلى خطتنا الأولى فكنا بذلك سباقين بالنظرة الاستراتيجية، ولم أعد الى أفغانستان بعد عام 1991 لان بعض المتطرفين حاولوا إيذائي.

* ثم ماذا حدث عقب تلك الفترة ؟

ـ في نفس السياق توجهت عام 1998 إلى إيجاد نشاط مصرفي في جنيف بسويسرا لأنني استشعرت حينها أن المال العربي والمسلم مستهدَف، وأثبتت الأحداث اليوم صحة تلك النظرية.

* وماذا عن الأحداث الحالية؟

ـ تعود جذورها إلى سنة 1998 عندما أشرفت على دراسة وتمويل مشروع بتروكيماوي لصناعة مادة «بي اي تي» التي تحل محل مادة الـ «بي في سي» لأنه واكتشف أن هذه الأخيرة مادة مسببة للسرطان فأجريت الدراسة التقنية اللازمة بالاشتراك مع شركة ميتسووي اليابانية ثم دعوت عدة جهات محلية ويابانية وأوروبية وأميركية للاستثمار المشترك أو التمويل في ذلك المشروع، ومن ضمن هذه المحاولات اتصلت بسيدة أعمال أميركية، هي أم لأربعة أطفال تعمل في مجال الاستثمار العقاري في ميامي وسبق أن ابتعنا بعض الشقق في ميامي بواسطتها، وسألتها إن كانت تعرف أحداً في المجال الصناعي لتمويل هذا المشروع فأخبرتني بعد مدة أن زوج صديقتها يعرف رجلاً في مجال الصناعة من كولومبيا يرغب في تمويل هذا المشروع، فكان لقاء التعارف في ماربيا (اسبانيا) ثم دعوته إلى السعودية للتعرف على النهضة الحضارية والعلمية والعمرانية والصناعية والاجتماعية والبيئة الاستثمارية والقانونية لحماية رؤوس الأموال الأجنبية.

وقد أتى ومعه مدير أعماله الاسباني الجنسية والشخص الأميركي الذي عرفنا عليه والمرأة الأميركية التي كانت قناة الاتصال الاولى بيننا وطلبنا منه بعض الأوراق القانونية والثبوتية وتعريفا من بنوك يتعامل معها للتعرف على سلامته المالية والقانونية فوعد بإحضارها في الاجتماع التالي، وبعد مدة دعاني إلى جزيرة أروبا لإتمام المباحثات فذهبت، وفي اليوم الأول للاجتماع طلبت منه الأوراق الثبوتية السابقة الذكر، لكنه اعتذر عن عدم إحضارها فغضبت وتركت الاجتماع وسافرت وكانت تلك آخر مرة رأيته فيها.

* ثم ماذا حدث؟

ـ بعد سنة تقريباً قرأت في الصحف أنه (الرجل الكولومبي) كان يتاجر بالمخدرات بين كولومبيا وأميركا وان آخرين معه تفاوضوا مع السلطات الأميركية على تسليم أنفسهم فحوكموا وسجنوا. شكرت الله وحمدته على أنني لم أتعامل معه، وما حمانا منه هو الإجراء الدقيق في المعايير القانونية والمصرفية التي أطبقها.

* هل شعرت بأنك مستهدف؟

ـ منذ أن بدأت الأعمال المصرفية في سويسرا شعرت بأنني مستهدف ومراقب ولم أهتم بذلك على الإطلاق فأنا لا أخاف مراقبة الناس لي لأني أخاف من رب الناس. فلسفتي في ذلك أن من يراقبني لن يرى إلا أعمال الخير والمروءة والشهامة.. لذلك لا أهتم بمن يراقبني. لماذا مثلاً أثبتت الرقابة الدقيقة المجهرية التي تجريها الرقابة المصرفية في سويسرا سلامة نشاطنا على مدى خمس سنوات ؟ نكاد نكون المؤسسة المصرفية العربية الوحيدة في الغرب التي لم تتعرض للمساءلة خلال ما يسمى بالحملة على الإرهاب.

* هل حدث شيء آخر؟

ـ نعم منذ ثلاث سنوات سرقت حقيبتي من غرفتي في الفندق في جنيف فاستدعيت الشرطة وسجلت محضراً رسمياً بمحتوياتها من أوراق شخصية وأخرى للمصرف وبعض الاوراق الثبوتية ومال ومجوهرات، وبعد عام ونصف العام تقريباً ألقت السلطات السويسرية القبض على شخص اسرائيلي ومعه بعض الساعات التي أعطيتهم وصفها الكامل فوجدوا مجوهراتي ولم يجدوا أوراقي فتبين أن المقصود بالسرقة أوراقي وليست المجوهرات والمال.

* ثم ماذا؟

ـ في عام 1999 ذهبت في مهمة خاصة إلى فنزويلا وبنفس الرؤية الاستراتيجية اجتمعت مع بعض المسؤولين فيها وكانت النتيجة لها تأثير إيجابي هائل على المجريات الاقتصادية في السعودية والخليج وبعض الدول العربية ودول أخرى بفضل الله ومنته. عدت من ذلك البلد إلى السعودية مباشرة بدون المرور بأية دولة أخرى.

* هل ينقلنا هذا إلى أحداث يوليو (تموز) الماضي؟

ـ نعم. ففي يوليو كنت في طريق عودتي من رحلة عمل في سويسرا وبعض العواصم العربية إلى الرياض وأُخبرت بأنه صدر عن وكالة أنباء أميركية أنه ألقي القبض على شخص في مطار ميامي اسمه مقارب لاسمي، وعلى متن طائرته الخاصة كمية من المخدرات، وكان الناس يكلمونني للاطمئنان ظنا منهم بأنني المعني بهذا الخبر بينما كنت في الرياض في اليوم التالي أي في 19 يوليو. ثم تغيرت قصة الأمس كليا وقالوا إنهم صادروا لوحتين لفنانين مشهورين في نيويورك وإنهما دفعة لصفقة مخدرات تمت قبل أربع سنوات في فرنسا، وذكروا أربعة أسماء منها اسم قريب من اسمي. وفي 20 يوليو تقدمت امرأة اسبانية بثبوتية ملكيتها لهاتين اللوحتين منذ 18 عاما وأنها استقدمتهما إلى الولايات المتحدة بصورة رسمية لبيعهما فتراجعت السلطات الأميركية عن الاتهامين السابقين بعد أن قالت انه ليست لهاتين اللوحتين علاقة بالصفقة واعترفت السلطات الأميركية بخطئها.

* كيف تلقيت هذه الأخبار وماذا كانت ردة فعلك؟

ـ في البداية كانت الصدمة الكبرى والاندهاش لبضعة أيام ثم محاولة معرفة ما يجري ولماذا ومن وراءه. ثلاثة تصريحات رسمية متناقضة تماماً صدرت في ثلاثة أيام متتالية. هذا من ناحية طمأنني، فهو دليل على أن التهم مختلقة تماماً ولا صحة لها إطلاقاً. لكن من ناحية أخرى أقلقني ان من كان وراء هذه المؤامرة مصمم على المضي فيها وكلما تبين عور تهمة انتقل إلى اختلاق أخرى فكان لا بد من عمل ثلاثة أشياء في آن واحد: الاستفسار والتقصي عن ملابسات هذه التهمة وجذورها من ناحية، وطلب إجراء تحقيق رسمي من السلطات السعودية من الناحية الأخرى، وتعيين محام لمتابعتها قانونياً.

* ماذا عن الاستفسار والتقصي؟

ـ وجدنا أن القضية التي يتحدثون عنها حصلت منذ ثلاث سنوات ونصف السنة في فرنسا إذ ألقت السلطات الفرنسية القبض على عصابة فرنسية وبحوزتها مخدرات قالوا إن طائرة إسرائيلية أدخلتها، وفجأة كان هناك تعتيم كلي على الطائرة الإسرائيلية وحققوا مع شخصيات عربية حول هذا الموضوع وفتشت طائراتهم ولم يعثروا على شيء.

* هل طلبت إجراء تحقيق؟

ـ نعم لقد طلبت إجراء تحقيق رسمي من السلطات السعودية فشكلت لجنة من الجهات المعنية حققت في القضية، وكانت نتيجة هذا التحقيق أنني برئت كليا من هذه التهمة واستخلصوا استحالة حصول شيء كهذا من الناحية الإجرائية.

* هل وكلت محاميا؟

ـ بالطبع لقد وكلت محاميا في أميركا فأخبرني بعد الإطلاع على حيثيات القضية أنه لم ير تخبطاً كما في هذه القضية وان حيثياتها ليست قانونية وتناقضاتها واضحة، لكنه يشم منها وجود أجندة خفية يراد تمريرها ومفتاحها كلمة «التآمر» وهي مبنية على أقوال مجرمين مسجونين في قضايا أخرى عرض عليهم التخفيف من أحكامهم مقابل شهاداتهم على من يراد المساس به ومن قضايا سابقة لديه الإثبات أنه ممكن أن يلقنوا القول مقابل التخفيف من أحكامهم.

* ماذا تستنتج من ذلك؟

ـ أخي، الحدث في فرنسا وليس فيها قضية.. والقضية في أميركا وليس فيها حدث. الحدث قبل ثلاث سنوات ونصف السنة في فرنسا والقضية تثار اليوم في أميركا. الحدث في فرنسا «حدث فعل» والقضية في أميركا «قضية تآمر». طرح القضية كان حدثاً إعلاميا كبيرا وحيثيات القضية القانونية صغيرة. الشهود مجرمون بقضايا كبرى والمتهمون شرفاء لم يرتكبوا حتى الصغرى، هذه الحيثيات الواقعية للقضية وأما الاستنتاج فأتركه لك وللقراء.